شهدت ولاية مينيسوتا الأمريكية، ظهور سلالة يُشتبه في أنها تساعد في زيادة انتشار عدوى فيروس كورونا في منطقة الأمازون البرازيلية، وفي موقعين بولاية ساوث كارولينا الأمريكية، ظهرت سلالة أخرى تثير قلق المسؤولين في جنوب إفريقيا.
وليس من المفاجئ رؤية فيروس كورونا يتغير ويتطور، فهذا ما تفعله الفيروسات، ومع تفشي عدوى "كوفيد-19" في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم، فإن الفيروس لديه الكثير من الفرص للقيام بذلك.
وتثير أربعة من سلالات فيروس كورونا المتحورة الجديدة القلق بشكل خاص.
وصرحت الدكتورة روشيل والينسكي، الرئيس المعين حديثاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، في إيجاز صحفي، الأربعاء: "يبدو أن السلالات التي تم تحديدها مؤخراً تنتشر بسهولة أكبر، فهي أكثر قابلية للانتقال، مما قد يؤدي إلى زيادة عدد الحالات، وزيادة الضغط على نظامنا المثقل بالفعل".
وأكثر ما يخشاه العلماء هو أن تتحور إحدى سلالات فيروس كورونا إلى درجة أن تسبب مرضاً أكثر شدة، أو يتجاوز اكتشافها قدرة الفحوصات أو تتجاوز الحماية التي يوفرها التطعيم.
وبينما يبدو أن بعض السلالات الجديدة تحتوي على تغييرات تبدو وكأنها يمكن أن تؤثر على الاستجابة المناعية، إلا أن الأمر يتعلق فقط بدرجة معينة، وبدأت الحكومات تستجيب لهذه المخاطر بالفعل، إذ حظرت كولومبيا الرحلات الجوية من البرازيل، كما حظرت البرازيل الرحلات الجوية من جنوب إفريقيا.
ومن شبه المؤكد أن الأوان قد فات لإيقاف الانتشار، وهناك بعض الدلائل على أن الطفرات في هذه السلالات تنشأ بشكل مستقل وفي أماكن متعددة، إليكم ما هو معروف عن السلالات المتحورة الجديدة من فيروس كورونا في المراكز الأربعة الأولى.
B.1.1.7
على رأس قائمة الباحثين في الولايات المتحدة يوجد التحوّر "B.1.1.7" الذي أكتشف لأول مرة في بريطانيا، وحذرت مراكز السيطرة على الأمراض من أنه قد يؤدي إلى تفاقم انتشار الوباء.
وتم تسجيل أكثر من 300 حالة إصابة بالسلالة المتحورة من فيروس كورونا في 28 ولاية أمريكية، وهي فقط الحالات التي تم اكتشافها من خلال التسلسل الجيني، ومع ذلك لا يزال العلماء مطمئنون من قدرة جهاز المناعة البشري على التعامل مع المتحوّرات التي ظهرت حتى الآن، وخاصةً متحور "B.1.1.7".
وقال مدير مكتب الكشف الجزيئي المتقدم في مراكز السيطرة على الأمراض، جريجوري أرمسترونغ، لـ CNN : "بقدر ما نعلم أنه ينتقل بالطريقة ذاتها".
وهذا يعني أن الإجراءات المعروفة التي تساعد في تقليل الانتشار، ستوقف المتحورات الجديدة، منها: استخدام قناع الوجه، والتباعد الاجتماعي، وتجنب المجموعات الكبيرة أو الحشود، وغسل اليدين بشكل متكرر.
ومع ذلك، فإن الطفرات في السلالة المتحورة تساعد على دخول الخلايا بسهولة أكبر، مما يعني أنه إذا كان شخص ما يتنفس الهواء الذي يحتوي على جزيئات فيروسية، فمن المرجح أن تصيب هذه الجسيمات بعض الخلايا في الجيوب الأنفية، كما أن المتحورات المقلقة تعزز البروتين الشائك الذي يستخدمه الفيروس لالتصاق بالخلايا البشرية، مما يعني أن الناس أكثر عرضة للإصابة عن طريق التعرض، لذلك الناس بحاجة إلى بذل جهود أكبر للحد من انتشار المرض، حتى يتم تسريع عملية التطعيم.
وأوضح أرمسترونغ أنه من المهم الالتزام بوضع أقنعة الوجه من أجل الحد من انتقال العدوى، مع توفير اللقاح على نطاق واسع.
وكانت هناك بعض التقارير المربكة حول ما إذا كان متحور "B.1.1.7" قد تسبب في مرض أكثر حدة في بريطانيا.
وقال الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، في بث على شبكة الإنترنت، الخميس، برعاية جمعية التعليم الوطنية: "تشير أحدث البيانات من المملكة المتحدة إلى أنه يبدو أكثر حدة من حيث احتمال تسببها في مرض أكثر خطورة".
B.1.351
اكتشفت هذه السلالة المتحورة لأول مرة في في جنوب أفريقيا، وتعرف باسم "B.1.351" أو "501Y.V2"، وتم تسجيلها لأول مرة في الولايات المتحدة، الخميس، في ولاية ساوث كارولينا.
وعاش الشخصان في أجزاء مختلفة من الولاية ولم يسافر أي منهما مؤخراً، على الرغم من أن الدكتور برانون تراكسلر، مدير الصحة العامة المؤقت في وزارة الصحة، رفض القول ما إذا كان ذلك يشير إلى أنه من المؤكد أن السلالة تنتشر في المجتمع.
واكتشفت السلالة الجديدة في أكثر من 30 دولة أخرى، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لأفريقيا، الدكتور ماتشيديسو مويتي، الخميس: "السلالة التي تم اكتشافها لأول مرة في جنوب إفريقيا انتشرت بسرعة إلى ما وراء إفريقيا، ولذا فإن ما يبقيني مستيقظًا في الليل الآن هو أنه من المحتمل أنه ينتشر في عدد من البلدان الأفريقية".
وتتألف السلالة الجديدة من نمط مختلف من الطفرات التي تسبب المزيد من التغيرات الجسدية في بنية البروتين الشائك على سطح الفيروس، أكثر من السلالة المتحورة "B.1.1.7".
ويبدو أن بها طفرة واحدة مهمة، تسمى "E484K"، تؤثر على مجال ربط المستقبلات، وهو جزء من بروتين الشائك الذي يلتصق بأسطح الخلايا البشرية عند الإصابة بالعدوى.
ويمكن أن تساعد هذه السلالة المتحورة في هروب الفيروس جزئياً من تأثير اللقاحات.
ويقوم صانعو اللقاحات والباحثون الأكاديميون باختبار عينات من هذه السلالة، مع آخرين، لمعرفة ما إذا كان بإمكان الفيروس الهروب من الاستجابة المناعية التي يسببها التطعيم.
ويقول فاوتشي لـCNN إنه بالرغم من ذلك، هناك حماية إضافية للمناعة بسبب التطعيم، كما قامت فرق في جامعة كولومبيا ومركز آرون دايموند لأبحاث الإيدز في جامعة كولومبيا وأماكن أخرى باختبار نسخ مخبرية من الطفرات الفيروسية ضد عينات دم الأشخاص الذين تلقوا اللقاح ويقولون إنه بينما يبدو أن هناك تأثير ضئيل إلى حد ما للتطعيم، فإنه غير كافٍ لإضعاف الحماية، حتى الآن.
ولكن شركة نوفافاكس لصناعة اللقاحات، ومقرها ولاية ماريلاند، أصدرت النتائج الأولية للقاح فيروس كورونا يوم الخميس، والتي أظهرت أنه بينما كان اللقاح فعالاً بنسبة تزيد عن 89% خلال تجارب المرحلة الثالثة في بريطانيا، أظهرت تجارب سابقة أصغر للمرحلة الثانية أجريت في جنوب إفريقيا وسط انتشار السلالة المتحورة، أن فعالية اللقاح هناك 60% فقط.
وتقول شركتا "فايزر" و"مودرنا" إنهما تعملان على صنع لقاحات معززة من شأنها معالجة السلالات المتحورة، ويهدف تصميم اللقاحات إلى جعل هذه العملية سريعة وسهلة، وسيفي توصيل نسخة جديدة من الشفرة الجينية المستخدمة في إنتاج اللقاحات بالغرض.
وهناك أيضاً دليل على أن التغييرات قد تساعد الفيروس في تجاوز علاجات الأجسام المضادة أحادية النسيلة التي طورتها شركة "ايلاي ليلي وشركائه" وشركة "ريجينيرون" أيضاً.
P.1
ظهرت سلالة، يُشتبه في أنها تؤجج عودة انتشار فيروس كورونا في البرازيل، في ولاية مينيسوتا الأمريكية لأول مرة هذا الأسبوع، وكان المصاب الذي يحمل السلالة المتحورة، مسافراً من البرازيل، لذلك لا يوجد مؤشر حتى الآن على أن السلالة تنتشر في المجتمع.
واكتشفت هذه السلالة المتحورة، التي تحمل اسم P.1، في نسبة 42% من العينات خلال إحدى الاستطلاعات التي أجريت في مدينة ماناوس البرازيلية، ووجد المسؤولون اليابانيون أن أربعة مسافرين من البرازيل يحملون هذه السلالة المتحورة.
وقالت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، إن ظهور هذه السلالة المتحورة يثير مخاوف من زيادة محتملة في قابلية الانتقال أو الميل لإعادة إصابة الأفراد بـسارس-كوف-2".
وتحمل السلالة المتحورة "P.1" طفرة "E484K" أيضاً الموجودة في سلالة "B.1.351".
L425R
وهناك سلالة متحورة جديدة اكتشفت في كاليفورنيا، بالإضافة إلى عشرات الولايات الأخرى، كما أن لديها طفرة في مجال ربط مستقبلات بروتين الشكل الشوكي، ويرمز لها بـ"L425R" وعلى الرغم من وجودها بشكل شائع، إلا أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت أكثر قابلية للانتقال.
ويمكن أن تصبح أي سلالة فيروسية أكثر شيوعاً بسبب ما يُعرف باسم "تأثير المؤسس"، وإذا حدث أن سلالة معينة تنتشر عندما يزداد انتقالها بسبب السلوك البشري، فإن هذه السلالة سوف تستمر وتصبح أكثر شيوعاً ليس لأنها تنتشر بسهولة أكبر، ولكن ببساطة لأنها كانت موجودة، وسيستغرق الأمر مزيداً من الدراسة لإظهار ما إذا كانت هذه السلالات المتحورة يمكن أن تزيد من الانتشار الهائل للفيروس.
وسجلت الولايات المتحدة أكثر من 25 مليون حالة تم تشخيصها بمرض "كوفيد-19" وأكثر من 430 ألف حالة وفاة.
ونصح والينسكي بأن ظهور المتحورات يؤكد الحاجة إلى إجراءات الصحة العامة، وقال: "أولاً، احصل على التطعيم عندما يحين دورك، أيضًا، قد يحتاج بعض الأشخاص إلى المساعدة في الحصول على التطعيم، يرجى التفكير في مساعدة جيرانك وأحبائك في تحديد مواعيد تلقى اللقاح، وثانياً، ارتدِ قناعاً ومارس التباعد الاجتماعي واغسل يديك، وأخيراً، الآن ليس وقت السفر".