بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، يستعد مجلس النواب الجديد ليبدأ فصلاً تشريعياً جديداً بدور انعقاده الأول، في 9 يناير 2021، الأمر الذي جرت معه الأعراف الدستورية المستقرة على أن تضع الحكومة استقالتها أمام رئيس الجمهورية، الذي يُسمى بدوره 'رئيس الوزراء الجديد'، أو يكلف رئيس الوزراء الحالي، الدكتور مصطفى مدبولي، بإعادة تشكيل الوزارة، ليعرض التشكيل الجديد على مجلس النواب الذي يقره، وفقاً لما تنص عليه المادة 147 من الدستور، والتي تقول لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، ولرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزاري، بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين، وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس.
بينما تحدد المادة(146) من الدستور كيفية تشكيل الحكومة ومنحها الثقة من قبل البرلمان، وفقاً لما ورد بنصها: 'يكلِّف رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء، بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً، يُعَد المجلس منحلاً ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوماً من تاريخ صدور قرار الحل.
بينما ذهب فقهاء دستوريون إلى أنه لا يوجد نص في الدستور يقضي باستقالة الحكومة مع بداية الفصل التشريعي، خاصةً وقد منحها مجلس النواب السابق الشرعية، حيث قال الدكتور صلاح فوزى إن: 'الحكومة غير ملزمة بالاستقالة، ولكنها تُحَل في ثلاثة حالات؛ الأولى: أن يقوم رئيس الجمهورية بإقالتها بعد موافقة مجلس النواب، والثانية: أن تتقدم الحكومة باستقالتها إلى رئيس الجمهورية حيث يقوم الرئيس بقبول أو رفض الاستقالة، والثالثة: بسحب الثقة من الحكومة عبر البرلمان، وفي هذه الحالة، يقوم رئيس الوزراء بالاستقالة'.
اقرأ في العدد الورقي
على صعيد الأعراف الدستورية المستقرة، باتت الأجواء السياسية مهيأة لتعديل وزاري قريب، ربما لا يشمل شخص رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي الذي يحظى بثقة واحترام الرئيس عبد الفتاح السيسي، لما حققه من طفرة في قطاعات الإسكان والتشييد والبناء، لا سيما أن العاصمة الإدارية -المشروع القومي الأضخم- لا يزال في مهده، ويحتاج لمتابعة ورعاية الدكتور مصطفى مدبولي، الأمر الذي تنتفي معه شائعات تكليف المهندس كامل الوزير -وزير النقل- الحالي بتشكيل الحكومة، أما على الصعيد الوزاري، فقد أنقذت جائحة كورونا وزراء المجموعة الاقتصادية من التقييم، على أساس البرامج والوعود المقدمة منهم من أجل تحسين معدلات النمو الاقتصادي، وخفض عجز الموازنة، وزيادة الصادرات، وتقليص حجم الواردات، بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية، وشهور الإغلاق والحظر التي حالت دون تحقيق معدلات مرضية، وأصبحت أمامهم فرصة ثانية للوفاء بوعودهم أو الرحيل في وقت آخر، بينما وضع وزراء الخدمات في اختبارات صعبة للغاية، في مقدمتهم وزيرة الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد، التي تواجه انتقادات حادة، بسبب عدم توفير رعاية صحية مناسبة، وعجز المستشفيات العامة عن استيعاب حالات الموجة الثانية، ربما كان آخرها وفاة مرضى الرعاية بمستشفى الحسينية، بسبب انقطاع الأكسجين عنهم، وتدور بورصة التكهنات حول عودة الدكتور عوض تاج الدين مستشار الرئيس، وزير الصحة والسكان الأسبق أو ترشيح أحد أعضاء اللجنة الطبية لمكافحة فيروس كورونا، لتولي الحقيبة الوزارية في الفترة المقبلة، وعلى شاكلتها ما يواجهه الدكتور طارق شوقي وزير التعليم، من سخط أولياء الأمور، بسبب إقرار نظام الثانوية العامة ثلاث سنوات، وكثرة القرارات المتخبطة، لكن يشفع له اقتحام تجربة التعليم عن بعد، أما وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة، الذي أدهش الجميع بعنفه في التعامل مع العاملين بوزاراته، بقرارات فصل لمجرد الاشتباه أو الخطأ غير العمد، وما أدهش الجميع من قراره بإغلاق مسجد النور بالعباسية لعدم التزام المصلين، وكأن العقاب من الواجب أن يقع على المسجد، لا على من يتولى أمره، إلى جانب الفشل الذريع الذي حققه في ملف تجديد الخطاب الديني، وتدور بورصة التكهنات عن رحيل محتوم لأسامة هيكل وزير الإعلام، الذي خاض معركة غير محسوبة العواقب، مع جناح من أجنحة الدولة، في الصحافة القومية والخاصة، وصل إلى حد تبادل الاتهامات حول سياسات الدولة الإعلامية في المرحلة المقبلة، التي لا يرى فيها مكانا للصحافة الورقية، وربما القومية بشكل عام بينما تتصدر مجموعة الحقائب السيادية ( الدفاع، الداخلية، الخارجية ) قائمة تجديد الثقة؛ لما قدموه من أدوار ومهام مؤثرة على صعيد الأمن القومي الداخلي والخارجي، ولا يختلف المحللون على بقاء وزراء السياحة، والآثار، والري، و الهجرة، والتموين، والتجارة الداخلية، والاتصالات، والإسكان؛ لما حققة من إنجازات، بينما يحتل وزراء البيئة، والقوى العاملة، والتعليم العالي، والثقافة، والزراعة، المساحة الرمادية من التكهنات، والتي تنقسم بين الرحيل والبقاء، تحسمها رغبة رئيس الوزراء المكلف.