في جنوب الأقصر تحديدا شوارع مدينة إسنا، تجد منظرا يخطف القلوب قبل الأنظار، ويسعد الصغار والكبار، حينما تجد شابا في ريعان شبابه يسير بالطرقات ماشيا على قدميه من أجل نشر البهجة والسعادة على قلوب الجميع، والأطفال يلتفون حوله بالتسقيف الضحك بكل فرحة ويتجولون معه الشوارع تحت لهيب الحرارة أثناء عمله وبحثه عن لقمة عيشه بالحلال، والذي جعل الجميع يعشقه من خلالها من الغربية إلى الأقصر.
الشاب
ورصدت عدسة «أهل مصر» قصة كفاح الشاب أحمد منصور، أحد أبناء كفر الزيات التابعة لمحافظة الغربية، أثناء عمله تحت لهيب الحرارة فى شوارع الأقصر منذ السادسة صباحا وحتى العاشرة مساءا، فى بيع البلالين بطبلة ومزمار صغير، من أجل الإنفاق على نفسه بعد أن وجد نفسه وحيدا فى الدنيا ليس له أب أو أم أو عائلة، فكانت الشوارع والعمل هي ملاذه الوحيد التي يتعايش بها مع رسمة دائمة على شفتيه جعلت كل من نظر إليه أحبه.
ابن الغربية فى شوارع إسنا بالأقصر
تركت مركزي ومحافظتي الغربية
ويقول الشاب المكافح لـ «أهل مصر»، أنني أبلغ من العمر 27 عاما، تركت مركزي ومحافظتي الغربية حينما لم أجد لي أهلا أو مكان أنام فيه وكنت حينها أعمل ببيع البلالين فركبت القطار بسلعتي ونزلت منه عند محطة محافظة الأقصر صدفة وظليت أجوب الشوارع وتعرفت على تاجر يعطيني كيس بلالين ابيعه ثم اسدد له حقه، لافتا إلى أن كيس البلالين الذي يتاجر بع توجد به 50 بلونة ويشتريه ب 500 جنيه ويكسب به 50 جنيه أحيانا وأخرى يخسرها ولا يجد فى آخر يومه ما يشتري به طعاما لتناوله سواء غداء او عشاء بعد رحلة سير بالشوارع لمدة 16 ساعة فى اليوم الواحد.
الشاب المكافح
وأوضح الشاب المكافح أنه يتعرض للتنمر من الشباب الطائش أحيانا حيث أنهم يقوموا برميه بالحجارة مما يصيبون بالوناته بالخرم الكبير التي لا تجعل الصغار يشترونها منه، ويتحمل هو حق هذه الخسارة، كما أنه يتحمل خسارة البالونات الطائرة فى السماء إذا أتت رياح شديدة ذات يوم وتسببت فى تطير عدد من البالون، مشيرا إلى أنه يضطر إلى تطير بالونات بيده أمام الأطفال حتى يجعلهم يصدقون بأن هذا البالون يطير فى الهواء لكي يقبلوا على الشراء منه.
الشاب
ولفت المكافح إلى أنه أختار هذه المهنة لعدة أسباب أولها لم يجد شيء غيرها أمامه ثانيها لإدخال البهجة والسرور على قلبه وقلوب المواطنين لاعتقاده بأن هذه الطبلة والمزمار ولمة الصغار والكبار حوله تنسيه همه وتعبه كما أنها تدخل الفرحة على قلوب الكبار وتجعلهم ينسون مأساة الحياة، قائلا:' الناس بتقولي تعالى فرحنا شوية احنا شايلين هموم الدنيا تعالى فرحنا عندما يروني بطبل فى الشارع' واللي عنده فرح بيقولي اروحله لكي أسعدهم بطبلتي وبيبعتلي عشاء وبتعشا ولو هما عاملين لحمة فى بيتهم بيبعتولي فى المكان اللي يعرفوني هقعد فيه.
وأكد الشاب المغترب أنه لا يوجد عنده مكان ينام به بل ينام بالشوارع على الرصيف أو نهر النيل أو داخل أى مسجد مفتوح صيفا وشتاء منذ 10 أعوام، ويقضي حاجاته بالشوارع إلى أن أصابه التعب والإرهاق، لافتا إلى أن أهل الخير بشوارع إسنا يطعمونه بما فى إيديهم حيث أن البعض يرسل له طعام على المسجد الذي يعلموا أنه بائتا به، والبعض الآخر يمنحه أى شيء يأكله حينما يراه ماشيا بالشارع بطبلته.
وتابع أحمد حديثه قائلا: «أنا متعلمتش أصلا و البلالين بستلفهم من صاحبهم وانزل ألف بيهم فى الشوارع علشان أفرح العيال يعني أنا لحد دلوقتي مديون بـ450 جنيه دول شاري بيهم بلاين، فى يوم جات شوية هواء طيرت مني البلاين ومقدرتش أقول لصاحب الشغل علشان ميقوليش إنت ميعتمدش عليك».
واختتم الشاب حديثه بتمنيه سكن من المسئولين بالدولة فى أى مكان لتعبه الشديد ومعاناته الشديدة منذ طفولته وعدم استطاعته تحمل أكثر من ذلك، خاصة بعد عمله الشاق وهو التجول بالشوارع بجميع محافظات جمهورية مصر العربية واستقراره بالأخير فى إسنا جنوب الأقصر منذ 10 أعوام، مطالبا بسكن يستريح فيه نهاية اليوم من إرهاق النهار حتى إذا كان هذا المسكن عبارة عن غرفة واحدة وحمام حتى يعيش كبقية الـمواطنين ويشعر بأنه إنسان مثلهم.