بعد جهود دامت لسنوات لإنقاذ وحماية دير أبو مينا الأثري بمدينة برج العرب بالإسكندرية من الغرق بالمياه الجوفية والتي زادت بشكل كبير دفعت الجهات المعنية بالدولة على رأسها وزارة الآثار بالمسارعة للانتهاء من مشروع شفط المياه الجوفية من المنطقة والبدء في تنفيذ مشروع طلمبات ذات مواصفات وقدرات خاصة، وكذلك تكاتف كافة الجهات المعنية لإحداث أعمال تطوير شاملة ونقلة نوعية بالموقع الأثري الهام وإنجاز ذلك في وقتٍ قياسي، لُتكلل تلك الجهود اليوم، باعتماد لجنة التراث العالمي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) رسميًا قرار رفع موقع دير أبو مينا الأثري بمدينة برج العرب بالإسكندرية من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.
ويُعد دير أبو مينا الأثري أحد أبرز المواقع الأثرية ذات القيمة التاريخية والثقافية الاستثنائية، إذ كانت المنطقة هي المحطة الثانية للحج المسيحي بعد مدينة القدس، ما يُعد إنجازًا كبيرًا يُضاف إلى رصيد الدولة المصرية، ويعكس التزامها بحماية وصون تراثها الثقافي وفقًا للمعايير الدولية.
منطقة أبو مينا الأثرية
وشهدت السنوات الأخيرة الماضية تنسيقًا بشكل كامل بين محافظة الإسكندرية ووزارات السياحة والآثار والري وكافة الجهات المعنية لإنجاز أعمال البنية التحتية اللازمة، من طرق وكهرباء وخدمات، حيث بدأت منذ عام 2019 بالقيام بأعمال توسعة الطريق وإنشاء الطبقة الأسفلتية بالإضافة إلى الانتهاء من أعمال الإنارة والتنسيق مع الإدارة العامة للمرور لوضع كافة اللوحات الإرشادية.
وشهد الموقع على مدار السنوات الماضية جهودًا كبيرة لخفض منسوب المياه الجوفية وترميم العناصر المعمارية الأثرية وتطوير بعض الخدمات السياحية، والتي ساهمت بالإشادة الدولية لجهود الدولة المصرية في تنفيذ التدابير التصحيحية اللازمة لرفع هذا الموقع الاستثنائي من قائمة التراث المعرض للخطر، وضمان استدامة مكوناته الأثرية للأجيال القادمة، بما يتفق مع المعايير الدولية في مجال الحفظ والترميم.
أعمال تطوير دير أبو مينا الأثري
إنجاز تحقق بعد رحلة تطوير دامت لسنوات
وقال محمد متولي، مدير عام آثار الإسكندرية، إن موقع أبو مينا شهد رحلة طويلة وقصة نجاح كبيرة قامت خلالها مؤسسات الدولة المصرية بإنجاز الأعمال بالموقع والمسجل على قائمة التراث العالمي المُعرَّض للخطر وحتى تم رفع الموقع من قوائم التراث العالمي المعرضة للخطر وعودته مرة أخرى كموقع أثري مسجل ضمن التراث العالمي.
وأضاف متولي، أن رفع الموقع من قوائم التراث العالمي المُعرَّض للخطر يُعد إنجازًا كبيرًا للدولة المصرية بكل مؤسساتها شاركت بالأعمال بجانب وزارة السياحة والآثار ممثلة بالمجلس العلي للآثار الكنيسة المصرية والتي قامت بعمل ظلة خشبية وتوفير حمامات متنقلة كما وفرت مئات العمال يوميًا لإزالة الحشائش ورفع المخلفات بجانب عمال المحافظة التي وفرت عشرات السيارات المركزية الكبيرة لنقل المخلفات من الحشائش المقالب العمومية بالإضافة لأعمال رصف الطرق وتوسُّع الطرق المؤدية للموقع الأثري.
أعمال تطوير دير أبو مينا الأثري
وتابع أن بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني تفقد مؤخرًا منطقة آثار أبو مينا، كما تفقدها مستشار رئيس الجمهورية للتنمية المحلية ورئيس اللجنة العليا لإدارة مواقع التراث العالمي اللواء خالد فودة، كما قام الفريق أحمد خالد محافظ الإسكندرية بتفقد الموقع عدة مرات خلال العام لمتابعة أعمال وإنجاز المحافظة في ملف الطرق والكهرباء والخدمات، كما تفقد وزير السياحة والآثار شريف فتحي والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار والدكتور محمد إسماعيل للوقوف على نجاح مشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية وهو أكبر مشروع تخفيض مياه جوفية في العالم في موقع أثري على الإطلاق وأعمال الصيانة والترميم بالموقع واللوحات الإرشادية والتي قامت بها وزارة السياحة والآثار ممثلة بالمجلس الأعلى للآثار والشراف ومتابعة الأعمال الميداني بالموقع بإشراف منطقة آثار الإسكندرية من مفتشي آثار أبو مينا والإدارة الهندسية بالمنطقة.
