ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية حول حكم الشرع في بيع لحوم الأضحية؟ وهل يجوز إعطاء الجزار شيئاً من لحوم الأضحية على سبيل الأجرة؟.
وقالت دار الإفتاء في فتواها أن الأضحية شُرِعت إحياءً لسُّنَة الخليل إبراهيم عليه السلام، وتوسعةً على الناس يوم العيد، كما ورد عن ابن شهاب أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بَعَثَ عبد الله بن حذافة رضي الله عنه أيَّام منى يطوف، يقول: «إنَّما هي أيَّام أكلٍ وشربٍ وذِكْرٍ لله» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" -واللفظ له، ومسلم في "الصحيح".
وأضافت دار الإفتاء:" هي اسمٌ لما يذبح من النَّعَم تقرُّبًا إلى الله تعالى مِن يوم العيد إلى آخر أيام التشريق".
وأكدت دار الإفتاء، أن الفقهاء اتفقوا على أنَّه لا يجوز بيع شيءٍ مِن الأضاحي مطلقًا، غير أنَّ الحنفية أجازوا بيع جلد الأضحية بما لا يُستهلَك ويدوم نفعه، كالغربال ونحوه، كما أجازوا بيعه بالنقود إذا تصدَّق بالثَّمن على الفقراء، وليس له أن يبيعه بالمال لينفقه على نفسه أو مَن يعول.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" في أحكام الأضحية: [ولا يحل بيع جلدها وشحمها ولحمها وأطرافها ورأسها وصوفها ووبرها ولبنها الذي يحلبه منها بعد ذبحها].
وقال العلامة ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني": [ويجوز الانتفاع بجلد الأضحية، وهدي المتعة والتطوع بأن يتَّخذها فروًا أو بساطًا، أو حِرامًا، أو غربالًا أو قطعًا وله أن يشتري به متاع البيت كالغربال، والمنخل، والفرو، والكساء، والخف، وكذلك له أن يشتري به ثوبًا يلبسه، ولا يشتري به الخل.. .وكذلك لا يشتري به اللحم، ولا بأس ببيعه بالدراهم ليتصدَّق بها، وليس له أن يبيعها بالدراهم لينفقه على نفسه، ولو فعل ذلك تصدَّق بثمنها].
وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي": [ولا بأس بالانتفاع بجلود الضحايا ولا يباع شيء منها ولا يُبادل لحمها بغيره ولا يُعطى في دباغ جلدها شيءٌ منها ولا يُعطى الجازر شيئًا مِن لحمها على ذبحها وسلخها، فإن باع الجلد تصدَّق بثمنه].
وأكد الإمام النووي الشافعي في "المجموع": [واتفقت نصوصُ الشافعي والأصحاب على أنه لا يجوز بيع شيء من الهدي ولا الأضحية نذرًا كان أو تطوعًا، سواء في ذلك: اللحم والشحم والجلد والقَرن والصوف وغيره].
وذكر الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي": [ولا يجوز بيع شيءٍ من الهدي، والأضحية، ولا إعطاء الجازر بأجرته شيئًا منها].
ودليل ذلك: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
قال الإمام المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" شارحًا: [أي: لا يحصل له الثواب الموعود للمضحِّي على أضحيته، فبيع جلدها حرام، وكذا إعطاؤه الجزار وللمضحي الانتفاع به].
وعن قتادة بن النعمان رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «وَلَا تَبِيعُوا لُحُومَ الْهَدْيِ، وَالْأَضَاحِيِّ» أخرجه أحمد في "مسنده".
قال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار": [فيه دليلٌ على منع بيع لحوم الأضاحي، وظاهره التحريم].
وتابعت دار الإفتاء: «وبناءً على ذلك: فلا يجوز بيع شيءٍ من لحوم الأضاحي مطلقًا، ولا إعطاء الجزار شيئًا منها على سبيل الأجرة، ولكن له أن يتصدق بجلدها، أو أيِّ جزءٍ منها، ولو على مَن قام بالذبح».
وناشدت دار الإفتاء المضحين بضرورة التعاون مع المعنيين بإعادة تدوير وصناعة الجلود ومخلفات الذبائح بما يحقق المصلحة العامة ويدفع المفاسد المترتبة على إساءة استخدام جلود ومخلفات الأضاحي أو استغلالها.