تظل بعض مراسم وداع المتوفى في قنا، خاصة تلك التي تُمارس في فترة وفاته الأولى، من الأحداث الاجتماعية التي تتمسك بها العائلات، مُقاومةً للأصوات التي تُنادي بتركها. وتأتي زيارة المقابر في اليوم الخامس عشر والأربعين من الوفاة على رأس هذه الممارسات المتوارثة.
زوار القبور
تشمل الترتيبات التي يقوم بها أهل المتوفى إعداد كميات من الخبز والفواكه داخل أكياس لتوزيعها. يتوجه أهل المتوفى برفقة أهالي المنطقة إلى المقابر، حيث يتم توزيع هذه الصدقات على الحضور والسائلين وعمال الجبانة، وتتوقف كميتها على الحالة المادية للأسرة.
كانت هذه المخبوزات تُصنع قديماً في منزل المتوفى، لكن السنوات الأخيرة شهدت تحولاً للاعتماد على الخبز الجاهز من الأفران، كدلالة على تغير بسيط في آليات التنفيذ مع الإبقاء على جوهر العادة.
جانب من تلك العادة
يؤكد محمد عبد المحسن أن زيارة الميت بعد وفاته بـ 15 و 40 يوماً هي 'عادات ورثناها من الأجداد، ولا يستطيع أحد في مجتمعنا الإقلاع عنها'، مُشيراً إلى أن الدافع الرئيسي هو تجنب الاتهام المجتمعي بـ 'عدم القيام بالواجب تجاه الفقيد'، حتى وإن كان هناك اقتناع بأن هذه الممارسات 'غير مجدية أو بها شيء من الجاهلية'.
أما محمود أبو الوفا، فيشير إلى أن طقوس الزيارة بدأت تشهد بعض التغيير كـ 'مقدمة لتركها'، حيث كانت تُنفذ سابقاً تحديداً يوم الجمعة الأقرب لليوم الـ 15، وفي اليوم الأربعين تحديداً، وفي الصباح الباكر، لكن السنوات الماضية شهدت بعض الاختلاف في تلك الترتيبات.
يكشف سعيد أحمد عن اعتقاد شائع بأن مناسبة زيارة الأربعين للميت تعود إلى 'معتقدات فرعونية موروثة' بأن الروح تعود للميت في هذا اليوم. ورغم توقف العقول المتعلمة عن الإيمان بهذه المعتقدات، إلا أن الإقلاع عن العادة يظل صعباً لاعتبارات اجتماعية قوية.
من جانبه، يؤكد أحمد محمود، وهو معلم أزهري، أن تحديد الزيارة بمواعيد معينة، أو ربطها بمعتقدات تفيد بمرور الروح بأحداث محددة، 'لا يوجد له سند في الكتاب والسنة'، وعليه فإن الأمر يُعد بدعة ويجب الإقلاع عنه. ويشدد على أن الزيارة العامة للميت والدعاء له والتصدق عليه، كما جاء في الأحاديث الصحيحة، هو الأمر الحلال والمطلوب شرعاً.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