تفقد البابا تواضروس دير أبو مينا الأثري
ولفت إلى دور وزارة الموارد المائية والري في كافة أعمال تطهير الترع والمصارف لضمان تدفق المياه إلى الترع العمومية بعيدًا عن الموقع الأثري، كما قامت وزارة الزراعة بتوفير المبيدات اللازمة لضمان عدم عودة الحشائش مرة أخرى، وقامت شركة الكهرباء بأعمال صيانة الكابلات الكهربائية واللوحات الإرشادية طول الطريق المؤدي للموقع الأثري التي نفذتها وزارة الداخلية، وتم إزالة كافة التعديات حول الموقع الأثري والبالغ 1000 فدان ليصبح الموقع بدون اي تعديات وهذا جانب صغير من إنجازات التي تمت على أرض الواقع وهذه الادإنجازات التي رصدتها بعثة الرصد والمتابعة من اليونسكو والتي زارت الموقع منذ عدة شهور ووقفت على الأعمال على الطبيعة وأصدرت توصياتها لمنظمة التراث العلمي اليونسكو وتكلل النجاح بإصدار قرار رفع الموقع من قوائم التراث العالمي المعرضة للخطر.
تفقد وزير السياحة والبابا تواضروس دير أبو مينا الأثري
من جانبه قدم الفريق أحمد خالد حسن سعيد محافظ الإسكندرية، التهنئة الدولة المصرية ممثلة في وزارة السياحة والآثار والمجلس الأعلى للآثار، والكنيسة المصرية، وكافة الجهات المعنية بالدولة، بمناسبة اعتماد لجنة التراث العالمي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) رسميًا قرار رفع موقع دير أبو مينا الأثري بمدينة برج العرب بالإسكندرية من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.
وتوجه محافظ الإسكندرية، بخالص الشكر والتقدير إلى شريف فتحي وزير السياحة والآثار، والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وكافة الجهات المعنية بالدولة على جهودهم المبذولة في تحقيق هذا الإنجاز الكبير الذي يعد بمثابة إنجاز جديد يُضاف إلى رصيد الدولة المصرية، ويعكس التزامها بحماية وصون تراثها الثقافي وفقًا للمعايير الدولية.
دير أبو مينا الأثري
رفع موقع أبو مينا من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر
يذكر أن اعتماد لجنة التراث العالمي قرار رفع موقع أبو مينا من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، وجاء خلال اجتماعات الدورة الـ 47 للجنة التراث العالمي والمنعقدة حالياً بمقر منظمة اليونسكو بالعاصمة الفرنسية باريس، بعد استعراض التقرير الصادر عن بعثة الرصد التفاعلي المشتركة بين مركز التراث العالمي والمجلس الدولي للمعالم والمواقع (ICOMOS) لعام 2025، والذي أشار إلى ما تحقق من تقدم ملحوظ في أعمال الحفاظ والصون بموقع أبو مينا الأثري، من أبرزها إنشاء نظام رصد ومراقبة فعّال لاستقرار منسوب المياه الجوفية، والذي أثبت نجاحه من خلال القياسات الدورية المستمرة.
كما أشاد التقرير بالجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية في تنفيذ كافة التوصيات المطلوبة من قبل في هذا الإطار، مؤكدة على أن حالة الصون المطلوبة لإزالة الموقع من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر (DSOCR) قد تحققت بالكامل.
اجتماع لجنة التراث العالميهذا وتُعد منطقة دير أبو مينا أحد أبرز المواقع الأثرية ذات القيمة التاريخية والثقافية الاستثنائية، إذ كانت هي المحطة الثانية للحج المسيحي بعد مدينة القدس، وقد تم إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو منذ عام 1979، تقديرًا لأهميته الدينية والمعمارية.
ومن بين أبرز الاكتشافات المعمارية والأثرية التي كشفت عنها الحفائر في دير أبو مينا هي البئر الذي يحتوي على قبر القديس مينا، الكنيسة الكبرى، وساحة الحُجّاج، والتي تعكس جميعها عمق الأهمية الروحية والعمرانية للموقع.
منطقة أبو مينا الأثرية
وقد أدى التوسع في أنشطة استصلاح الأراضي والاعتماد على أساليب الري بالغمر في محيط الموقع، إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية بشكل كبير، مما أثّر سلبًا على البنية الأثرية ونتج عنه إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر في عام 2001.
وفي إطار الجهود الحثيثة التي بذلتها الدولة المصرية للحفاظ على هذا الإرث الفريد، وحماية المكونات الأثرية للموقع والحفاظ على سلامته، تم البدء الفعلي لمشروع خفض منسوب المياه الجوفية عام 2019 بعد الانتهاء من جميع الدراسات اللازمة لتحديد الأسلوب الأمثل للتصميم والتشغيل لمنظومة خفض منسوب المياه الجوفية، وتم تشغيله تجريبياً في منتصف شهر نوفمبر 2021، وافتتحه وزير السياحة والآثار الأسبق عام 2022.
كما تم تنفيذ أعمال ترميم شاملة للعناصر المعمارية المتبقية بالدير، في خطوة هامة ساهمت بشكل مباشر في استيفاء متطلبات رفع الموقع من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.
تفقد البابا تواضروس أعمال تطوير منطقة أبو مينا الأثرية
منطقة أبو مينا الأثرية