دورهم بارز و فعال لا يختلف كثيرا عن دور جيش مصر الأبيض في ظل ظهور فيروس 'كورونا' اللعين، وقفوا في الصفوف الأمامية بكل قوة وتحدي في مواجهة تلك الجائحة، حيث تكفلوا بموتى كورونا من 'الألف إلى الياء' تجهيز وغُسل ونقل ودفن، وذلك في الوقت الذي هربت معظم أسر الأهالي وعائلتهم منهم؛ خوفًا من العدوى، قائلين: 'العمر واحد والرب واحد' تلك هى مقولتهم، ويسيروا على نهج قول الله تعالى: 'قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا'... أنهم أعضاء وعمال جمعية دفن الموتى ببورسعيد، هكذا بدأ عبد الصمد كامل محمد '57 عاما'، رئيس جمعية دفن الموتى ببورسعيد، حديثه مع 'أهل مصر'، قائلاً: إننى أعمل موجه عام للصناعات البحرية في بورسعيد 'تعليم فني'، وهذا التخصص ساعدني أن أقوم بأعمال جمعية 'دفن الموتى' بشكل صحيح وتوليت العمل بالجمعية كرئيس مجلس ادارة منذ عام 2011، عاصرت جميع الأحداث العصيبة التي مرت على المحافظة منذ أحداث الاستاد وأحداث سجن بورسعيد
صورة لمؤسسين جمعية دفن الموتى عام 1930
وسرد عبد الصمد ما تقوم به جمعية 'دفن الموتى' منذ بداية تأسيسها، قائلاً: 'أسست الجمعية عام 1930 من الوجهاء ومتعددى الديانات وليس المسلمين فقط واستمرت حتى عام 1982، وكلفها رسميا المجلس المحلي 'لجنة الصحة و الشئون الاجتماعية' والراحل السيد سرحان محافظ بورسعيد الأسبق، وكان الهدف منها توحيد جهة الدفن وتحديد المسلمين لجهة واحدة فقط على أن تقوم الجمعية بتحصيل رسوم رمزية وتكافل الحالات 'تحت خط الفقر' وهى تعمل تحت قانون رقم 5 لسنة 1966 لقانون الجبانات في أعمال تجهيز ونقل ودفن الموتى وتقع تحت الإشراف المباشر لمديرية التضامن الاجتماعي في جميع أعمال الجمعية، بالإضافة إلى إشراف لجنة الجبانات برئاسة المستشار رئيس اللجنة ورئيس المحكمة الابتدائية، ويتم تعيين الترابية والمغسلين طبقا لبنود قانون 5 لسنة 66.
استخراج تصاريح الدفن
وأضاف عبد الصمد أن عملية دفن المتوفى تبدأ بعمل تصريح الدفن من الصحة، ثم عمل محضر بالتصريح، ثم إيصال لفتح المقبرة، وإيصال آخر لحركة السيارات ونعطي التجهيزات لأهل المتوفى 'النعش، المغسلة الاستانلس، المغسل، السائق، ورقم التليفون'، وبعد الغسل نذهب إلى المسجد ثم المقابر، تلك الإجراءات التي تتم لحالات الوفيات العادية، مشيرًا إلى أن المتوفى بدون فيروس كورونا يتم الصلاة عليه فى الساحات الجانبية للمسجد فيما عدا مسجد مريم؛ لأنه بشارع عام ومنطقة سكنية.
وقال عبد الصمد: 'أما بالنسبة لأزمة كورونا على الرغم أن اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد كان يرى أننا مقصرين بعض الشىء إلا أنه بعد ذلك دعمنا دعما كاملا، حيث أنه أمر بدعم الجمعية بجميع الأدوات الاحترازية وحث جميع الجهات بالتعاون معنا بما لديهم من إمكانيات وطاقات، كما تفرغ لنا اللواء محمد عامر 'مستشار المحافظ سابقا'، والدكتورة سوسن حبيشي وكيل وزارة التضامن الاجتماعى لمدة ثلاثة أشهر؛ لإزالة اى معوقات تقابل الجمعية في تنفيذ تجهيز ونقل ودفن موتى 'حالات كورونا'، والتصدى للوسطاء الذين يستغلون أهل المتوفى في ظل هذه الظروف، خاصة المغسلين غير الشرعيين والسيارات نصف وربع النقل.
