ما أفعله مع ابنتي ليس شيئا غريبا ولا مستحيلا، ولا دور بطولة استحق عليه الشكر، إنه صبر وعزيمة، أمدني بهما الله سبحانه وتعالى، حتى أستطيع أن استكمل المشوار الطويل مع طفلتي التي تعاني من إعاقة بصرية، ومصابة بمرض العضم الزجاجي.
هكذا بدأت والدة الطالبة 'رضوى محمد العباسي'، الطفلة التي تبلغ من العمر 11 عاما، تروي تفاصيل قصة الكفاح اليومية، مع ابنتها طوال اليوم، داخل فصلها الدراسي، والذي تجلس فيه بجوارها، منذ ثلاثة أعوام.
بورسعيدية عظيمة تحمل ابنتها الكفيفة يوميًا إلى المدرسة
11 عاما من الصبر والعزيمة
وقالت والدة رضوى: 'أنا أم عادية جدا، رغم أن معاناتي مع ابنتي، التي بدأت عندما كان عمرها 20 يوما ، واستمرت قصة المعاناة اليومية على مدار 11 عاما، وكانت أكبر صدمة لي عندما أخبروني أنها مصابة بسرطان في العين ويجب استئصاله، لكن بالكشف الطبى تبين أنه التهاب تم تكوينه في العين مع بداية الحمل، ولم يظهر في السونار أثناء فترة الحمل، وعند ولادتها كانت طبيعية، وعندما تم الكشف عليها مثل أي طفل بعد ولادته، لم تكن تعاني من أي شىء فى البصر، لكن بعد 9 أيام من ولادتها لاحظت ان جفونها حمراء، وتنزل منها مياه فذهبت للكشف عليها عند أكثر من طبيب، وأجمعوا على أنها تعاني من عيب خلقي فى العين، وأنها حالة نادرة لم يكتمل فيها تكوين العين، وكل أجزاء العين ملتصقة ببعضها، كما أكدوا أنه ليس هناك أمل في شفائها'.
أم عظيمة تحمل ابنتها الكفيفة يوميًا إلى المدرسة وتحضر معها بالفصل
حقن حماية وليس علاج
وأضافت الأم الصبورة: 'معاناة رضوى لم تقتصر على الإعاقة البصرية فقط، بل اختبرنا الله أيضا في أشياء آخرى، فعندما كان عمرها 9 أشهر احتضنتها شقيقتها الكبرى فأصابتها بكسر في إحدى قدميها، وبعدها بأسبوعين ، كانت نائمة بجوار شقيقتها، فتعرضت لكسر في القدم الثانية، ولاحظنا أنها تتعرض للكسر بصورة متكررة خلال العام الواحد، فذهبنا للطبيب، وبعد الكشف عليها تبين أنها تعاني من مرض العضم الزجاجي، وهو مرض وراثي، حيث إنها لم تمش إلا بعد عامين من ولادتها، واعتقدت أن ذلك نتيجة إعاقتها البصرية، والحمد لله بدأنا في حقنها بحيث يتم تغليف العضم حتى لا تتعرض للكسور، هو ليس علاجا لكنه حماية فقط'.
بورسعيدية عظيمة تحمل ابنتها الكفيفة يوميًا إلى المدرسة وتحضر معها بالفصل
أم وابنتها في تختة واحدة
وتابعت والدة الطفلة بطلة تحدي الإعاقة: 'أقضي مع ابنتى اليوم الدراسي كاملا، فأجلس بجوارها في الفصل حتى لا تتعرض للوقوع، وهي لا تتحمل، وحاولت معها لتمشي بمفردها، و بدأت في بداية الأمر تمشي لمدة خمس ثوان، الأمر الذي جعلنى أبكي من الفرحة، ثم وصلت لدقيقة واحدة، وبعدها استجابت ابنتي صاحبة الإرادة إلى المشي 5 خطوات، لكن للآسف دخلت دورة المياه لتغسل يدها، فوقعت على الارض، وشاهدت قدميها مقطومة نصفين، وكان أصعب كسر بالفعل تعرضت له صغيرتي، ولم تخصع للعمليات لأنه من الصعب وضع شريحة في جسم زجاجي، و تم وضع سيخ حديدى في قدميها أشبه بالدعامة، لكنها أصيبت بالخوف من المشي، وحاولت معها حتى تتحدى نفسها، وللآسف بدأنا من نقطة الصفر'.
بورسعيدية عظيمة تحمل ابنتها الكفيفة يوميًا إلى المدرسة وتحضر معها بالفصلمعاناة يومية
وقالت الأم أيضا: 'أستيقظ من النوم قبل الساعة السابعة صباحا، لأحضر وجبة الفطار والزي المدرسي لابنتي ثم أحملها على يدي وأنزل بها من الطابق الخامس، وأذهب معها إلى المدرسة، وأقف معها في طابور الصباح، وأستمع إليها وهي تلقي كلمات جميلة وتقرأ آيات من القرآن الكريم في الإذاعة المدرسية، ثم أذهب بها إلى الفصل الدراسي، وأنا أحملها على يدي تارة، وأساعدها على المشي تارة آخرى، إلا أنها متعة لا تضاهيها متعة في الدنيا عندما أجدها تبتسم راضية بقضاء الله، ووالدها يشاركنا قصة كفاحنا اليومية في بعض الأيام، حسب أوقات عمله.
بورسعيدية عظيمة تحمل ابنتها الكفيفة يوميًا إلى المدرسة وتحضر معها بالفصلرضوى حافظة لكتاب الله
وأتمت الأم: 'الحمد لله رضوى متفوقة دراسيا فهي من الطلبات المتميزات في مدرسة النور للمكفوفين، وساعدتها المدرسة على إتقان الإلقاء، وأصبحت مبدعة فيه، كما أن هناك محفّظة تساعدها في حفظ القرآن الكريم، وتقلد أصوات الشيوخ في قراءة القرآن الكريم، وهي صاحبة طاقة وليست صاحبة إعاقة، وجميع طلاب المدرسة أولادي'.