نشرت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على الفيسبوك، تعليقا على نشر الحياة الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يقوم به عدد كبير من 'اليوتيوبر' عبر مقاطع مصورة، وهذا بعد أكثر من حادثة صادمة بين هذه الفئات من نشر معلومات شخصية لغرض الترند.
منشور دار الإفتاء المصرية
أوضحت دار الإفتاء المصرية من خلال منشورها على الصفحة الرسمية على الفيسبوك أن نشر اليوتيوبر المقاطع المصورة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم لأجل زيادة التفاعل حولها، معربة إن كان هناك ما يعاب إطلاع الغير عليه في العرف أو يستقبح مثل العورات وما إلى ذلك.
وصرحت دار الإفتاء المصرية عن أن نشر ذلك غير جائز شرعًا، وأنه مجرم قانونًا، وهذا لما يوجد فيه من إشاعة الفاحشة في المجتمع، بالإضافة إلى أنه يؤدي إلى التعدي عليه.
وأضافت أن في حالة نشره لما هو يصح وفي حالة أن يكون القصد صحيح مثل تقديم خبرة أو تجربة في أمر ما، أو لأجل التوجيه إلى أحد أبواب الخير، فإن هذا لا مانع منه شرعًا.
وأكدت دار الإفتاء المصرية من خلال المنشور أنه واجب التقيد بالأعراف والتقاليد المجتمعية في هذا الشأن، وعلى أن يكون الناشر متخصص في الأمور التي يتكلم عنها وينشرها بين الناس.
حكم نشر الحياة الشخصية
ورد في فتوى سابقة لـ دار الإفتاء المصرية والتي أجاب عنها الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام، والتي كانت تنص على: ' انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة 'اليوتيوبرز' الذين يقومون بنشر مقاطع فيديو مُصوَّرة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم. فما حكم ذلك؟'.
وأجاب المفتي أن بث ونشر 'اليوتيوبرز' المقاطع المصورة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم لأجل زيادة التفاعل حولهم، إن كان مما لا يجوز للغير الاطلاع عليه، لأنه يعيب به المرء، فقام بنشره فإنه عمل محرم شرعًت، ومجرم قانونًا، وهذا لما يسبب من إشاعة الفاحشة في المجتمع، وأضاف إن في حالة نشر ما يصح الإطلاع عليه للغير فإنه أمر لا مانع منه شرعًا.
وفي تفاصيل عن الحكم الشرعي ورد أن المحتوى الملاحظ من قبل اليوتيوبرز أنهم ينشرون الشئون اليومية الخاصة به وبالأسرة مثل أماكن الجلوس في المنزل مع زوجته ومواضع النوم ومكان اجتماع الأكل والشرب مع العائلة ويصل الأمر إلى نشر كواليس النوم والاستيقاظ، وأيضا وصل الأمر لدخوله إلى الخلاء.
وفرق الشرح بين ما يصح لإطلاع الغير عليه، وبين ما لا يصح إطلاع الغير عليه، وهو الفرق بين الغير جائز في محتوى النشر، والجائز في محتوى النشر.
أولا: ما يصح إطلاع الغير عليه
هو تفاصيل الحياة العادية التي لا يزعج الشخص من معرفة الغير بها، مثل عنوان المنزل وشكله ونوع سيارته وغيره على هذا السبيل، وهذا يندرج تحت مسمى 'التحدث بنعمة الله على المرء' كما ورد في سورة الضحى الآية 11: 'وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ'.
ثانيًا: ما لا يصح إطلاع الغير عليه
هو ما يعيب به المرء والهدف من نشره هو زيادة التفاعل بالإعجاب والمتابعة والمشاركة والتعليقات وغيره، وما ينشر من هذه الامور مذموم شرعًا، فهو يشيع الفاحشة في المجتمع، وهي جريمة حذر منها سبحانه وتعالى عنها في قوله في سورة النور الآية 19: 'إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ'.
كما في الشريعة الإسلامية يتساوى إشاعة الفاحشة مع فعلها، لما يتسبب من ضرر في الحالتين، كما ذكر في السنة النبوية أن لها عقوبة عظيمة قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: 'وأيُّما رَجُلٍ أشاعَ على رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِكَلِمَةٍ وهُوَ مِنْها بَرِيءٌ يَشِينُهُ بِها فِي الدُّنْيا كانَ حَقًّا على الله تَعَالَى أنْ يُدْنيَهُ يَوْمَ القيامَةِ فِي النَّارِ حَتَّى يأْتِيَ بِإِنْفاذِ مَا قالَ' رواه الطبراني كما فى مجمع الزوائد (4/ 201)، وقال الهيثمى: فيه من لم أعرفه.
كما حث الإسلام والشرع الشريف على الستر والاستتار ونشر فيديوهات ومقاطع صور لما لا يصح الإطلاع عليها للغير ينافي ذلك، وكره السلف الصالح نشر الخصوصيات بهذه الطريقة المكروهه لطلب الشهرة والتي انطبق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ' رواه أحمد.
نشر الخصوصيات في القانون
كما ورد في فتوى دار الإفتاء عن موقف نشر الخصوصيات المعيبة في القانون، إذ تعتبر جريمة قانونية يعاقب عليها، وذلك في قانون رقم 175 لعام 2018، والذي يخص 'مكافحة جرائم تقنية المعلومات'، والذي يجرم نشر المعلومات المضللة والمنحرفة، والتي يعاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تتجاوز عن 100 ألف جنيه، أو بإحدى العقوبتين.
ويضم القانون المصري كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصرية أو انتهك حرمة الحياة الخاصة، كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز الـ 5 سنوات أو غرامة من 100 ألف جنيه حتى 300 ألف جنيه، لمن تعمد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية لمعالجة معطيات شخصية للغير لأجل ربطها بمحتوى ينافي الآداب العامة أو إظهارها بطريقة تمس اعتباره أو شرفه.