دور جمعية دفن الموتى فى ظل جائحة كورونا
واستطرد رئيس جمعية دفن الموتى ببورسعيد، قائلا: 'قام المسئولين بربط الجمعية بخط الاتصال بمكتب المحافظ وغرفة عمليات المحافظة ومديرية الصحة وإدارة الطب الوقائي، ومد الجمعية بالملابس الوقائية بالمعاونة مع الدكتورة سوسن حبيشى وكيل وزارة التضامن الاجتماعي، وذلك من خلال التواجد الشخصي بصفة مستمرة للمتابعة دون كلل أو ملل وكذلك اللواء محمد عامر' مضيفًا بالقول: 'إن اللواء عادل الغضبان صرف مكافأة تحفيزية قدرها 7 آلاف جنيها للمغسلين والسائقين والترابية'.
دور جمعية دفن الموتى فى ظل جائحة كورونا
إجراءات الجمعية في مكافحة انتشار فيروس كورونا
ولفت عبد الصمد إلى أنه في بداية الأمر وبناء على تعليمات المحافظ والدكتورة سوسن حبيشي تم تخصيص سيارة نقل للموتى؛ لنقل حالات وفاة كورونا وتجهيز قوة من السائقين والمغسلين والترابية وتسليم بياناتهم لمديرية الصحة والمستشفيات وغرفة عمليات تكون تحت الطلب 24 ساعة، وفى بداية الأمر كان هؤلاء القوة المسئولة عن حالات كورونا فقط، مضيفًا أن كان يُحرق النعش الخشبي بعد الدفن مباشرة، ويتم تجهيز السائق بالملابس الوقائية وأجهزة الوقاية الشخصية، بالإضافة إلى وضع علامات على المقابر بعدم فتح المقبرة إلا بعد ستة أشهر.
كرسى متحرك لنقل متوفى كورونا
التبرعات لدعم الجمعية في ظل جائحة كورونا
وأشار عبد الصمد إلى الدكتور محمد إمام، المتخصص في جراحة قلب، والذي دعم الجمعية بأول نعش «استانلس» هو النعش الوحيد 'المعدنى' على مستوى محافظات مصر، ثم توالى بعده المجتمع البورسعيدي بتجهيز الجمعية بأكثر من 8 نعوش «استانلس» ليس لها مثيل في كافة المحافظات، موضحًا أن الجمعية تصرف جميع الأكفان مجانًا، ويخصص لكل حالة وفاة كورونا عدد '2' كفن، وهذه الطريقة مستحدثة في بورسعيد فقط، حيث يتم تكفين حالات كورونا بكفنين، الكفن الأول شرعي والثاني احترازي؛ لعدم نفاذ السوائل ونقل العدوى لحاملين حالات الوفيات.
وأكد عبد الصمد أنه يتم دفن كل حالة بمفردها بالتنسيق مع الطب الوقائي ووجود شرطة النجدة؛ للتأكد من مسار الحالة وكذلك يقوم الطب الوقائي بتجهيز وتعقيم الترابية (من يقومون بفتح المقبرة وعملية الدفن)، مضيفا أن غسل وتجهيز وتكفين ونقل ودفن حالات كورونا يتم بصورة احترازية شديدة تحمى المجتمع البورسعيدي و الترابي والمشيعيين من نقل الإصابة، هذا بخلاف أنه يخصص سائقًا على مدار 24 ساعة للجمعية، كما أن هناك تعاونًا مثمرًا مع جميع الأعضاء مجلس الإدارة بالكامل؛ لتقديم كافة الخدمات.
