عادات سلبية ومظاهر فخر وتكبر في غير محلها سادت وانتشرت في المجتمع، مثلت عقبة كبيرة أمام الشباب انتهت بهم للعزوف عن الزواج، مما دفع عددا من أهالي الفيوم، خاصة الشباب، لتدشين مبادرة للتمرد على على هذه العادات، بهدف تيسير وتسهيل إجراءات الزواج، من خلال حث الأسر المصرية على مراعاة الظروف الاقتصادية الراهنة، وخفض تكاليف الزواج، وذلك تحت شعار 'أقلهن مهرا.. أكثرهن بركة'.
'أقلهن مهرا.. أكثرهن بركة'.. لم تكن تلك المبادرة الأولى من نوعها، فقد تعددت المبادرات المجتمعية والمطالب في الفيوم للحد من تكاليف الزواج، كان أبرزها مبادرة قام بها شباب وشيوخ قرية دار السلام بطامية، طالبوا بإلغاء الشبكة والذهب، والتقليل في المهر، إذ عقدت بعض العائلات جلسة عرفية اتفقوا فيها على عدم مخالفة أي من العائلات لهذه الاتفاقات للتخفيف عن كاهل الشباب، لارتفاع الأسعار الذي يؤثر على إقبال الشباب على الزواج.
مبادرة أقلهن مهرا لتقليل نفقات الزواج من أجل حياة سعيدة
وقال أشرف أمين، أحد مؤسسي المبادرة وأحد مسؤوليها، إن فكرة المبادرة جاءت بطلب من صديقته علا عبد الجواد، إذ قاما بتفعيل المبادرة ومعهم 8 أشخاص، بهدف تقليل تكاليف الزواج، والحد من المطالب التي تمثل عائقا أمام الشباب وتحملهم ما لا طاقة لهم، وتزيد من عنوسة الفتيات.
وأضاف أمين: 'في الفترة الأخيرة لاحظنا ارتفاع تكاليف الزواج والمغالاة في المهور، الأمر الذي أدى إلى عزوف الشباب عن الزواج وارتفاع نسبة العنوسة، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وقلة الدخل وزيادة ضغوط الحياة وارتفاع معدلات البطالة في الفترة الحالية، وعلى سبيل المثال جرام الذهب وصل لأكثر من 800 جنيه، ومازال هناك أسر تريد شبكة بوزن معين من الجرامات، ولابد على الشباب الذي يريد الزواج أن يلتزم بتك العادات، وهو أمر غير مقبول'.
مؤتمرات وندوات توعية للحد من خطر تكاليف الزواج الباهظة
وأضاف: 'قمنا بالمبادرة، ونقوم بعقد ندوة ومؤتمر كل شهر على الأقل، إذ نذهب إلى جميع مناطق وقرى المحافظة، من أجل عملية التوعية، يرافقنا أساتذة اجتماع وعلماء دين من الأزهر والأوقاف، من أجل توعية الأسر وتوضيح أن الزواج ليس مادة فقط، ولابد من التهوين أو إلغاء الشبكة وجعلها اختيارية في ظل ارتفاع أسعار الذهب والتخلي قدر المستطاع عن أي شيء إضافي في الزواج، لتخفيف الأعباء على الشباب والمقبلين على الزواج'.
أشرف أمين
وأشار إلى أن المبادرة مر عليها 4 سنوات حتى الآن، وقال: خلال تلك الفترة ساهموا في تغيير معتقدات وأفكار للكثير من الأسر، وكانت العديد من الأسر اشترت أجهزة بنظام التقسيط، وكانت غير قادرة على السداد وفشلت تلك الأسرة بسبب تعرض أحد أفرادها للسجن، فقمنا بتغيير كل هذه المفاهيم في العديد من القرى، وترسل لنا الآن كثير من الأسر من خلال صفحتنا على الفيسبوك، من أجل الحضور وعقد ندوة لتوعية أهل القرية.
