استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الاثنين، رئيس دولة إريتريا أسياس أفورقي، بقصر الاتحادية، وناقش الزعيمان العلاقات العسكرية وتطورات الأوضاع في سد النهضة، والتنسيق والتعاون فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي والعمل التكاملي لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة، في زيارة تعكس طبيعة العلاقات بين مصر وإريتريا التي هي من أكثر العلاقات تميزا ويمكن وصفها بالعلاقات الأخوية المبنية على الاحترام المتبادل، والتي بدأت منذ فترة ما قبل استقلال إريتريا عام 1991، حيث جاءت التحركات المصرية لتعكس اعترافًا بإريتريا ككيان منفصل عن الكيان الإثيوبي آنذاك.
علاقات تاريخية
وترتبط مصر بعلاقات تاريخية مع إريتريا، وكان لمصر الدور الأكبر في دعم وتأييد الثورة الإريترية حتى إنجاز مشروع الاستقلال الوطني الإريتري، وكانت مأوى للاجئين من الزعماء الوطنيين إدريس محمد آدم، إبراهيم سلطان وقبلة للطلاب، وظلت طيلة فترة الكفاح المسلح على علاقات متينة مع فصائل الثورة الإريترية، وبعد التحرير ساهمت في تكاليف الاستفتاء، وقامت مصر بزيارة رسمية لإريتريا للتهنئة بإعلان الاستقلال وإرساء أسس قوية لتطوير العلاقة المستقبلية وتنمية التعاون بين البلدين في كافة المجالات، كما ترتبط الدولتان بعلاقات قوية عبر بعض الآليات التي تضمهما ودول أخرى ومن تلك الآليات جامعة الدول العربية، والكوميسا ومنظمة حوض النيل.
تقاليد وعادات موروثة
يتشارك شعب مصر طبيعة أبناء إريتريا في العديد من التقاليد والعادات الموروثة، والتى تؤكد فيما بينهما عمق هذه العلاقات التى تقترب من نحو أكثر من 300 عام عندما بدأت جولات الملوك الفراعنة المصريين في البحر الأحمر، ووصلت قوافل التجارة المصرية إلى هذا الشاطئ الإريتري وبعده إلى جيبوتى والصومال خلال العصور الماضية.
اهتمام مصر بالقضية الإريترية
كان لمصر اهتمام ملحوظ بالقضية الإريترية بدءًا من الأربعينيات في القرن الماضي، وتبلور ذلك في اتخاذ القاهرة مقرًا لتأسيس جبهة التحرير الإريترية في يوليو 1960، ومن قبل كانت قد افتتحت إذاعة لقادة الثورة عام 1954 بالقاهرة ليكون منبرا لإثارة الروح الوطنية بين الإريتريين، وبعد انطلاق الثورة كانت مصر من أوائل البلدان التي ساندتها وقدمت لها مختلف أنواع الدعم السياسي والمادي والتعليمي، حيث قدمت مصر وإلى الآن العديد من المنح الدراسية والجامعية للإريتريين المتواجدين واللاجئين على أرض مصر.
كما أيدت مصر في منتصف السبعينيات فكرة الحكم الذاتي في إطار اتحاد فيدرالى مع إثيوبيا، وعقب زيارة أسياسي أفورقي أمين عام الحكومة الإريترية ( آنذاك ) للقاهرة عام 1991 رحبت مصر بإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين ليكون هناك قناة شرعية بين القاهرة وأسمرة.
دعم السلام بين إثيوبيا وإريتريا
وكان للدبلوماسية المصرية دور بارز عندما نشأ النزاع بين إريتريا وإثيوبيا (1998-2000) فقد سعت مصر حثيثًا في جهود السلام بين البلدين وحرصت على وحدة الصف الأفريقي انطلاقا من أنها رئيس لمنظمة الوحدة الأفريقية حينذاك.
وفيما يلي التحركات والمواقف المصرية الداعمة لدولة إريتريا على مر التاريخ منذ فترة ما قبل استقلالها وحتى الآن:
- تكوين كيان طلابى إريتري بالقاهرة عام 1955 تحت اسم (الجمعية الخيرية لأبناء إريتريا).