تجهيزات مخازن جمعية دفن الموتى بالنعوش
أسطول كورونا فى جمعية دفن الموتى
وأوضح عبد الصمد أنه يوجد بالجمعية ثلاثة سيارت 'شيفروليه' موديل 2014؛ لدفن الموتى، 2 سيارة 'افيكو'، سيارة نقل كبيرة 'تويوتا'، أحدث سيارة إسعاف في مصر موديل 2020 على حد قوله، وجارى شراء سيارة حديثة بمعرفة محافظة بورسعيد خصص لها 650 ألف جنيها «تحت حساب» لحين شرائها والجمعية لا تمول من أي جهة ولكن مواردها مجهودات مجلس الإدارة والعاملين بها وشرفاء بورسعيد المتبرعين وأعضاء الجمعية العمومية.
دعم جمعية الأقباط:
وعن سُبل دعم الجمعية، قال عبد الصمد إن جمعية دفن الموتى قامت بدعم جمعية الأقباط ببورسعيد بدفن 7 حالات وفاة مسيحيين وغسلهم وتكفينهم بمعرفتنا وتجبير نعوش مستوردة من الجمعية دون تحصيل مقابل لها 'مجانا' حتى تم تدريبهم على طرق غسل حالات كورونا كحالات وقائية وليس لها علاقة بالشرعية هذا بعد الرجوع إلى الجهات المعنية؛ لاستشارتها فى هذا الأمر لربط نسيج الوطن والمحافظة على حرمة الإنسان في المقام الأول.
دعّمنا مبادرة الرئيس للعمالة غير المنتظة بـ 50 ألف جنيه
وأضاف عبد الصمد أن الجمعية قامت في ظل ظروف انتشار جائحة كورونا بالامتثال لمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى 'دعم العمالة غير المنتظمة'، حيث دعمت 100 أسرة من العمالة بـ500 جنيه للفرد بمعدل 50 ألف جنيها، وتعاونت مع إحدى الجمعيات؛ لصرف راتب 3 أشهر للعاملين بها حتى لا يتم تسريحهم في ظل الأزمة.
مقابر لجمعية دفن الموتى 'صدقة'
100 'عين' مقابر'صدقة' لجمعية دفن الموتى
ولفت رئيس الجمعية، إلى أن جمعية دفن الموتى تمتلك 100 'عين'، موضحًا أن هذه 'مقابر صدقة'، حيث تُعد الجمعية هى الوحيدة المنوطة بدعم حالات الوفاة المجهولة وغير معلومة الهوية بمقابرها على أن يقوم الترابى بفتحها في حالة طلب الجثة مرة أخرى من الجهات المعنية.
وقامت الجمعية في ظل انتشار جائحة كورونا بحل الخلاف بين الأهالى لعدم موافقتهم على دفن حالات كورونا في مقابرهم وتم الدفن بمقابر الجمعية، وتعتبر المقابر بحالة جيدة وتم دفن العديد من الشهداء الذين سقطوا من أجل الدفاع عن أرض المدينة الباسلة أثناء العدوان الثلاثى عام 1956.
مقابر دفن الموتى 'الشهداء'
مساعدة المرأة المعيلة بالتنسيق مع التضامن الاجتماعى
وأردف عبد الصمد، قائلاً: 'يوجد بالجمعية دار للمغتربات بها 105 طالبة من كليات مختلفة مجهزة بصورة تليق بهم كطلبة وبرسوم رمزية غير أن الجمعية تقوم برعاية المطلقات و الأرامل والأيتام والمرضى بصرف مساعدات عينية في المواسم بمعدل 6 مرات في العام وبمساعدة التضامن الاجتماعي التى تمنحنا شنط مواد غذائية يتم توزيعها على الحالات التى تستحق المساعدة.
مخازن جمعية دفن الموتى و النعوس الاستانلس لموتى كورونا
موظفات الجمعية
احدى فريق عمل الجمعية 
احدى فريق عمل الجمعية
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
