هو الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي ولد 25 ديسمبر 1935، حفيد عبد الرحمن الابن الثالث لمفجر الثورة المهدية الإمام محمد أحمد المهدي والذي استطاع هزيمة الأتراك وإنهاء حقبتهم الاستعمارية في السودان 1885.
مراحله الدراسية
كانت دراسته بين الخلوة في حي العباسية بمدينة أمدرمان وخلوة الجزيرة أبا حيث التحق بالكتاب ليعود إلى أمدرمان ويدرس المرحلة الابتدائية بمدرسة الأحفاد .بدأ دراسة المرحلة الثانوية في مدرسة كمبوني 'الخرطوم' – وواصلها في كلية فكتوريا 'الإسكندرية' من 1948 - 1950، ترك الكلية وهاجر التعليم النظامي، رافضا لعدة مظاهر بالكلية تسلخ الطلاب عن هوياتهم العربية والإسلامية. ورجع لبلاده ملازما للشيخ الطيب السراج لينهل من علوم الفصحى وآدابها.
التحق الصادق بطلبة السنة الأولى لكلية العلوم في الفصل الأخير من العام حيث دخل الجامعة في يوليو 1952م وكان العام الدراسي ينتهي في ديسمبر. وكان يحضر المحاضرات صباحا، ويواصل تلقي دروس العربية من الشيخ الطيب السراج عصرا، ثم يدرس مساء للحاق ما فاته والتحضير لامتحان السنة النهائية.
نشاطه السياسي
قد انفتح ذهن الصادق المهدي للسياسة في الجامعة فقد دخلها في مرحلة احتد فيها الصراع الفكري بين اتجاهين: إسلامي وشيوعي. واحتد فيها كما احتد في السودان عامة نزاع بين تيارين سياسيين: أيستقل السودان أم يتحد مع مصر؟. ولم يكن في الجامعة في ذلك الوقت تنظيم لأمثاله من حزب الأمة والأنصار كما هو الحال اليوم وكانوا في نطاق الجامعة يعانون يتما فكريا وسياسيا. كان معه عمر نور الدائم ومهلب عبد الرحمن علي طه، وكمال الدين عباس وهو من الطلبة القلائل من غير أبناء الأنصار الذين أيدوا حزب الأمة في وقت كانت الدعاية المصرية قد افترت على حزب الأمة افتراءات لصقت به وصدت عنه غالبية المثقفين السودانيين. لم يجد أولئك فئة طلابية ينتمون إليها ولكن بحكم التوجه الإسلامي قامت صداقات بينهم وبين بعض الطلبة الحركيين أمثال مدثر عبد الرحيم وحسن الترابي. وبينما كان في جامعة الخرطوم انشق من الإخوان المسلمين جماعة سميت الجماعة الإسلامية بقيادة بابكر كرار. وكان اتجاه هؤلاء قريبا جدا منهم لأنهم إسلاميون فكريا واستقلاليون سياسيا، ورغم التعاطف لم تقم بينهم علاقة تنظيمية بل قامت صداقة فكرية سياسية مع قادة التنظيم الجديد وهم: بابكر كرار، ميرغني النصري، عبد الله محمد أحمد، عبد الله زكريا. كان هؤلاء مؤسسون للحركة الإسلامية في الوسط الطلابي وفق في نيل شهادة جامعية بدرجة الشرف في الاقتصاد والسياسة والفلسفة.. ونال تلقائيا درجة الماجستير بعد عامين من تاريخ تخرجه. حسب النظام المعمول به في جامعة أكسفورد.إبان دراسته بأكسفورد شارك في عدد من الألعاب الرياضية ووصل في التنس درجة تمثيل كليته في التنافس بين الكليات ولعب كرة القدم والكريكت والقفز العالي مرات قليلة.
وظائف تقلدها
عمل موظفا بوزارة المالية في 1957م. في نوفمبر 1958 استقال عن الوظيفة لأن انقلاب 17 نوفمبر كان بداية لعهد يرفضه.عمل بعد ذلك مديرا للقسم الزراعي بدائرة المهدي، وعضوا بمجلس الإدارة
كان رئيسا لاتحاد منتجي القطن بالسودان.
انخرط في صفوف المعارضة وبعد ذلك دخل المعترك السياسي الذي جعل همه لخدمة قضية الديمقراطية والتنمية والتأصيل الإسلامي في السودان.
