منذ أيام قليلة، تم افتتاح مشروع 'مخبز' في قنا يُعتبر الأول على مستوى صعيد مصر والسابع على مستوى الجمهورية، تم تشغيل المخبز لإنتاج الخبز الخاص بالأطفال مرضي الـPKU، أحد أمراض التمثيل الغذائي، وهو مرض جيني وراثي، بمركز الحكيم الشامل لتأهيل المعاقين بمنطقة المعنا التابعة لدائرة مركز قنا، ويخدم ذلك المخبز 4 محافظات 'قنا، الأقصر، أسوان، البحر الأحمر' لتوفير احتياجات 250 طفلا المسجلين بقاعدة بيانات مركز الإرشاد الوراثي بمديرية الصحة.
جاءت فكرة إنشاء مخبز الـ' PKU' من خلال الدكتورة سلمي محمد القاضي، مسئول البروتوكولات في المكتب الفني بمديرية الصحة، وعضو لجنة الرقابة والمتابعة بالمديرية، ومسئول لجنة حقوق الإنسان، بالاشتراك مع الدكتورة كريستين عادل عزمي، أخصائي طب الأطفال، والطبيب المسئول عن حالات التمثيل الغذائي بمركز الإرشاد الوراثي، بعد رؤيتهم لمعاناة أسر الأطفال مرضى الـ'Pku' ، وهم لا يعرفون صناعة الخبز لأطفالهم، وفي ذات الوقت لا يستطيعون منع أطفالهم من أكل الخبز العادي، الذي يؤثر على صحتهم وقد يعرضهم لإعاقة ذهنية.
عرفت الدكتور سلمى مرض الـ' pku'، بأنه مرض 'الفينيل كيتونيوريا' المشهور بالـ' pku'، أحد أمراض التمثيل الغذائي، وهو مرض جيني وراثي، ينتج عنه خلل في هدم البروتين وبالتالي تراكم مواد سامة في خلايا المخ مما يسبب تلفها وهذا يؤدي إلى التخلف العقلي.
وذكرت أن النسبة العالمية لحدوث المرض هي 1 : 10000 بينما ترتفع هذه النسبة في مصر وتزداد مرة أخري لتصل إلي 1 : 7500 في الصعيد نظرا لكثرة زواج الأقارب مما يضعنا أمام مشكلة حقيقية.
وأضافت أنه يتم التشخيص المبكر لمرض ال pku، بواسطة برنامج المسح القومي للأطفال، حديثي الولادة، وذلك عن طريق عينة كعب القدم التي يتم سحبها من الوحدات الصحية خلال الأسبوع الأول من العمر، إذا اتضح أن النتيجة إيجابية بعد تكرار التحليل فإن إدارة الأمومة والطفولة تقوم بتحويل الحالة إلي مركز الإرشاد الوراثي في المحافظة التابع لها الطفل لصرف اللبن الخاص وتلقي الرعاية الطبية اللازمة.
وأوضحت أن عدم التشخيص المبكر للطفل ينتج عنه المضاعفات الآتية: 'تأخر ذهني شديد, تأخر في الكلام، مشكلات عصبية مثل التشنجات، مشكلات سلوكية واجتماعية، صعوبات التعلم، فرط حركة'
وكشفت الدكتورة سلمى أن علاج المرض هو 'اللبن الخاص بمرض الـ' pku' الخالي من الفينيل الانين, والالتزام بحمية غذائية قليلة البروتين' وذلك تحت إشراف طبي مع متابعة نمو الطفل ومتابعة التحاليل.
لذلك لجأت الدكتورة كريستين والدكتورة سلمى، لعمل مبادرة هدفها إنشاء المخبز لأطفال التمثيل الغذائي، لمرضي الـ' pku' في صعيد مصر، تحت شعار مستقبل أفضل لأطفال الـ' pku'، عن طريق تأمين التحاليل اللازمة، لتشخيص ومتابعة مرضى الـ' pku' الذين لم تتاح لهم فرصة اللحاق ببرنامج المسح القومي، وتوفير الغذاء التكميلي الخاص 'منخفض الفينيل الانين' وذلك بإنشاء مخبز ومطبخ خاص بمرضي الـ' pku', كدعم نفسي ومعنوي لمرضي الـ' pku' وذويهم، ومادي لأسر المرضي من غير القادرين، وإعادة دمج مرضى الـ' pku' في المجتمع والمدارس، ليعيشوا حياة طبيعية.
