لم يكن الطفلان "سعد علي عبد القادر" 11 عامًا، وصديقه "أحمد رمضان عبد الحليم" 10 أعوام، يعلمان أن لحظات المرح التي خططا لها ستتحول إلى فاجعة أليمة تصيب قريتهما الصغيرة بالحزن والوجع.
في ظهيرة يوم شديد الحرارة بقرية الشعشاعي بمركز حوش عيسى، قرر الصغيران أن يبللا جسديهما في مياه ترعة قريبة، هروبًا من حرارة الشمس التي أرهقتهما، وبحثًا عن لحظة سعادة بريئة لا تعرف معنى الخطر، غير مدركين أن هذا القرار البسيط سيكتب الفصل الأخير في حياتهما القصيرة.
تسلل الطفلان إلى حافة الترعة، يضحكان ويتبادلان المزاح، وقلباهما الصغيران لا يعرفان أن التيار المتدفق ينتظر لحظة غفلة، وما إن غاصت أقدامهما في المياه حتى سحبتهما الأمواج بقوة، ليختفيا عن الأنظار في لحظة صمت رهيبة، لحظة صارت كفيلة بملء القرية كلها بالدموع.
ركض الأهالي في ذهول، وهرعت قوات الإنقاذ النهري والحماية المدنية إلى المكان، وبعد محاولات استمرت دقائق بدت كسنوات من الانتظار، تم انتشال جسدي الطفلين اللذين فارقا الحياة غرقًا، بعد أن عجزا عن مقاومة التيار لعدم إجادتهما السباحة.
وفي مستشفى حوش عيسى المركزي، خيم الحزن على الأطباء والممرضين أثناء توقيع الكشف الطبي الذي أكد أن سبب الوفاة هو إسفكسيا الغرق، وتم تحرير محضر بالواقعة، فيما باشرت النيابة العامة التحقيق.
وفي القرية، وقفت الأمهات يجهشن بالبكاء، والآباء في صمت موجوع لا يجدون للكلمات طريقًا، بعدما فقدوا فلذات أكبادهم في لحظة عابرة، تحولت ضحكات الصغار إلى ذكرى، وصارت مياه الترعة شاهدًا صامتًا على مأساة إنسانية جديدة تذكر الجميع بضرورة الانتباه للأطفال، وتوفير أماكن آمنة للهوهم.
رحل "سعد" و"أحمد" مبكرًا، لكن وجهيهما سيبقيان محفورين في ذاكرة قريتهما، ليصبحا قصة حزينة تروى للأجيال، عن براءة طفلين لم يعرفا أن المياه التي لجآ إليها للفرح قد تخبئ لهما الموت في أعماقها.