في الوقت الذي تمت فيه مناقشة استمرار نتنياهو في الحكم بعد هجمات 7 أكتوبر في إسرائيل، فمن غير المعتاد أن تقدم وكالة استخبارات أمريكية رأيها بمصير حليفها وبقائه السياسي، وجاء التقرير المكون من 40 صفحة ويقدم تقييمات عن منظور التهديدات العالمية لعام 2024 في غزة، وقالت الوكالة إنه ربما أصبحت قدرة نتنياهو وتحالفه الحاكم من أحزاب اليمين المتطرف الذي طبق سياسات متشددة ضد الفلسطينيين، في خطر.
وكشفت صحيفة 'وول ستريت جورنال' الأمريكية عن تقييم استخباراتي أمريكي يحذر من إدارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للحرب على قطاع غزة.
حرب غزة
قالت الصحيفة، في تقرير أعده وارن بي ستروبل، إن قدرة نتنياهو على مواصلة الحكم 'في خطر'، وأن إسرائيل ستفشل في تحقيق هدفها بالقضاء على حماس.
وأضاف التقرير أن 'عدم الثقة بقدرة نتنياهو على الحكم قد تعمقت وتوسعت في الرأي العام وعلى أعلى المستويات قبل الحرب، ونتوقع تظاهرات كبيرة تطالب باستقالته وانتخابات جديدة. وهناك احتمال ببروز حكومة مختلفة ومعتدلة'.
ودخل الرئيس الأمريكي جو بايدن ونتنياهو في حرب كلامية حول العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، حيث حذر بايدن إسرائيل الهجوم على مدينة رفح جنوبي القطاع، ولم يهتم نتنياهو على ما يبدو بهذه التحذيرات في مقابلة مع مجلة 'بوليتيكو'.
وحذر بايدن إسرائيل من أي خطوة باتجاه رفح بدون أن تتخذ الخطوات اللازمة لحماية المدنيين، واصفا أي عملية بأنها تعتبر “خطا أحمر” وترك الباب مفتوحا أمام إمكانية تعليق المساعدات العسكرية لو مضت إسرائيل في ذلك.
وأصبح نتنياهو البالغ من العمر 74 عاما، أطول رئيس للوزراء في تاريخ إسرائيل، وركز على موضوع الأمن، لكن ثاني أكبر فشل أمني حدث في عهده عندما قامت حماس بمهاجمة إسرائيل في أكتوبر العام الماضي.
وتحول الرأي العام ضده، ونظمت تظاهرات حاشدة تطالبه بالاستقالة، حيث يعتمد مصيره السياسي على تجنب انتخابات سريعة، والحفاظ على تحالف ضيق مع الأحزاب المتطرفة.
وتعهد نتنياهو بالبقاء في السلطة حتى “النصر الكامل” على حماس.
وبحسب الخبراء، يعوّل نتنياهو على البقاء في السلطة من خلال قتل زعيم حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، وبالتالي عودة شعبيته.
ويتعرض لضغوط من داخل حكومة الحرب التي يشترك فيها زعيم حزب الوحدة بيني غانتس، ووزير الدفاع يوآف غالانت. ولو عقدت الانتخابات اليوم، فسيهزم غانتس نتنياهو بسهولة، ولم يستبعد غانتس العمل مع السلطة الفلسطينية في غزة والتفاوض بشأن دولة فلسطينية.
ويعارض نتنياهو فكرة الدولة الفلسطينية، وهو متناقض مع موقف الإدارة الأمريكية الداعي لدور للسلطة، في غزة ومناقشة دولة فلسطينية مستقلة.
وجاء فيه: “تركز إسرائيل على تدمير حماس والتي تحظى بدعم واسع من السكان”، و”أكثر من هذا، فمن المحتمل مواجهة إسرائيل مقاومة من حماس لسنوات قادمة، وسيكافح الجيش الإسرائيلي من أجل تدمير بنية حماس تحت الأرض، والتي تسمح للمسلحين بالتخفي واستعادة القوة ومفاجأة القوات الإسرائيلية”.