- إنشاء النادى الإريتري بالقاهرة عام 1964.
- المنح الدراسية التي قدمتها وزارة التعليم العالى المصرية للطلاب الإريتريين منفصلة عن الطلاب الإثيوبيين قبل عام 1993.
- عقب استقلال إريتريا في 24 مايو 1991 كانت مصر من أولى الدول التى أقامت علاقات سياسية ودبلوماسية مع إريتريا، حيث قامت بفتح سفارة في نفس عام الاستفتاء على الاستقلال 1993.
- تُعد العلاقة بين البلدين من أكثر العلاقات تميزًا ويمكن وصفها بالعلاقات الأخوية المبنية على الاحترام المتبادل.
إلى ذلك، قام الرئيس الإريتري إسياس أفورقى بالعديد من الزيارات لمصر منذ استقلال دولة إريتريا كان آخرها زيارته في يونيو 2019.
كما أشادت مصر بالموقف الإريتري الداعم لثورة 30 يونيو، وهو الدعم الذي تبلور على مستوى الاتحاد الأفريقي، ولاسيما في مجلس السلم والأمن الأفريقي.
وتقدم مصر أيضا الكثير من المساعدات للدول الأفريقية من خلال الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا ومنها إريتريا، ويقوم الصندوق المصري للتعاون الفني بإعداد دورات خاصة لدولة إريتريا في مجال الزراعة و'سبل الري الموفرة والزراعات الأقل استهلاكًا للمياه'، وذلك تفعيلًا للدور المصري في بناء الكوادر الإريترية.
وزار وفد مصري فني من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي في مايو 2016 إريتريا لبحث سبل تعزيز التعاون الزراعي المشترك وإمكانية إقامة مزرعة نموذجية مشتركة في إريتريا والتباحث بشأن توقيع مذكرة تفاهم للتعاون المشترك في كافة مجالات البحوث والتدريب وتطوير المحاصيل الزراعية والدواجن.
وارتفع حجم التبادل التجارى بين مصر وإريتريا، ليسجل 119.05 مليون دولار خلال 2018، مقابل 104.8 مليون خلال 2017، وفق تقرير صادر عن إدارة الدول والمنظمات الأفريقية ووحدة الكوميسا بجهاز التمثيل التجارى.
لفت التقرير، إلى ارتفاع الصادرات المصرية إلى إريتريا؛ لتسجل 116.99 مليون دولار خلال 2018، مقابل 103.43 مليون خلال 2017.
وذكر التقرير كذلك أن الواردات المصرية من إريتريا ارتفعت أيضًا لتسجل 2.05 مليون دولار خلال 2018، مقابل 1.4 مليون دولار خلال 2017.
تقدر نسبة السلع المصرية الموجودة بالسوق الإريتري 'بصفة ثابتة' بنحو 10% من إجمالى السلع (تبلغ أحيانًا نسبة السلع المصرية 60%). لا سيما مع القبول الذي تتمتع به السلع المصرية على مستوى المواطن الإريتري فضلًا عن سمعتها الطيبة.
كان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، السفير بسام راضي، أعلن، في وقت سابق اليوم، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي استقبل رئيس إريتريا أسياس أفورقي، بقصر الاتحادية، وناقش الزعيمان العلاقات العسكرية وتطورات الأوضاع في سد النهضة، والتنسيق والتعاون فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي والعمل التكاملي لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة، بالإضافة إلى أهمية تطوير مشروعات التعاون الثنائي بين الجانبين خلال الفترة المقبلة، مع تذليل كافة العقبات في هذا الصدد، لا سيما في قطاعات البنية التحتية والكهرباء والصحة والتجارة والاستثمار والزراعة والثروة الحيوانية والسمكية، إلى جانب تكثيف برامج الدعم الفني المقدمة إلى الجانب الإريتري، بالإضافة إلى تنويع وتعزيز أطر التعاون المشترك في المجالين العسكري والأمني بين البلدين.