رغم كبر سنها، وفقدانها نعمة النظر بإحدى عينيها، تعمل الحاجة نعمات 95 سنة، أكثر من 15 ساعة فى ظل حرارة الشمس الساطعة، على أحد أرصفة شوارع المنشية بمحافظة الأقصر، رغم صيامها، من أجل الإنفاق على 12 بنتا تعولهن بمفردها، دون مساعدة أحد.
تروي الحاجة 'نعمات محمد محمود' إحدى سيدات قرية البغدادي التابعة لمركز ومدينة البياضية، لـ' أهل مصر' قصة كفاحها ومعاناتها، قائلة: 'إنني أقوم بشراء عيش شمسي من إحدى سيدات قريتي لكي أجد به حسنة أستطيع من خلالها الإنفاق على بناتي الستة وبنات بنتي الستة المقيمين معي أيضا، حيث أننى أستيقظ مبكرا من السادسة صباحا، وأقوم بتجهيز أكياس العيش، ثم أحمل بضاعتي فوق رأسي وأقدم على ركوب المواصلات فى تمام السابعة صباحا، من أجل الوصول إلى مدينة الأقصر وبيع العيش على أحد الأرصفة هناك لكونه ممرا عاما يُقْدم عليه العديد من المواطنين، ثم أعود إلى منزلي عقب صلاة التراويح يوميا'.
وتُضيف السيدة التسعينية، أنها تقضي نهار رمضان بالشارع فى ظل حرارة الشمس اللهيبة، ورغم صيامها الشهر كاملا، موضحة أنها تفطر غالبا على المياه فقط عند آذان المغرب، حتى تستطيع توفير ما تكتسبه فى يومها من أجل شراء طعاما يكفي جميع أسرتها التي تعولها، لعدم حصولها على أى عائد شهري سوى الـ450 جنيه من الشئون التي تدفع منها أجرة فاتورة المياه، والكهرباء، والإنفاق على البنات، وأحيانا يأتيها أحدا من المارة ويقوم بتوزيع طعاما وشرابا عليها.
وتوضّح الحاجة نعمات، أنها تبيع بجانب الخبز، ليمون وبصل، للمواطنين، ومكسبها فى كيس العيش يبلغ نصف جنيه أو جنيه، لافتة إلى أنها قررت النزول بالشارع والعمل منذ أكثر من 35 سنة، عندما قام زوجها بتطليقها وترك لها 6 بنات معلقات فى رقبتها دون الإنفاق عليهن، أو النظر إليهن، مما جعلها تحمل أعبائهن وتقرر إعالتهن وعدم تعرضهن للسؤال، وتلبية كافة متطلباتهن.
وتابعت الأم بأسى: 'مش بشوف غير بعين واحدة لإن التانية كان فيها ظفراية ولما اتأخرت عليها علشان مش معايا حق العملية، تحولت إلى قرنية ودلوقتي مش بشوف بيها خالص، ولا فيه أسود ولا فيه أبيض ومحدش بيساعدني حتى بـ 5 جنيه'، مشيرة إلى أن الإقبال على بضاعتها قليل هذا العام بسبب غلاء الأسعار حيث أنها منذ صباح اليوم حتى آذان العصر لم تسترزق سوى ببيع كيس عيش واحد.
واستطردت أنها منذ يومين شعرت بالعجز عند عدم مقدرتها على فعل شيء عندما صاحت حفيداتيها الصغار بالبكاء أمام لشراء كساء العيد لهن كبقية أطفال الجيران ولم تمتلك سوى ترديدها 'ربنا هيفرجها ياماما ونجيب'، متابعة: 'هجبلهم منين! هو مكسب اليوم بركب بيه مواصلات وبشتري بيه فول مدمس ومخلل وعيش مصري علشان أوفرلهم لقمة عيش ياكلوها، ولسة المواسم، والعيد قادمين علينا'.
وأكدت الحاجة نعمات، أن 'منزلهم سقطت جدرانه ولم تمتلك حق سباتة بوص تحميها هي والـ12 بنت من الشمس، مناشدة المستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر، ورئيس مدينة البياضية والمسئولين بالنظر إليهم بعين الرحمة، وتقديم العون لهم فى إعادة بناء المنزل أو سقفه'.