بدأ دير القديسة دميانة والأربعين عذراء، بديرها العامر ببراري، القداس الألهي الثالث، اليوم الأربعاء، من الكنيسة الكبرى، وهو من أهم المعالم الأثرية القبطية بمحافظة الدقهلية.
ويقع الدير في منطقة شمال الدلتا، تلك المنطقة التي كانت العامرة بالأديرة القديمة والكنائس الكثيرة المنتشرة في كل مكان.
ويقصد الدير آلاف الزائرين لحضور صلوات القداس والمبيت بجوار الدير في أسبوع الاحتفال بمولد القديسة دميانة.
ويعد دير القديسة دميانة من الأماكن الدينية المميزة لدى الأقباط الأرثوذكس، حيث يوجد جسد القديسة دميانة و40 عذراء داخل قبر الدير ويقبل على زيارته آلاف الأقباط سنويًا للحصول على البركة.
فالقديسة دميانة عاشت بتولًا مع أربعين عذراء فى ديرها بالبرارى، بعد أن تركت قصر والدها الوالي مرقص وصولجانه لتتعبد بالدير، حيث أخلصت لرسالة المسيح ومحبته، وتوفيت شهيدة على يد الملك الرومانى 'دقلديانوس' الذي قتل في عهده آلاف الشهداء المسيحيين بعدما رفضوا العودة إلى الوثنية، وذلك خلال القرن الميلادي الثالث.
ويقع الدير في الأراضي التي كانت تتبع قديمًا جزءًا من مقاطعة مصرية تسمى 'إقليم البرلس' والذي يقع حاليًا بالدلتا بمنطقة البراري، واشتهرت تلك المنطقة بزراعة أنواع نادرة من الزعفران والحشائش العطرية الغالية القيمة، وحاليًا يتبع الدير جغرافيا مركز بلقاس غرب النيل ' فرع دمياط ' و يبعد عن مدينة بلقاس بنحو 12 كم .
ويذكر التاريخ أن العائلة المقدسة مرت أثناء زيارتها لمصر بالدير الواقع بمنطقة البراري قادمين من سمنود، وذلك في القرن الرابع الميلادى ، ولكون دماء القديسة دميانة والأربعين عذراء قد أُريقت في تلك الأرض لذا أصبحت هذه المنطقة مباركة ومقدسة لدى الأقباط.
والدير مقام بجوار مدينة الزعفرانة التي كانت بمثابة عاصمة لمنطقة البرلس وبها كرسي أسقفي، سكن فيها والدا القديسة، وكان والدها مرقس هو الحاكم عليها، وبنى فيها قصرًا للقديسة دميانة لتتعبد فيه خارج مدينة الزعفرانة.
وبعد استشهاد القديسة دميانة مع العذراى دُفنت أجسادهن في المكان الذي تعبدت فيه، إلى أن جاءت الإمبراطورة هيلانة أم الملك قسطنطين وبنت مقبرة خاصة بهن وكنيسة على هذه المقبرة وذلك أثناء قيامها ببناء كنيسة القيامة بأورشليم.
وفى القرن السادس، في عهد الأنبا يوحنا أسقف البرلس أعيد بناء الكنيسه ، وتحوى الدير مخطوطات عديدة في مكتبة الدير يعود تاريخ كتابتها إلى القرون الماضية .
ويوجد عمودان من الرخام وأيقونة كبيرة للقديسة دميانة، أسفلهما خزينة تضم رفات الشهيدة، حيث دفنت أسفل الكنيسة مع الأربعين عذراء
ووجدت رفات لهم فى عصر الإمبراطورة هيلانة، ثم جاء طوفان من مياه النيل اكتسح الدير وبقى فقط منه عمودان.
وكان أعاد الأنبا بيشوى الراحل عن نصبهما في عهده، تحوطهما الشموع من كل اتجاه و يأتي الناس من كل صوب وحدب ليقفون أمام تلك الشموع يطلبون شفاعة القديسة، ويوجد حول قبر القديسة، أيقونات أثرية، وأخرى حديثة، وزجاج معشق رسمته أيادى الراهبات بالألوان للقديسة دميانة والأربعين عذراء.
وأمام الكنيسة دير قديم كان مقرًا لرهبان الخدمة، وعمل الأنبا بيشوي أسقف الدير الراحل على الحفاظ على طابعه الأثري فرممه بنفس نوع الحجارة المستخدمة في بنائه بمساعدة وزارة الآثار، وعلى اليسار كنيستين أثريتين، الأولى تحمل اسم الأنبا أنطونيوس'أبو الرهبنة القبطية ' تم اكتشافها عام 1999 م ..
وصدر قرارًا من هيئة الآثار بإعادة بنائها مرة أخرى وأثناء إعادة البناء تم اكتشاف كنيسة أخرى وحملت اسم الأنبا بولا، وبنيت لهما القباب، فى مدخل الكنيسة الأولى مكانًا لغسل الأقدام يعود إلى تأسيس الدير حيث كان الرجال يغسلون أرجلهم فيه قبل الدخول إلى الكنيسة، ويربط بين الكنيستين ممر واحد .
وأسفل الدير وعلى مساحة كبيرة يوجد صهريج مياه آثري يعود إلى القرن الرابع الميلادي، ما زال محتفظًا برونقه حتى الآن بطول 35 متر، وعرض أربعة أمتار ونصف، تجري فيه المياه حتى اليوم .
وعلى الرغم من مرور السنوات الطوال الا إن الأقباط يصرون على تحية شهدائهم وتذكرهم في أعيادهم، فتقام لهم الليالي، وتذبح تحت أقدامهم النذور، وتوهب لهم العطايا، وتطلب منهم البركة.
وفي مولد القديسة دميانة تجد الباعة ومظاهر الموالد الشعبية مثل المراجيح والألعاب في محيط الدير أيضًا، ويستقبل الدير المسلمين أيضًا الذين يتبركون بتلك الزيارة، ويترأس الأنبا ماركوس أسقف الإيبراشية صلوات الليلة الختامية.