تقضي يومها بالعمل في المصنع، أما الساعات الباقية من اليوم فتجهز وتحضر لأولادها وزوجها جميع طلباتهم، تجلس معهم على منضدة صغيرة تساعدهم في الواجبات المدرسية، تكافح من أجل أبنائها الثلاثة الصغار، عملت منذ عامين في أحد المصانع بمنطقة الاستثمار بمحافظة بورسعيد، لتساعد وتساند زوجها.
ضحية حادث الدهس ببورسعيد
السيدة البورسعيدية 'هناء رزق' تبلغ من العمر 47 عامًا، شهيدة لقمة العيش وشهيدة القهر والحزن، والتي توفيت في حادث دهس يوم الأربعاء الماضي أمام عملها بمنطقة الاستثمار، ضحية سائق متهور.
مشرف المصنع رفض خروجها
تقول 'وفاء رزق' شقيقة شهيدة لقمة العيش، ودموعها تنزف على خدها: 'ماتت من ظلت تعطى وتكافح وتعافر مع الحياة، وتجتهد من أجل أولادها، ربما أراد الله لها الراحة بعد كل هذه المعاناة'.
واضافت شقيقة الضحية لـ'أهل مصر': 'يوم الأربعاء الماضي كانت شقيقتي في عملها بالمصنع، واتصلت بها لأخبرها بأن إدارة مدرسة الغرفة التجارية اتصلوا بي وأخبروني بأن ابنتها شاهيناز المقيدة بالصف الأول الثانوي العام، والتي تعاني من تعب لأنها مصابة بكهرباء بالمخ، وأنني ذهبت لاستلامها، لكنهم رفضوا تسليمها لي، وطلبوا ولي الأمر، بعدها حاولت شقيقتي أن تستأذن من المسؤول بالمصنع لتذهب إلى مدرسة ابنتها، لكنه رفض'.
إذن ساعة بالخصم
وأضافت شقيقة المتوفاة: 'عندما شعرت ابنة شقيقتي بالتعب طلبت من الأخصائية الاجتماعية بالمدرسة أن تتصل بي، وقالت لها ماما في الشغل اتصلي بخالتو تيجي تخدني للمستشفى، وبالفعل ذهبت، لكن إدارة المدرسة رفضت، وتعنتت في تسليمها لي، وأخبروني أنهم يقومون بتطبيق القانون، وممنوع تسليم الطالب إلا لولي الأمر فقط، الأمر الذي جعلني أتصل بشقيقتي وأخبرها بما حدث، لكن قلب الأم جعلها تقلق على ابنتها، فاستأذنت من المسؤول وحصلت على إذن ساعة واحدة بالخصم، وجاءت إلى المدرسة، واستلمت ابنتها'.
الوداع الأخير
وتابعت شقيقة شهيدة لقمة العيش: 'طلبت من شقيقتي أن تعود لعملها، وذهبت مع ابنتها إلى المستشفى، وبالفعل عادت هناء لعملها، بعد أن ودعتنا، كانت تحتضن ابنتها بقوة واحتضنتني أيضًا، وكأنه الوداع الأخير، وأثناء عودتها وهي تبكي من القهر الذي تعرضت له، دهستها سيارة نقل أمام عملها'.
ماتت من القهر
وأردفت شقيقة هناء: 'أختي ماتت قبل عملية الدهس، أختي ماتت من القهر والحزن الذي شافتوا، مسؤول مصنع رافض يخرجها ويحسب لها ساعة خصم من راتبها، وهو يعلم مدى احتياجها لكل جنيه، وأنها تعمل وتسعى بكل جهد من أجل أولادها، وكانت تشتكي من تعب يديها من كثرة العمل، فبدل أن يراعى ظروفها ويقول لها إن هذا اليوم إجازة مدفوعة الأجر حتى تشعر بالأمان وكان من المفترض أن يقول لها روحي لبنتك شوفيها، لكنه تعنت في خروجها، وخرجت ساعة بالخصم بعد إلحاح زملائها في المصنع، وكذلك تعنت إدارة المدرسة تسبب في كل ما حدث، نعم أدرك بأن هناك قانونًا ولوائح تطبق في المدارس، لكن هناك روح قانون وهي الأقوى'.
وأضافت: 'أريد حق شقيقتي أولًا من سائق السيارة النقل الذي دهسها وهو يقود بسرعة في شارع عام ورئيسي وأمام منطقة يعمل بها آلاف العمال، والذي حرمنا وحرم أولادها منها'.
واختتمت حديثها قائلة: 'سؤالي هنا للمسؤولين هل تقومون بعمل مطبات في الشوارع الرئيسية بعد وقوع الكارثة؟ فحادث كلية العلوم بعد دهس ثلاثة طلاب وسيدة، قمتم بعمل مطبات في الشارع أمام الكلية، أما منطقة الاستثمار فكل يوم نسمع عن حادث، فلما لا تقومون بعمل المطبات حتى الآن؟'.