داخل محل صغير بشارع سيدي عمر، بمدينة دمنهور، في محافظة البحيرة، يقف عم فاروق سعد إدريس، ممسكا بيده المكواة الحديدية العتيقة، لكي ملابس الزبائن، متخذا من مهنته التي تعلمها أبا عن جد، وسيلة لكسب لقمة العيش، حتى أصبح أقدم مكوجي في دمنهور، وربما في البحيرة.
وأكد عم فاروق أنه ورث المهنة عن والده، وأجداده، منذ أكثر من 60 عاما، فعمره الآن 75 عاما، ويعمل في هذه المهنة منذ أن كان صبيا مع والده، لافتًا إلى أنه كان يعمل موظفا بمديرية الصحة بالبحيرة، قبل إحالته للتقاعد، ورغم وظيفته الحكومية فإنه كان يعمل بعد خروجه من عمله بمهنة كي الملابس، كما لفت إلى أنه عاصر وقت أن كانت أجرة كي القميص 10 قروش، وحتى وصلت الآن لـ5 جنيهات.
وقال عم فاروق إن مهنة كي الملابس بالمكواة الحديدية، من أقدم المهن الموجودة بمحافظة البحيرة، لكنها أوشكت على الاندثار، رغم أنها الأداة الصحيحة لكى الملابس، وعلى الرغم من ذلك مازال هناك الكثير الزبائن يحرصون على كي ملابسهم بها عنده حتى الآن.
وأضاف أن المكواة الحديدية تزن 5 كيلوجرامات، وتحتاج إلى تركيز شديد، حيث توضع المكواة داخل فرن موقد بالنار، ويعمل بغاز البوتاجاز، لمدة ربع ساعة حتى تسخن، وبعد ذلك تسحب لتبدأ عملية كي الملابس، كما أوضح أنه يختبر سخونة المكواة عن طريق بل إصبع يده بالمياه، ولمس المكواة، وبعد ذلك يبدأ في الكي، كما يبرد المكواة في إناء حديد مليء بالمياه، عند كي الملابس الخفيفة التي تحتاج لدرجة حرارة ضعيفة.
وعن مواكبته للتكنولوجيا الحديثة وتحويل المكواة الحديدية إلى مكواة تعمل بالبخار، قال عم فاروق: 'طالبني الكثير من أصدقائي بذلك لكني لا أفكر في تغيير ما ورثته عن والدي، لأني أحببت مهنتي بهذه الطريقة، مضيفا: 'ثم إن الكثير من الزبائن يأتون لي من مناطق بعيدة، لأنهم يفضلون المكواة الحديدية، ويدركون أهميتها فى إعطاء الملابس رونقا جذابا'.
وتابع: 'زبون زمان كان يهتم بضبط ملابسه وكيها جيدا، لكن زبون الآن لا يهتم بالوجاهة، لذلك يحرص عدد كبير من أبناء مدبنة دمنهور الكبار في السن على كي ملابسهم بالمكواة الحديد، لأن ذلك بالنسبة لهم اكتمال للوجاهة'.
واختتم عم فاروق حديثه قائلا: 'لهذا المحل تاريخ كبير في مهنة الكي بالمكواة الحديدية، ولم أتركه يوميا بالرغم من قلة الإقبال، كما سأظل أحافظ على هذه المهنة، وأعافر فيها لآخر يوم في عمري'.