قال الداعية الإسلامي الشيخ جابر البغدادي، إن للصيام ثلاثة مفاهيم؛ وهى عبودية وحرية وذاتية، ويجب على كل مسلم أن يدركها ويعلم مقاصدها، حتى يبلغ الدرجات العلى والمقام الرفيع.
وأضاف الشيخ جابر البغدادي، خلال أحد دروسه العلمية بمدينة بني سويف، أن المفهوم الأول للصيام هو الإمساك لعبودية لله عن كل حركة وفعل وسكون ليس من الحق للحق، والمفهوم الثاني هو الحرية لأجل أن تتحرر من احتياجك للشرب، إذ أن الله لما أمرنا بالامتناع عن المباح، كان يريد بنا عبوديه فى ثوب الحرية، والتحرر من احتياجنا للأشياء، والتحرر من عبوديتنا للكون، والتحرر من احتياجنا الى لقمة الطعام، والتحرر من احتياجاتنا للشهوه.
وأوضح أن ما بين الشهود والشهوة حروف صغيرة "الدال" و"الهاء"، وإذا انفتحت "الهاء" فتحها الله وحررك منها، وأصبحت "دال"، أصبحت شهود، وإذا أغلقت عليك "الهاء" وأحاطت بك الشهوات أصبحت شهوة، مبينا أن ما بين كلمة "شهود" و"شهوة" حرف واحد، "دال"، وهو دال الدلال،و دال الود، وإذا عشت فى منحنى الدال، منحنى أنك عبد لله سبحانه وتعالى تعبده متحررا من رق الأشياء وخرجت من دائرة هاء الشهوات وإحاطتها بك، وخرجت من الشهوه إلى الشهود.
وتابع الشيخ جابر البغدادي كلامه قائلا إن : كلما تحررت عن شهوة فُتح لك نافذة شهود، و أتيت إليك خليًا من صومي وصلاتي مع حججى، ولا أملك شيئا غير الدمع، وحتى الدمع لا نبكى بها ، ولا أملك شيئا إلا أن لى لسانًا ترجم بك لك، وكفًا انبسط بك لك يصف لك عجزى وأنت به أعلم، وما حيلتي والعجز غاية قوتى، لافتا إلى ضرورة الصوم بــ "لا حول ولا قوة إلا بالله".
وأضاف نصا: "ما حيلتى والعجز غاية قوتى، وأمرى جميعا تحت حكم المشيئة، وخلصني من أسر الطبيعة، واهدني بنورك يا الله وواصل قطيعتي، و إن كان جسمى عن جمالك قاطعي، فروحى نورٌ من جمالك مُدتِ"، إن كان جسمى هذا لا يحتمل أن تتجلى عليه، فروحى نورٌ من جمالك مدتِ، وكما خلقتها فيَّ، إحفظها وصُنها وربها فأنت ربى ليس لى إلاك ولا حول لى ولا قوة إلا بك".
وأشار إلى أن الصيام هو فناء وتحرر عن الشهوه وتدريب على الشهود، فالإمساك عبودية وحرية وذاتية عن كل قول وفعل وحركة وسكون لين من الحق للحق، فالامتناع هو عبودية لله لأنه أمر وحرية للتحرر من هوى النفس فى الأشياء، والتحرر من امتلاك الأشياء، فالعبد لا شئ يملكه غير سيّده، وأنت عبد لله اى انه ليس لك إلا ملكٌ واحد.
وأكد الشيخ جابر البغدادي، على أن الصيام خروجٌ من سيطرة الكون الى نور المكون، و خروجٌ من ضيق الكون الى فضاء المكون، و خروجٌ من الكون الى المكون، خروجٌ من الشهوة إلى الشهود.