وتترافق مع إصدار التقرير، جلسات استماع ليومين في الكونغرس، ولم يطرح أعضاء المجلس أسئلة حول القسم الذي يغطي مستقبل نتنياهو السياسي، وتعطلت المساءلة أكثر من مرة من قبل المحتجين الذين شجبوا دعم الولايات المتحدة لإسرائيل.
وقال مدير وكالة “سي آي إيه” ويليام بيرنز إنه يواصل التفاوض مع الإسرائيليين والمصريين والقطريين على خطة دبلوماسية من ثلاثة أجزاء تؤدي إلى إفراج حماس عن المحتجزين الإسرائيليين وخروج الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، ووقف إطلاق نار لمدة ستة أسابيع وتوفير المساعدات الإنسانية.
وقال بيرنز: “سنواصل العمل بجد على هذا”، و”لا أعتقد أن أحدا يستطيع ضمان النجاح”، مشيرا إلى أنه يريد التركيز على الجزء الأول وهو وقف إطلاق النار.
شهدت العلاقات بين إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو توترات كبيرة إزاء فشل الأخير في إدارة الحرب على غزة وتسبب في استشهاد عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين وهو ما تسبب في انتقادات حادة وإحراج كبير لواشنطن.
رغبة أمريكية في الإطاحة بنتنياهو
وعلى الرغم من الضغوط الكبيرة التي مارستها إدارة بايدن على نتنياهو من أجل القبول بهدنة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى مع حماس إلا أن الأخير صم أذنيه عن مطالب واشنطن.
ولم تخفي الإدارة الأمريكية رغبتها في إبعاد نتنياهو واليمين المتطرف عن سدة الحكم في إسرائيل، ملقيه عليهم باللوم في الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.
وتداولت تقارير إعلامية رد مسؤول إسرائيلي على تقرير استخباراتي أمريكي، حذر من أن قدرة حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على البقاء 'قد تكون في خطر' وسط انتقادات بشأن إدارة الحرب ضد حركة حماس في غزة.
تقرير أمريكي يحذر من استمرار نتنياهو في الحكم
ومن جانبها ذكرت صحيفة 'تايمز أوف إسرائيل' ان المسؤول قال: 'أولئك الذين ينتخبون رئيس وزراء إسرائيل هم مواطنو إسرائيل وليس أي شخص آخر'، مفسرا تقرير المخابرات على أنه 'محاولة للإطاحة بنتنياهو'.
وأضاف المسؤول الإسرائيلي: 'تل أبيب ليس محمية للولايات المتحدة ولكنها دولة مستقلة وديمقراطية، مواطنوها هم الذين ينتخبون الحكومة'.
وكتبت الولايات المتحدة في تقييمها للوضع بإسرائيل: 'لقد تعمقت واتسعت حالة عدم الثقة في قدرة نتنياهو على الحكم، ونتوقع احتجاجات كبيرة تطالب باستقالته وإجراء انتخابات جديدة. إن تشكيل حكومة مختلفة وأكثر اعتدالا أمر محتمل'.
وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن التقرير الأميركي ترك رئيس الوزراء 'غاضبا'،وأضافت القناة أن نتنياهو 'قرر الدخول في مواجهات قوية وعلنية مع رئيس الولايات المتحدة'.
وفي نفس التقرير الاستخباراتي، ترى الولايات المتحدة أنه من المرجح أن تواجه إسرائيل تحديا من قبل حماس لسنوات قادمة.
وجاء في التقييم: 'من المحتمل أن تواجه إسرائيل مقاومة مسلحة مستمرة من حماس لسنوات قادمة، وسيكافح الجيش من أجل تحييد البنية التحتية تحت الأرض لحماس، والتي تسمح للمتمردين بالاختباء واستعادة قوتهم ومفاجأة القوات الإسرائيلية'.
ويعتبر الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية، بيني جانتس هو المرشح الأقوى لخلافة نتنياهو في الحكم.