بروزه النضالي في الساحة السياسية
كان بروز المهدي في ساحات العمل السياسي في معارضة نظام الرئيس الأسبق ابراهيم عبود المدخل للإمام الصادق وفي أكتوبر 1961 توفي والده الإمام الصديق الذي كان رئيسا للجبهة القومية المتحدة لمعارضة نظام عبود القهري. وقد شارك بفعالية في معارضة نظام عبود واتصل بنشاط الطلبة المعارض، كما كان من أوائل المنادين بضرورة الحل السياسي لمسألة الجنوب، حيث أصدر كتابه 'مسألة جنوب السودان' في إبريل 1964م، ونادى فيه بالأفكار التي كانت أساس الإجماع الوطني لاحقا من أن مشكلة الجنوب لا يمكن أن تحل عسكريا .حين اندلعت أحداث الـ21 من أكتوبر 1964م اعتبرها المهدي نقطة انطلاق لتغيير الأوضاع وقد نجحت مساعيه في توحيد جميع الاتجاهات السياسية في السودان وفي جمعها خلف قيادة الأنصار في بيت المهدي وفي جعل بيت المهدي (أي القبة والمسجد الرابع الشهير بمسجد الخليفة) مركز قيادة التحول الجديد. رغم معارضة كبار البيت المهدوي للخطوة ورؤيتها أن الأمر يحتاج للتريث والابتعاد عن الثورة إلا أنه قاد موكب التشييع وأم المصلين في جنازة الشهيد القرشي، وكان ذلك هو الموكب الذي فجر الشرارة التي أطاحت بالنظام. كما كتب مسودة ميثاق أكتوبر 1964م الذي أجمعت عليه القوى السياسية.
الديمقراطية الثانية
انتخب رئيسا لحزب الأمة في نوفمبر 1964م، وقاد حملة لتطوير العمل السياسي والشعار الإسلامي وإصلاح الحزب في اتجاه الشورى والديمقراطية وتوسيع القاعدة، استغلها البعض لإذكاء الخلاف بينه وبين الإمام الهادي المهدي مما أدى لانشقاق في حزب الأمة وصار رئيسا للوزراء عن حزب الأمة في حكومة ائتلافية مع الحزب الوطني الاتحادي في 25 يوليو 1966م- خلفا للسيد محمد أحمد محجوب الذي كان رئيسا للوزراء عن حزب الأمة .
خاض حزب الأمة انتخابات 1968م منشقا ثم التأم مرة أخرى في 1969م، ولكنه لم يستفد من قوته الجديدة بسبب انقلاب 25 مايو 1969م بقيادة جعفر محمد النميري.
انقلاب النميري
بعد وصول النميري إلى السلطة قاد حملة ضد حزب الأمة القومي اعتقل على إثرها الصادق المهدي ثم تعرض لمحاولة اغتيال. أبعد الصادق عن الكيان واعتقل في 5 يونيو 1969 في مدينة جبيت بشرق السودان ثم حول لسجن بور تسودان ثم اعتقل بمدينة شندي، ثم نفي إلى مصر ووضع تحت الإقامة الجبرية، ثم أرجع لسجن بور تسودان معتقلا حتى مايو 1973.أطلق سراحه لعدة أشهر ثم اعتقل بعد انتفاضة شعبان سبتمبر 1973م والتي تجاوب معها الشارع وهزت النظام ولكنها لم تلق أي تجاوب عسكري كما استعجل في خطواتها بعض السياسيين، عاد الصادق بعدها نزيلا بسجن بور تسودان (من ديسمبر 1973- حتى مايو 1974م) وكتب خلال هذه الفترة: 'يسألونك عن المهدية'، وفي السجن تعرض لوعكة صحية وأوصى الطبيب الدكتور أحمد عبد العزيز بسفره للخارج للعلاج، وقد كان .
في 8 سبتمبر 1983م أعلن النظام المايوي ما أسماه الثورة التشريعية، التي اعتبرها السيد الصادق المهدي أكبر تشويه للشرع الإسلامي، وعقبة في سبيل البعث الإسلامي في العصر الحديث، وجاهر بمعارضتها في خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1403هـ الموافق 18 سبتمبر 1983م، فاعتقله النظام المايوي (في 25 سبتمبر 1983م.
أطلق سراحه في ديسمبر 1984م. فخرج يقود المعارضة للنظام من الداخل ويتناغم مع الغضبة الشعبية التي أثمرت ثورة رجب/إبريل 1985م.
ثورة أبريل 85
بعد نجاح ثورة إبريل 1985 تشكلت حكومة انتقالية عمرها عام واحد وجرت بعدها انتخابات عامة ( إبريل 1986م) حصل حزب الأمة فيها على الأكثرية، وانتخب السيد الصادق رئيسا للوزراء .انقلاب الإنقاذ
اعتقل الصادق المهدي في 7/7/1989م وقد كان بصدد تقديم مذكرة لقادة الانقلاب وجدت معه. حبس في سجن كوبر حتى ديسمبر 1990. في 1 أكتوبر 1989م تعرض للتصفية الصورية والتهديد فكتب شهادته عن فترة حكمه: كتابه عن 'الديمقراطية في السودان عائدة وراجحة'. وفي أكتوبر 1989م وقع مع قادة القوى السياسية الموجودين داخل السجن