تزداد معاناة أهالي البر الغربي بمحافظة الأقصر تفاقمًا يومًا بعد يوم، وتؤرق مضاجعهم، بالرغم من الاستغاثات التي قدمها الأهالي إلى سلطات المحافظة، ومجلس الوزراء، بعد فتح طريق الكباش الأثري بمنطقة السنترال القديم، والذي أدى إلى تغيير خط سير المارة إلى مسافة أكبر مما كانت عليه مرورًا بميدان مرحبا، إلا أن ذلك لم يجدي نفعًا في وضع حلول ترضي مواطني الأقصر.
وبالعودة إلى الماضي في أبريل 2018، قام قطاع آثار الأقصر، باستئناف العمل بمشروع كشف وإحياء طريق الكباش الذي يربط بين معبدي الأقصر والكرنك، حيث تمت أعمال الحفر بمنطقة السنترال القديم، والتي كان يتخذها أهالي البر الغربي طريقًا للمرور، والوصول إلى وسائل المواصلات، الأمر الذي أدى إلى تغيير خط السير.
وشهدت الأقصر خلال هذه الفترة وما بعدها احتجاجًا واسعًا من قبل الأهالي، حيث كان يسير المواطنين بعد الخروج من العبارة النهرية مسافة تصل إلى نحو 400 متر تقريبًا، وبعد تغيير خط السير بالاتجاه إلى ميدان مرحبا زادت المسافة لتصل إلى ما يقرب 900 متر.
وبحث مواطني الأقصر على إيجاد الحلول المناسبة للخروج من تلك الأزمة، حيث انقسمت إلى عدة آراء، أجمعت على المطالبة بعمل كوبري ثالث أعلى طريق الكباش، إما تسيير عربات السرفيس على كورنيش النيل، أو نقل معدية الأهالي من الجانب الشرقي إلى ميدان مرحبا، أو نقلها بالقرب من مستشفى الأقصر العام.
ورفضت وزارة الآثار تلك الطلب، معللين ذلك بأن إنشاء كوبري ثالث لم يكن في الخطة التي وافق عليها مجلس الوزراء لتطوير مدينة الأقصر، في عهد حكومة الدكتور أحمد نظيف، والذي كان يشغل منصب محافظ الأقصر حينها اللواء سمير فرج قبيل أحداث ثورة يناير 2011، إضافة إلى أن الآثار رأت أن إنشاء الكوبري سيحجب الرؤية البصرية لامتداد طريق الكباش.
كما رفضت سلطات الأقصر المطلب الثاني الخاص بتسيير عربات السرفيس على كورنيش النيل، وذلك لعدم تحويل الكورنيش إلى منطقة عشوائية جراء الوقوف المتكرر للسيارات خاصة في ظل وجود خطة لتطويره بما يتناسب مع الهوية البصرية لمحافظة الأقصر.
ويشار إلى أن محافظ الأقصر محمد بدر السابق، كان قد توصل بنسبة كبيرة إلى تنفيذ الحل الثالث بتحويل العبارة النهرية للأهالي، إلى منطقة ميدان مرحبا، ودراسة حل آخر لعدم تكبد المواطنين مشقة العودة لعدم وجود خط سير اياب بشارع محمد فريد، وذلك بإنشاء موقف سيارات بالقرب من مرحبا لتسيير عربات سرفيس لـ "الـ 6 خطوط الداخلية لمدينة الأقصر"، وذلك تفاديًا لاستهلاك التوقيت الذي تسير فيه معدية الأهالي حتى مستشفى الأقصر العام في حالة الموافقة على الحل الرابع.
وكشف مصدر مسئول، فضل عدم الافصاح عن اسمه، بديوان عام محافظة الأقصر، لـ"أهل مصر"، عن انه يجرى الآن حل هذه الأزمة خلال الفترة المقبلة، وذلك من خلال استطلاع آراء الجهات المعنية وقيادات شعبية، ومن ثم بدء تنفيذ عملية النقل على الفور، بعد اختيار الموقع الأنسب للعبارة النهرية من الجانب الشرقي.
وتعد معدية الأهالي، التي تقل المواطنين بين البرين الشرقي والغربي بمحافظة الأقصر، بمثابة رحلة نيلية للسياح، ومرار طافح لأهالي مدينة القرنة، رغم اعتبارها من قبل زوار المحافظة كرحلة نيلية بتكلفة منخفضة.
ومعدية الأهالي تقل أكثر من 13 ألف مواطنًا لنقلهم من مركز القرنة وقراه، إلى مدينة الأقصر، وضواحيها، في اليوم الواحد، سواءً للعمل، أو الدراسة أو قضاء حوائجهم، ومن ثم العودة مرة أخرى، بجانب العديد من الموظفين العاملين بالبر الغربي.
ويقول محمد فهيم، مرشد سياحي، إن الأجانب الزوار لمحافظة الأقصر، يحرصون غالبًا على ركوب اللانشات لعمل نزهة في نهر النيل، ولكن البعض يقومون بركوب المعدية، ويستمتعون من خلالها بجو المحافظة ومشاهدة النيل الذي يضفي مزيد من الجمال، وتصوير المشاهد المختلفة.
أما أهالي البر الغربي، وخاصة سكان مدينة القرنة، يعتبرون المعدية بأنها "مرار طافح"، حيث أوضح محمد راشد، أحد المواطنين، أنها تهدر الكثير من وقت الذهاب للعمل، مشيرًا إلى استغراق ما يصل إلى ما يزيد عن نصف ساعة حتى تمتلئ بالمواطنين وعبور النيل حتى ترسو في الضفة الأخرى، الأمر الذي يرهق العديد من الموظفين خاصة حين تأخرهم عن العمل، مما يكلف الواحد منهم دفع 15 جنيهًا للعبور عن طريق أحد اللانشات اضطراريًا.
وذكر محمد يوسف، قام أصحاب اللنشات بتنظيم أدوار لاستقلال الأهالي وعبور نهر النيل بهم، بدلًا من انتظار المعدية، ولكنها بأجر يصل إلى 4 أضعاف ما يتم دفعه في العبارة النهرية، مما يجعل العديد من يبتعدون عنها، وخاصة الموظفين والعمال لعدم تحمل الشخص يوميًا 5 جنيهات لعبور النهر ذهابًا وإيابًا مع تحمله نفقة مواصلات أخرى.
وتضيف مروة أحمد، هناك العديد من الأشخاص يقومون بتحميل دراجاتهم البخارية داخل العبارة وسط الأهالي، مما يتسبب في تكدس الركاب وتدافعهم خاصة حين الخروج، مطالبة بتشديد الرقابة من شرطة المسطحات المائية لمنعها نهائيًا.
أما محمد حسني، أحد المواطنين، يؤكد على عدم انتظام المعدية بموعد محدد للعبور، خاصة في أوقات الليل، حيث من الممكن أن تصل فترة الانتظار قبل العبور إلى ما يزيد عن ساعة لقلة أعداد مستقيلها بهذا التوقيت، مما يؤخرهم في العودة إلى منازلهم، واللجوء إلى الانشات ودفع 15 جنيهًا للعبور بدلًا من جنيه واحد في العبارة النهرية.