وأعلنت الطبيبتان، أن أعداد الأطفال مرضي الـ' pku' بمركز الإرشاد الوراثي في قنا الإيجابي 250 طفل، والمتابعين أكثر من 70 طفلا والأعداد في زيادة مستمرة.
لذلك فكرتا بصورة جدية في تنفيذ إنشاء المخبز، وكانت البداية بزيارتهما للواء أشرف الداودي، محافظ قنا، وعرض الفكرة عليه، فلاقت ترحيبًا شديدًا منه، وقام بعقد إجتماع مع وكلاء وزارات التضامن والتموين والصحة لمناقشة الفكرة وآليات تنفيذها، ووقع الاختيار على تنفيذ المشروع بمطبخ مركز الحكيم لذوي الاحتياجات الخاصة، بمنطقة المعنا في قنا، نظرا لأنه غير مستغل ومجهز بكافة الإمكانيات اللازمة لإعداد الخبز والمأكولات، وبسرعة وجيزة تم الانتهاء منه، وتصنيع خبز خاص بالأطفال المرضى حتى تنتهي معاناتهم وعدم تعرضهم للخطورة مرة أخرى.
وتم التوصل إلى أنه يتم التوزيع عن طريق منافذ البيع الخاصة بالمحافظة، عن طريق إنشاء كروت صرف بأسماء الأطفال، بعد إمداد بياناتهم من مديرية الشئون الصحية.
وأوضحت الدكتورة كريستين أنهم في صناعة الخبز الخاص بمرضى الـ' pku'، استخدموا الدقيق المكون من خلطة معينة، يقوم بتركيبها الدكتور 'كريستال' في القاهرة، وهي عبارة عن نشا وصمغ عربي، ليس قمح مثل الخبز العادي الذي يستخدمه الجميع، وسوف يتم توزيعه للأسر عند استلامهم اللبن المقرر لهم من مديرية الصحة في قنا على مستوى المحافظات الأربع، موضحة أنها والدكتورة سلمى، والدكتور محمد نصر الدين، المسئولين عن المتابعة والإشراف على المخبز وطرق توزيعه.
وقالت حنان عبد العاطي، مدير عام إدارة التأهيل بمديرية التضامن الاجتماعي، أنه تم تفعيل المخبز، وأنهم الجهة المسئولة عن تصنيع الخبز وتوفير الدقيق الخاص به، وأوضحت أنه نظرًا لعدم انتشار ذلك الخبز، لم يكن أحد يعرف صناعته سوى ربة منزل لديها طفلة تعاني من الـ' pku'، كانت تجيده لتجهيزه لطفلتها، وتم الاستعانة بها في صناعتها الفترة الماضية وقامت بشرح الفكرة للخباز الخاص بالتضامن ليستكمل بعدها إدارة صناعة الخبز، وتبدأ مراحل الخبز عن طريق ماء وخميرة بيرة والدقيق الخاص ويتم عجنها لدقائق ثم وضع زيت وخل وإعادة عجنه، وتقطيعه على طاولات ثم فركه باستخدام الدقيق ووضعه في الفرن.
وأضافت، أنه يتم صناعة الخبز مرة أسبوعيًا حتى لا يتعرض الخبز للتلف لأن سعره باهظ الثمن، حيث يتم بيع الـ5 أرغفة بعشرة جنيهات، وذلك يرجع لارتفاع سعر الدقيق الخاص به، موضحة أنهم لم يتوقفوا عند صناعة الخبز العادي فقط بل يتم استكمال المطبخ بالكامل من صناعة بدائل للمكرونة والفراخ والكفتة والطعمية والكيك باتيه والخبز الفينو، ونفذو بالفعل أنواعا أخرى مثل الفايش والمقرمشات، وجاري تنفيذ كافة الأنواع حتى لا يتم حرمان الطفل المريض من شئ مثله مثل الأطفال العاديين حيث إن مرض الـ' PKU' يلازم الطفل مدى الحياة.
إلى جانب ذلك أظهرت 'أم منة' ربة منزل ووالدة طفلة مريضة الـ' PKU'، مدى فرحتها بإنشاء المخبز ووصفته بأنه 'طوق نجاة' لأطفالها، حيث كانوا يشترون الأكل والخبز الخاص بهم دفعة واحدة ومن محافظة القاهرة فقط، وبأضعاف سعر مخبز قنا، كما أنه غير متوفر في محافظات الصعيد، ومن يتأخر عن السفر يعرض حياة طفله للخطر باستخدامه للأكل العادي.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
