يقول المولى عز وجل في سورة العنكبوت : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ. يقول جمهور المفسرين في تفسير هذه الآية إن سياق آيات الكفر والإلحاد في القرآن الكريم تضمنت عدد من الشخصيات الذين لا يؤمنون بالرسالة النبوية أي أنها شخصيات غير ملحدة بالمفهوم المعاصر بل إنهم كانوا مشركون يؤمنون بتعدد الآلهة على الرغم من أنهم كانوا يعتقدون بوجود الله الواحد الأحد ولكنهم كانوا يعتقدون أن هذه التماثيل هي التي تستطيع أن تشفع لهم عند الله عز وجل، في إشارة إلى أن كلمة الإلحاد لا تأتي في القرآن بالمفهوم المتعارف عليه. وعلى ذلك فإن كلمة الإلحاد جاءت بمعنى التكذيب والشرك في القرآن الكريم حيث أن هذه الكلمة وردت في مواضع كثيرة في القرآن منها قول الله تعالى : ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾، وقول الله تعالى : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.
اقرأ أيضا .. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ .. لماذا اختص الله يوم الدين وهو يملك كل الأيام ؟
و في الاصطلاح حيث أن معنى الإلحاد ثابت ومعلوم وعندما نُطلق عليه إلحادًا أو فسوقًا أو كفرًا أو ظلالًا أو زندقة فيكون المعنى واحد وهو عدم الإيمان وهذا هو ما تم ذكره من قِبل أحد الملحدين المعاصرين الذي قال: أنا لا أُنكر وجود إله ولكنني لا أؤمن بوجود إله. وبذلك تكون كلمة الإلحاد وصفٌ لأي موقف فكري لا يؤمن بوجود الخالق عز وجل لأن شرط العلم لديهم هو أن يكون المعلوم قضية صحيحة منطقية مُثبتة من الممكن الاعتقاد بها ولذلك عندما كان ادعاء وجود الخالق (حسب اعتقاد الملحد) غير مُثبت فكان التصديق بوجود الخالق إله ليس علمًا بل هو نمط من الإيمان الشخصي الذي يكون غير قائم على أدلة والذي يتم تقديمه بدون دليل من الممكن أن يتم رفضه بلا دليل أيضًا. ومن هنا فقد أصبح الإلحاد عند الملحدين عبارة عن موقف افتراضي أي أنه ليس ادعاء بل إنه جواب على ادعاء ولكن بالرفض وهو جزء من ادعاءات المنافقين على الدوام وفي كل المجتمعات.