يقول المولى سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) يظهر من الآية هنا أن هناك فرقا بين ( يُحْيِيكُمْ ) وبين (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) . وذهب مفسرون للقرآن الكريم في كتب الأصول إلى أن اعتبار أن تفسير هذه الاية بغير الظاهر منها، فقد جاء في تفسير ابن كثير عن ابن عباس : كنتم أمواتا فأحياكم ) أمواتا في أصلاب آبائكم ، لم تكونوا شيئا حتى خلقكم ، ثم يميتكم موتة الحق ، ثم يحييكم حين يبعثكم وهو نفس التفسير الذي نقله البغوي بلا اجتهاد منه عن ابن عباس، وهنا أضاف ابن عباس في التفسير عبارة (أمواتا في أصلاب آبائكم) ليبني عليها تفسيره للآية . ولم يتعرض السعدي في تفسير لتحديد الاختلاف بين الموت المتعدد وبين الرجوع لله سبحانه وتعالى، أما القرطبي فقد قال إنه قد اختلف أهل التأويل في ترتيب هاتين الموتتين والحياتين ، وكم من موتة وحياة للإنسان ؟ فقال ابن عباس وابن مسعود : أي كنتم أمواتا معدومين قبل أن تخلقوا فأحياكم – أي خلقكم – ثم يميتكم عند انقضاء آجالكم ، أما الطبري فقد ذهب لتفسير هذه الاية بقوله : أي لم تكونوا شيئًا, فإنه ذهب إلى نحو قول العرب للشيء الدارس والأمر الخامل الذكر: هذا شيء ميِّتٌ, وهذا أمر ميِّت – يراد بوصفه بالموت: خُمول ذكره.
ولكن في كل هذه التفاسير لم يوضح اى من المفسرين لماذا جاءت عبارة (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بعد كلمة ( يُحْيِيكُمْ ) مباشرة ولم تأتي عبارة إليه ترجعون بعد لفظة تشير للموت، في نفس الوقت فقد فرق القرآن الكريم بين النفس وبين الروحإنَّ كلمتَي الروح والنفس ترددتا في آيات كثيرة في القرآن الكريم، وكثر ورود الكلمة الأخيرة مفردة ومجموعة قرابة الثلاثمائة مرة أو تزيد، ولا يعقل أن يأتي ذكر كلمة واحدة 300 مرة على اعتبار أنها مرادفة لكلمة أصلية هي كلمة الروح، وهنا من ظاهر القرآن الكريم أن هناك نفسا وهنا روحا ، وأن الروح عندما تخرج من جسد الإنسان لا يعلم امرها الا الله، ويبقي الجسد الميت الفاني، وهنا يبقي لغزا الروح وفكرة النفس وهو ما بنى عليه فريق من الصوفية فكرتهم حول أن أنَّ روح ألأنسان يعود إلى الحياة في الارض عدة مرات حتّى يتصفّى من الذنوب . وهى الفكرة التي تستند لنصوص من الأصول الإسلامية وعلى الرغم من تخوف رجال الدين من بحث موضوع رحلة الأرواح بعد الموت ، وتقيد حركة البحث الروحاني بدعوة الآية الشريفة { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً } ، أوجدت العديد من التساؤلات الحرجة التي تخص عالم الروح لا أحد يستطيع الإجابة عليها .. لأنها في رأيهم في علم الله . ولكن في القصص التي وردت عن الصحابة الكرام ما يشير لهذه الفكرة فإن عمر بن الخطاب على ما ذكر في الرواية كان يخطب الناس يوم الجمعة على المنبر، فكشف له عن سارية وهو في العراق يقود سريةً معه أن العدو حاصرهم، فقال في أثناء الخطبة: يا سارية الجبل، يعني اصعد الجبل لينجو به عن عدوه، فاستغرب الناس هذا القول من أمير المؤمنين عمر في أثناء الخطبة يقول: يا سارية الجبل، وهو ما فسره فرق من المعتزلة مثل فرقة الخابطية( اتباع احمد بن القدري ) والحمارية( وهم قوم من معتزلة عسكر مكرم ) بأنها دليل على تناسخ الأرواح ولذلك فهم يؤمنون بعقيدة تناسخ الارواح، ولم يخرجهم أحد من ملة الإسلام ولم يطعن احد في هذه الفكرة بأنها فكرة خيالية، خاصة وأن فرق المعتزلة على اختلاف مدارسها لعبت المعتزلة دوراً رئيساً على المستوى الديني والسياسي. غلبت على المعتزلة النزعةُ العقلية فاعتمدوا على العقل في تأسيس عقائدهم وقدموه على النقل