آراء الشباب بالفيوم في المبادرة وتقليل نفقات الزواج
من جانبه، قال محمود أحمد، مهندس بالفيوم، إن هذه المبادرات سوف تساعد الكثير من الشباب والفتيات على الزواج، لأن الهدف منها التخلص من العادات السيئة التي تتمثل في رغبة الأسر في شراء جميع الأشياء والحصول على أكبر قدر من المهر والشبكة مقارنة ببنات الأهل والجيران والأصدقاء، لافتا إلى أنهم يحتاجون إلى تفعيل العديد من تلك المبادرات في القرى والمراكز، حتى تلم كافة أماكن المحافظة، وتمنع الإصراف والتغالي على الشباب الذين يطلبون الزواج الحلال.
وأضاف، أن الأهالي يحتاجون لتوعية كبيرة، والمبادرة عليها عبء كبير من أجل إقناع الناس بأهدافها، حتى يغيروا العادات والتقاليد التي تضر بالأسر أسوأ ضرر، مبينا أنه تزوج من أشهر قريبة لكن أهل زوجته لم يطلبوا منه أشياء مبالغا فيها، بل كانت أمور وسطية.
عبد الرحمن محمد، خريج كلية التجارة، من الفيوم، التقط أطراف الحديث، قائلا: إنه سعيد للغاية بهذه المبادرة، مشيرا إلى أنه سيكون لها نصيب كبير في نجدة الشباب من مذبحة تكاليف الزواج ومطالب غالبية الأسر غير المنطقية، مضيفا أنه تقدم لخطبة إحدى الفتيات في قرية بالفيوم، وطلبوا منه تكاليف باهظة، إذ طلبوا 150 جراما ذهب و100 ألف جنيه مشاركة في الأجهزة الكهربائية والمطبخ، بالإضافة إلى فرش 4 غرف كاملة، مشيرا إلى أن الخطوبة تم فسخها بسبب المطالب غير المنطقية.
وترى هند أحمد، خريجة جامعية بالفيوم، أن تكاليف الزواج أصبحت كبيرة على الشباب والذهب ارتفع بشكل مبالغ فيه، ولابد على الأسر أن تعي ذلك وتقف مع الشباب، مبينة أنها كفتاة لا يهمها سوى الشاب الذي سوف يتقدم لها، لأن المادة تتغير وتزول وعلى الجميع أن يعرف أن الفتاة ليست سلعة تتم المتاجرة بها، وأيضًا الأسرة لا ترمي ابنتهم، والطلبات لابد أن تكون في المعقول والمنطقي.
تأثير المبادرات من الناحية الاجتماعية
وحول مدى تأثير تلك المبادرات أكدت الدكتورة نهى، أستاذ علم الاجتماع، أن النظرة المجتمعية لفكرة الزواج تقوم على الالتزامات المادية، دون مراعاة لظروف الشباب، وهو أمر كارثي، يدعو للفشل في الحياة الزوجية، فبدل أن يبدأ الشباب حياتهم ببساطة وبأن يكملوا بعد ذلك في بيتهما شراء النواقص على قدر احتياجهم وقدر سعتهم المادية، نساعد في فعل العكس، والديون والمغالاة، قبل الزواج، ليدخل الشاب حياة جديدة مليئة بالمشكلات المادية، لتكون تلك المغالاة سبب زيادة معدلات الطلاق والعنوسة.
الرأي الديني في تكاليف الزواج الباهظة
من جانبه، دشن مركز الأزهر العالمي للفتوى، في وقت سابق، حملة 'أكثرهن بركة'، لمواجهة غلاء المهور وتكاليف الزواج، إذ دعا الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إلى إطلاق حملة توعوية، لأن هذه المغالاة الحالية تُدمر الأسرة قبل أبنائها، وتتسبب في عدم قدرة بعض الشباب والأسر على هذه التكاليف وبالتالي تأخر الزواج وارتفاع نسب العنوسة، داعيًا 'بيت العائلة' إلى بذل مزيد من الجهد لدعم الترابط الأسري والحفاظ على الشخصية الشرقية من مهَبّ العادات الغربية التي لا تناسب مجتمعاتنا.
علا عبد الجواد - أحد مؤسسي مبادرة أقلهن مهورا