يعتبر ارتفاع الأسعار واحدًا من أكثر الأمور التي تشغل بال المصريين في شهر رمضان، بسبب إنفاق الكثير من الأموال على السلع والمنتجات الغذائية في هذا الشهر المبارك، وشهدت الأيام الماضية ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار، لأسباب كثيرة، أبرزها قرار لجنة التسعير البترولية برفع أسعار البنزين والسولار.
ارتفاع أسعار البنزين والسولار
ويؤثر ارتفاع أسعار البنزين والسولار على الأسعار بسبب ارتفاع تكاليف النقل، بالإضافة إلى جشع التجار الذين يستغلون الأزمة ويقومون برفع الأسعار، على الرغم من تراجع سعر الدولار في السوق السوداء متأثرُا بالتدفقات الدولارية التي دخلت مصر في الأيام الأخيرة، كل هذا أثر بشكل مباشر على الأسعار وهو الأمر الذي زاد العبء على كاهل المواطنين.
وقال الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، إن قرار لجنة التسعير البترولية كان متوقعًا عقب عملية تحرير الجنيه المصري ورفع أسعار الفائدة بمعدل 6% دفعة واحدة.
وعن تأثير أسعار البنزين والسولار على أسعار السلع في مصر، أكد بدرة، أن أسعار السلع في مصر تتأثر بـ أسعار البنزين والسولار خاصة المصانع التي تعمل بهذا الوقود، حيث توقع ارتفاع أسعار السلع نتيجة لارتفاع أسعار الشحن والنقل بسبب ارتفاع أسعار البنزين والسولار.
ونوه بدرة بأن السولار يدخل في تشغيل المعدات الزراعية مثل الجرارات وماكينات المياه وغيرها والتي تعتمد على السولار بشكل أساسي، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، خصوصا الخضروات، وأسعار المواصلات التي تعتمد على السولار.
تكلفة الزراعة وأعباء المزارعين
على صعيد متصل، توقع حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب الفلاحين، استقرار معظم أسعار المنتجات الزراعية على الرغم من ارتفاع أسعار المنتجات البترولية.
وأكد أبو صدام أن هذه الزيادة ستزيد من تكلفة الزراعة ومن الأعباء على المزارعين أيضًا، لكنها لن تؤدي بالضرورة إلى ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية، حيث توقع استقرار الأسعار على المدى القصير.
وأضاف نقيب الفلاحين، أن ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية مرتبط بعوامل كثيرة، أبرزها آلية العرض والطلب، حيث إنه إذا زاد المعروض وقل الطلب انخفضت الأسعار وإذا قل المعروض وزاد الطلب ارتفعت الأسعار، وبالنظر للوضع الحالي فإننا نتمتع بوفرة معروضة من كافة المنتجات الزراعية المحلية وكذلك وفرة من المنتجات الزراعية المستوردة ومع ضعف القوة الشرائية فإن أسعار المنتجات الزراعية سوف تستقر على المدى القصير.
وأكد أبو صدام، أن زيادة سعر السولار قد يتسبب في ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية مستقبلًا، إذ ترتفع أجرة نقل المحاصيل وتكلفة حرث الأرض وتكلفة حصاد المحاصيل والري حيث يعتبر السولار مصدر الطاقة الرئيسي للقطاع الزراعي مما يزيد من تكلفة الإنتاج الزراعي بصفة عامة ويؤدي ذلك إلى حالة من اثنين إما إلى خسارة للمزارعين في بعض الأحيان أو ضعف مكاسبهم الاقتصادية في أحيان أخرى في حالة عدم ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية نتيجة للاستيراد أو لعوامل أخرى أو سيؤدي ارتفاع أسعار السولار حتما إلى ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية مستقبلًا.
استثناء رفع أسعار السولار
وأشار نقيب الفلاحين، إلى أن الحكومة على مدى سنوات كانت تستثني رفع أسعار السولار رغم أنها تستهلك من السولار ضعف ما تستهلكه من جميع مشتقات البنزين كل عام تجنبًا لزيادة الأعباء إلا أنه مع تحرير سعر الصرف مؤخرًا وارتفاع أسعار المنتجات البترولية عالميا وارتفاع تكلفة نقل وشحن المنتجات البترولية التي يتم استيرادها من الخارج نتيجة للمخاطر من نقلها جراء الأحداث في البحر الأحمر وحرب روسيا وأوكرانيا وزيادة الضغط على ميزانية الدولة نتيجة لدعم المنتجات البترولية، اضطرت لجنة تسعير المنتجات البترولية لتحريك سعر السولار بعد تأجيل زيادته لعدة سنوات.
في نفس السياق، قال الدكتور وائل النحاس، خبير أسواق المال، إن سبب ارتفاع أسعار كافة السلع والمنتجات الغذائية يرجع إلى أنه لا يوجد خطة محكمة يتم تنفيذها بعد التعويم، حيث إنه كان يجب الانتظار بعد التعويم من أجل أن يستوعب السوق المحلي هذا الحدث، لكن على العكس قامت الحكومة برفع سعر الدولار الجمركي، بالإضافة إلى رفع أسعار الخدمات العامة وكذلك أسعار المحروقات، وهو الأمر الذي أثر بشكل مباشر على أسعار كافة السلع والمنتجات الغذائية، مؤكدًا أن الدولة ليس لديها طريقة صحيحة لإدارة الأزمة الحالية.
وأشار إلى الدولة لم تحسن إدارة سوق الصرف، ولم تحسن إدارة أيضًا الاقتصاد بعد التعويم، حيث إنه كان لابد أن يكون هناك وقتًا مناسبًا بين كل قرار وأخر، من أجل أن يستوعب السوق جميع هذه القرارات، مؤكدًا أن المواطن فقد الثقة في الحكومة بسبب قراراتها المتناقضة في الأيام الأخيرة.
وأكدت ميرفت ألكسان، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن الدولة لديها آلية لضبط الأسعار خلال الفترة المقبلة بعد ارتفاع أسعار الوقود.
المواطن يتخلى عن السلع الأساسية
وعن ارتفاع الأسعار، أوضحت ألكسان، أنه على الرغم من إفراج الحكومة على سلع وأعلاف بنحو 780 مليون دولار، إلا إن أسعار السلع والمنتجات الغذائية لا تزال مرتفعة، حيث لا يجد المواطن حلًا أمام معاناته إلا بالتخلي عن هذه السلع الأساسية، وعلى رأسها اللحوم والدواجن، وهو الأمر الذي يُشكل عائقًا أماما في شهر رمضان المبارك.
وأكدت عضو لجنة الخطة والموازنة في تصريحات خاصة لـ أهل مصر، إن سبب ارتفاع السلع يرجع إلى جشع التجار المحتكرين الذين يقومون باستغلال هذه الأزمات.
وطالبت ألكسان الحكومة بالضرب بيد من حديد لمواجهة عمليات الاحتكار التي يقوم بها عدد من التجار، من خلال توقيع أقصى عقوبة عليهم.
وتوقعت عضو لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، انضباط الأسعار خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى عودة الاستقرار مرة أخرى، خاصة بعد إعلان الحكومة موعد انخفاض السلع، والتي حدد موعدها المستشار محمد الحمصاني، حيث قال إن الدولة لديها آليات للتدخل لضبط الأسعار، أبرزها أنه سيتم ضخ 300 ألف طن سكر خلال الفترة المقبلة بالأسواق، لافتا إلى أنه سيتم الإعلان عن خفض أسعار السلع الأسبوع المقبل على الأكثر.