اعلان

حكاية سعدة خليل من بورسعيد.. تركت المحاماة وتفرغت لتغسيل شهداء كورونا: التجارة مع الله أبقى

بعد 20 عامًا في المحاماة.. "سعده خليل" تترك مهنتها وتتطوع لتغسل وفيات كورونا ببورسعيد
بعد 20 عامًا في المحاماة.. "سعده خليل" تترك مهنتها وتتطوع لتغسل وفيات كورونا ببورسعيد

'شاهدت مواقف أفزعتني من الأحياء ولم أخف أو أتراجع عن غسل أي حالة وفاة بفيروس كورونا، حصنت نفسي بالأدعية قبل الطب الوقائي'، بهذه الكلمات بدأت سعده إبراهيم خليل، والتي تبلغ من العمر 54 عاما، حديثها لـ'أهل مصر'، مضيفة: 'تخرجت من كلية الحقوق عام 1990، وزاولت مهنة المحاماة لمدة 20 عاما، ولم يمنعني العمل من مزاولة عمل آخر، فعملت بالتجارة، ولكن تجارة مربحة في الدنيا والآخرة، إنها تجارة مع الله.

وتابعت سعده: 'كانت لي صديقة 'بورسعيدية' مقيمة بأستراليا، وعندما جاءت زيارة لبورسعيد تقابلنا وأخذتني في طريقها لمساعدة المحتاجين من الأرامل والمطلقات، وذات يوم استدعت لتقوم بغسل سيدة بمستشفى المبرة، وأخذتني معها، وكانت أول مرة أساعد فيها في غسل متوفي وبعدها تجرأت واستقوى قلبي'.

محررة اهل مصر مع المغسلات المتطوعات

محررة 'أهل مصر' مع المغسلات المتطوعات

وأضافت: 'تطوعت لغسل المتوفيات، وفتحت 'دار تحفيظ قرآن'، وكانت هناك جارة لي تحضر أبنائها الصغار في الدار لحفظ القرآن الكريم، وجاءت ذات يوم وأخذت أبنائها من الدار، وبمجرد استدارتها بظهرها وقعت على الأرض، اعتقدت في بداية الأمر أنها 'فقدت الوعي'، وأنها عملية إغماء فقط، ولكن للأسف كانت حالة 'وفاة' أثرت فيّ كثيرا وقمت بتغسيلها.

واستطردت: 'تركت مهنة المحاماة وكما قلت اشتغلت بالتجارة المربحة مع الله وحتى الآن لا أدري، لماذا اتجهت إلى هذا الاتجاه فجأة منذ 15 عاما؟، ولكني أقول إنها إرادة الله سبحانه وتعالى، أن يضع قدمي على هذا الطريق لأساعد المحتاج، وأسلك طريقا ربما لا يكون مختلفا لأن مهنة المحاماه هي مساعدة المحتاج بأجر ولكن الغسل مساعدة بدون أجر من البشر، ولكن الأجر أكبر فهو من عند الله.

وعن أصعب المواقف التي شهدتها، قالت: 'أصعب المواقف التي هزتني وجعلتني أعيد حساباتي في العلاقات الإنسانية بل الأسرية تحديدا، والتي رأيتها بعيني عندما أطلب من أسرة المتوفية، أن يدخل أحد منهم خلال الغسل بعد اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية لمنع العدوى، ولكنه يرفض و الأغرب أن فتاة تطلب أن تقوم بتأجير أي سيدة لتقف معي خلال غسل والدتها بدلا منها، أدرك جيدا أنه وباء، ولكن طالما هناك إجراءات للوقاية فلماذا نهرب من وداع الأحبة وخاصة إذا كانت أم مسنة'.

اللبس الوقائى لمغسلة وفيات كورونا

اللبس الوقائى لمغسلة وفيات كورونا

واستطردت: 'هناك حالات تتعرض للانهيار، وتريد أن تدخل خلال الغسل، ولكن في هذه المرة تكون الأم التي تريد أن تقف خلال غسل ابنتها'.

تحصنت من كورونا بالأدعية

وأردفت 'سعدة': 'عند بداية انتشار جائحة كورونا كان الأمر صعبًا بالنسبة لي، انتابتني حالة من الخوف ولكنه كان خوفًا مؤقتًا وقلت لنفسي لا يوجد أفضل عند الله من قضاء الحوائج واستغاثة ملهوف، وستر مسلمة فأجرهم عند الله أعلى وطمعت في الأجر من عند الله، ووضعت نفسي مكان أي أسرة فيها حالة وفاة، وقلت لنفسي من الممكن أن تكون جارتي وقد كانت بالفعل في يوم ما، ومن الممكن أن تكون أختي أو أحد أقاربي وتوكلت على الله، وقلت 'لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا'.

المغسلات المتطوعات

المغسلات المتطوعات

واختتمت: 'الحمد لله قبل البدء في أي عملية غسل لكورونا، أحصن نفسى جيدا بالأدعية، ويقوم الطب الوقائي بتأميني تأمينا وقائيا واحترازيا بشكل كبير، وأقوم بالغسل بطريقة شرعية، وبالنسبة لتكفين كورونا، فله طريقة مختلفة بعض الشيء فهو من كفنين، بالإضافة إلى الكيس البلاستيك الأسود الذي نحاول بقدر الإمكان من إخفائه عن الأعين، لأنه يصيب هلع وفزع بمجرد أن تراه أسرة المتوفي، وسمعت بأذني إحدى الفتيات، وهي منهارة لوفاة والدتها، قائلة: 'عمري ما هانسى المنظر ده وكأنني لا أستطيع أن ألمسك أو أحضنك، وفي الآخر كيس بلاستيك أسود يشبه كيس القمامة يحضنك يا حبيبتي، وكانت عبارة قاسية ومؤلمة ولن أنساها أبدا'.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً