اعلان

تأتي الرياح بما لا تشتهي سفن الاحتلال.. الحوثيون ينجحون في فرض حظر التجول بالبحر الأحمر

الحوثيون
الحوثيون

جماعة الحوثي: المياه المحاذية لليمن آمنة للجميع باستثناء السفن الإسرائيلية أو السفن المتجهة إلى إسرائيل

تتسارع معدلات التصعيد في البحر الأحمر، على خلفية إصرار الحوثيون التصعيد في منطقة مضيق «باب المندب»، واستهداف القطع البحرية في هذه المنطقة الحيوية، ما استدعى تحركات سياسية وأمنية دولية لحماية الملاحة في البحر الأحمر.

وتعرض الكيان الصهيوني، على مدار الأسابيع الماضية منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، لهجمات متكرر من جماعة الحوثي في اليمن، الذين أطلقوا صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة على الأراضي المحتلة.

وفي الوقت الذي تدخل فيه الحرب التي يشنها الاحتلال ضد المدنيين في قطاع غزة للشهر الثالث، ظهرت اليمن بصورة كبيرة على السطح، بعد الهجمات التي تشنها جماعة أنصار الله "الحوثيين" على السفن البحرية والضربات الموجهة نحو الاراضي المحتلة.

وتحدثت تقارير إعلامية إسرائيلية حول عجز جيش الاحتلال عن الرد بشكل مناسب ضد التهديد العسكري والاقتصادي الذي تمثله جماعة الحوثي على كيان الاحتلال، في الوقت الذي تتزايد وتيرة تهديدات وهجمات الجماعة المسلحة ضد السفن المتجهة إلى الاراضي المحتلة أو المملوكة لإسرائيليين في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

وفي ذات الوقت احتلت التأثيرات التي أحدثتها تلك الهجمات مساحة واسعة في الإعلام العبري، حيث يمثل البحر الأحمر ممرًا رئيسيًا للسفن المتجهة من الشرق الأقصى والصين والهند ودول الخليج إلى ميناء إيلات الذي يعد أكبر ميناء إسرائيلي لاستيراد السيارات ومسؤول عن 3% من إجمالي حركة البضائع هناك.

وبداية من 15 ديسمبر الجاري، اضطرت 4 من أكبر خمس شركات شحن حاويات في العالم، وهي "ميرسك" و"أم أس سي" و"هاباغ ليود" و"سي أم أيه سي جي أم"، لإيقاف أو تعليق خدماتها في البحر الأحمر، وهو الطريق الذي يجب أن تمر عبره حركة المرور من قناة السويس.

وتمثل هذه الشركات الأربع مجتمعة 53 في %من تجارة الحاويات العالمية. وقد تحذو الشركات الأصغر لنقل الحاويات حذوها، بحسب مجلة "إيكونوميست".

ومنذ بداية العدوان على قطاع غزة وتصعيد الاحتلال ضد المدنيين، يؤكد الحوثيون أن منعهم للسفن واستهداف من يعبر منها باتجاه الموانئ الإسرائيلية يرتبط بما يشهده قطاع غزة والعمليات الجارية هناك.

ويرتبط دائمًا اسم جماعة الحوثي في اليمن بإيران، وفي أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة، تنامى نشاط الجماعة المسلحة، وأصبح محل اهتمام عالمي، بعد أن أصبحت اليمن قاعدة تنطلق منها الصواريخ البعيدة المدى وطائرات مسيرة من دون طيار باتجاه إيلات في جنوب إسرائيل.

وجاء إطلاق الصواريخ والمسيرات من خلال جماعة الحوثيين، في ذات التوقيت الذي تتحرك فيه جبهة "حزب الله" اللبنانية، وجبهات أخرى في العراق وسوريا باتجاه القواعد الأميركية، ضمن عمليات استفزازية تحاول من خلالها أذرع إيران في المنطقة الظهور بموقف الداعم لغزة وحركة حماس في القطاع.

ويرى مراقبون أن اليمن رغم أنه لا يمثل موقعا استراتيجيا مفيدًا لشن هجمات ضد الكيان الصهيوني، إلا أنه مثالي لمهاجمة السفن في البحر الأحمر، حيث تمتلك جماعة الحوثي مخزونا من الصواريخ المضادة للسفن، مما يجعلها قادرة على تهديد أي سفينة تعبر في مضيق باب المندب الذي يمر عبر الساحل اليمني.

يوآف شتيرن المحلل السياسي الإسرائيلي، يقول إن "التهديد الذي يشكله الحوثيون بات يؤثر على الداخل الإسرائيلي، ومع استمرار حالة الحصار والتهديد بالاستهداف من الممكن أن ينعكس الأمر على أسعار السلع ليس فقط في دولتنا بل في أوروبا ومناطق أخرى".

ويؤكد شتيرن أن قضية تهديدات الحوثيين ليست إسرائيلية بحتة، بل هناك مصلحة عامة لكل الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة والدول الأوروبية للحفاظ على حرية الملاحة بالبحار، لأن ما يجري في باب المندب يؤثر على إسرائيل فحسب، بل على "كل العالم".

وفي المقابل أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن عن إطلاق الولايات المتحدة عملية أمنية متعددة الجنسيات، لتأمين التجارة في البحرالأحمر، حيث أجبرت هجمات الحوثيين المزيد من شركات الشحن الكبرى على تغيير مسار سفنها.

وقال أوستن، الذي يزور البحرين التي تستضيف مقر قيادة الأسطول الأميركي في الشرق الأوسط، إن الدول المشاركة في العملية تضم بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا.

وخلال اجتماع عُقد عبر الإنترنت مع وزراء من أكثر من 40 دولة، دعا أوستن الدول الأخرى إلى المساهمة وندد "بأفعال الحوثيين المتهورة".

وواصلت شركات الشحن تغيير مسارها، يوم الثلاثاء، رغم إعلان أوستن، وقالت شركة "ميرسك" الدنماركية، التي علقت عمليات الشحن في البحر الأحمر، إن سفنها ستبحر حول أفريقيا حتى إشعار آخر.

وأضافت الشركة الدنماركية في بيان "نثق بأنه سيتم الوصول إلى حل يمكّننا من العودة إلى استخدام قناة السويس والمرور عبر البحرالأحمر وخليج عدن في المستقبل القريب، ولكن في الوقت الحالي يصعب تحديد موعد محدد لذلك".

والعديد من السفن الأخرى لا تزال تبحر في الممر المائي. وأظهرت بيانات مجموعة بورصات لندن أن عدة سفن مبحرة يوجد على متنها حراس مسلحون.

وقالت مصادر في غزة إن تأثير هجمات الحوثيين على التجارة العالمية يعتمد على مدة استمرارها، لكن أقساط التأمين والمسارات الأطول ستكون من بين الأعباء الفورية.

من جانبه يرى اللواء نصر سالم المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات الاستراتيجية، ورئيس جهاز الاستطلاع بالجيش المصري سابقاً، أن استهداف الحوثيين حالياً للسفن المارة في مضيق المندب هو «توتر مؤقت»، مشيرًا إلى أن يتوقع ألا يكون ذلك له تأثيرات كبيرة إلا إذا طال أمد ذلك التوتر.

وأكد سالم في تصريحات صحفية أنه على الولايات المتحدة أن تسعى لإزالة سبب التوتر هناك بدلاً من تصعيد وتوسيع نطاق المواجهات، مشيرًا إلى أن السبب الرئيسي لهجمات «الحوثيين» في مضيق باب المندب يرتبط بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وأضاف المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات الاستراتيجية، أن سعي الولايات المتحدة لمضاعفة وتيرة ترحاتها في البحر الأحمر بالاشتراك مع دول غربية، على الرغم من وجود قوات كافية لتأمين حركة الملاحة بالمنطقة: «قد يحمل أهدافاً تتعلق بالضغط على قوى إقليمية، أو بإيعاز من إسرائيل لتكريس حماية دولية لها عبر التحركات الأميركية، التي ستستغل الموقف لتعزيز مصالحها، ولتوفير مزيد من الضمانات لحماية أمن إسرائيل».

وسبق أن صرح المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينج، منتصف الشهر الحالي، بأن الولايات المتحدة تريد تشكيل «أوسع تحالف بحري ممكن» لحماية السفن في البحر الأحمر وإرسال «إشارة مهمة» إلى الحوثيين بأنه لن يجري التسامح مع مزيد من الهجمات.

كما أكد مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان ، الأسبوع الماضي، أن واشنطن تجري محادثات مع دول أخرى بشأن قوة عمل بحرية «تضمن المرور الآمن للسفن في البحر الأحمر»، دون ذكر مزيد من التفاصيل. وحذرت إيران، الخميس، من أن مثل هذه القوة ستواجه «مشكلات استثنائية».

وفي سياق متصل، أوضح اللواء محمد الشهاوي المستشار بكلية القادة والأركان والخبير العسكري، أن الولايات المتحدة الأمريكية تحرص على تواجدها في منطقة الشرق الأوسط، لتحقيق مجموعة من الأهداف، أبرزها حماية الملاحة في البحر الأحمر والمضايق مثل هرمز وباب المندب، وخليج عدن والبحر الأحمر وقناة السويس.

واستبعد الشهاوي: أن يتسبب إنشاء قوة حارس الازدهار بهدف القيام بعمليات دفاعية لإسقاط الطائرات والصواريخ اليمنية، وقد تتحول إلى عملية هجومية، في اشتعال حرب إقليمية لأنه إذا تم استهداف قدرات الحوثيين سيتم تدميرها في التو، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعم إسرائيل لا تهدف إلى توسيع نطاق المعركة، وبالتالي لم تستهدف الحوثيين إلى الآن، ولكن تقوم بأعمال دفاعية، من خلال الصواريخ التي تطلق، وإسقاط الطائرات المسيرة عن طريق الفرقاطات والمدمرات الأمريكية والبريطانية الموجودة في البحر المتوسط".

وفي المقابل قال كبير مفاوضي الحوثيين، محمد عبدالسلام، إن الجماعة اليمنية، لن تغير موقفها من الصراع في قطاع غزة بسبب تشكيل تحالف بحري متعدد الجنسيات لحماية الملاحة في البحر الأحمر.

وأضاف عبد السلام، أن التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة «لا داعي له أساسا»، وأن المياه المحاذية لليمن آمنة للجميع باستثناء السفن الإسرائيلية أو السفن المتجهة إلى إسرائيل، بسبب الحرب العدوانية الظالمة على فلسطين والحصار على قطاع غزة.

واتفق معه المسؤول الحوثي محمد البخيتي، والذي أكد أنه حتى لو نجحت الولايات المتحدة في حشد الكون كله فإن ضرباتهم ضد إسرائيل لن تتوقف إلا بتوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة والسماح بدخول المسعدات الإنسانية لسكانها المحاصرين مهما كلفنا ذلك من تضحيات.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً