في الشهور الأولى من عام 2025، لم تمر أسابيع دون أن تُسجل هيئة المساحة الجيولوجية أو المعهد القومي للبحوث الفلكية هزة أرضية شعر بها السكان في مناطق مختلفة من الجمهورية، من القاهرة والدلتا وحتى البحر الأحمر.
ورغم أن معظم هذه الزلازل كانت محدودة القوة، فإنها أثارت حالة من القلق الشعبي، وفتحت من جديد ملفًا غائبًا عن النقاش العام:
هل تستطيع البنية التحتية في مصر الصمود أمام زلزال حقيقي؟
هذا التحقيق يسعى للإجابة عن هذا السؤال من خلال تتبع البيانات الرسمية، وتحليل مواقع الزلازل الأخيرة، وعوامل الخطر التي تهدد ملايين المصريين.
هل أبنيتنا جاهزة لمثل هذه الزلازل؟
تعاني البنية التحتية في مصر من فجوة مزمنة في مقاومة الزلازل، تعود جذورها إلى السنوات الماضية منذ 1992
أكثر من 60% من المباني في مصر شُيّدت قبل عام 1990، أي قبل وضع أول كود زلزالي مصري في 1993، وفقاً لبيانات على موقع البحوث الفلكية.
والذي أكد من خلال بياناته الماضية أن معظم هذه المباني لم تُصمم لتحمل أي اهتزاز أرضي، وتتركز في أحياء شعبية وعشوائية في القاهرة الكبرى ومدن الدلتا.
وعلى الرغم من تحديث الكود الزلزالي آخر مرة في 2012، لا يزال تطبيقه غير شامل، خصوصًا في مناطق البناء المخالف.
أين ننتظر الزلازل؟
بعض المناطق أكثر عرضة للخطر من غيرها، إما بسبب قربها من فوالق نشطة أو لكثافة المباني الضعيفة فيها:
القاهرة الكبرى
يسكنها أكثر من 20 مليون نسمة، وتضم مناطق مثل: شبرا، المطرية، حلوان، المعصرة، عين شمس، وهي مناطق تحتوي على آلاف المباني المخالفة.أي زلزال متوسط قد يؤدي لانهيارات جزئية أو كاملة، كما حدث في زلزال 1992 الذي أودى بحياة أكثر من 500 شخص.
البحر الأحمر والغردقة
قريبة من الفوالق النشطة في شرق أفريقيا وخليج العقبة.
البنية الفندقية الحديثة هناك قد تكون أكثر مقاومة، لكن المناطق السكنية القديمة خارج التجمعات السياحية ليست كذلك.
الدلتا
التربة الطينية تزيد من تضخيم الموجات الزلزالية.
مدن مثل: المنصورة، طنطا، الزقازيق سجلت شعورًا بهزات قادمة من اليونان والبحر المتوسط.
زلازل 2025 – هل بدأ العد التنازلي؟
في الأشهر الستة الأولى من 2025، تم تسجيل أكثر من 30 هزة أرضية شعر بها المصريون أو رُصدت قرب الحدود، وفقا لبيانات موقع earth estikat العالمي لتسجيل الزلازل
ورغم أن هذه الزلازل لم تؤدّ إلى أضرار مادية، إلا أن التكرار والكثافة الزمنية مؤشر خطير على زيادة النشاط الزلزالي في المنطقة.
هل أصبحنا على حافة خطر أكبر؟
المعهد القومي للبحوث الفلكية رصد نشاطًا غير معتاد للفوالق النشطة في شرق المتوسط وخليج السويس.حيث زادت الهزات الخفيفة المسجلة في مصر بنسبة 40% مقارنة بعام 2022
ماذا قال الخبراء؟
وفق تقرير صادر عن هيئة البحوث الفلكية والمركز القومي للإسكانيجب تحديث الكود الزلزالي المصري ليشمل اشتراطات إلزامية لتدعيم المباني القديمة.
واكدوا على ضرورة إجراء مسح زلزالي وخرائط خطر لكل المدن الكبرى.
أوصى البعض بتجهيز البنية التحتية الخدمية بأنظمة فصل أوتوماتيكي أثناء الزلازل.
ولكن مصر ليست على فالق زلزالي نشط دائمًا، لكن قربها من مناطق نشطة (البحر المتوسط، البحر الأحمر، خليج العقبة) يجعلها عرضة لهزات مفاجئة.
الزلازل المسجلة في مصر هذا العام
زلزال كريت - 14 مايو 2025
القوة: 6.4 درجة على مقياس ريختر
العمق: 76 كيلومترًا
الموقع: جنوب جزيرة كريت، على بعد 631 كيلومترًا شمال مدينة رشيد
التأثير في مصر: شعر به سكان القاهرة الكبرى ومحافظات الدلتا لمدة أقل من 20 ثانية، دون تسجيل خسائر في الأرواح أو الممتلكات .
زلزال كريت - 22 مايو 2025
القوة: 6.24 درجة على مقياس ريختر
العمق: 68.91 كيلومترًا
الموقع: شرق جزيرة كريت، على بعد 499 كيلومترًا شمال مرسى مطروح
التأثير في مصر: شعر به بعض السكان، دون وقوع خسائر .
زلزال الغردقة - 1 يونيو 2025
القوة: 3.33 درجة على مقياس ريختر
العمق: 10.16 كيلومترًا
الموقع: شمال غرب الغردقة، على بعد 44 كيلومترًا
التأثير في مصر: لم يشعر به السكان، ولم تسجل خسائر
ما هي الأسباب الجيولوجية للنشاط الزلزالي في مصر؟
كشف موقع earth العالمي أن مصر تقع على الصفيحة الأفريقية، وتجاورها صفيحة أوراسيا، حيث يكون النشاط الزلزالي في مصر نتيجة لتحرك الصفائح التكتونية، خاصة في مناطق مثل البحر الأحمر وخليج السويس .
والنشاط الزلزالي في مصر خلال عام 2025 كان ملحوظًا، مع تسجيل عدة هزات أرضية، بعضها شعر به السكان.
وتعود هذه الزلازل إلى النشاط التكتوني الطبيعي في المنطقة، خاصة في مناطق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، رغم ذلك، لا تشكل هذه الزلازل خطرًا كبيرًا على مصر، نظرًا لضعف قوتها وبعدها عن المناطق المأهولة.