تعرف بعض المجتمعات المحلية في الريف وفي البدو ظاهرة نذر الزواج. وفي مثل هذا الزواج ينذر أهل الصبي وأهل الفتاة بتزويج الولد والبنت عندما يكبرا ويصبحا في سن الزواج مثل نذر البنت للزواج بابن عمها . ويعتبر أهل الشاب والفتاة أن الطرفين في حكم المتزوجين بعد هذا النذر. بل ويمنع كل من يريد أن يتقدم للزواج بالفتاة من التقدم لطلب يدها تحت دعوى أن البنت منذورة للزواج بابن عمها فهل نذر الزواج يلزم من ينذره به ؟ وهل نذر زواج الفتاة بابن عمها ملزم بالوفاء ؟ حول هذا السؤال ذهبت أمانة الفتوى في دار الإفتاء المصرية إن النذر بالزواج لا ينعقد؛ فلا يلزم الوفاء به، ولا شيء على الناذر في هذه الحالة. واستندت دار الإفتاء في ذلك إلى أن لزوم الزواج بالنذر فاسد؛ لثلاثة أوجه: الأول: أن النذر إنما يصح فيما يستقل به المكلف، والزواج لا يستقل به؛ لتوقفه على رضى المرأة أو رضى وليها إن كانت مجبرة، وهو في حالة النذر غير قادر على إنشاء الزواج. كما استندت دار الإفتاء أيضا إلى أن الزواج عقد، والعقود لا تثبت في الذمة، وما لا يثبت في الذمة لا يتصور التزامه بالنذر.
كما استندت أمانة الفتوى في دار الإفتاء المصرية إلى أن النذر في الزواج لا يقع لأن الذمة لا تقبل إلا ما يمكن وصفه وضبطه، كما أن الزواج لو لزم بالنذر لزم منه وجوب إلزام الغير بالتكاليف؛ لأن عقد الزواج فيه إلزام المرأة بتكاليف واجبة عليها لحقوق الزوج وحقوق الله تعالى كالعدد ونسب الولد والإحصان ، ولا يجب على الإنسان السعي في إلزام غيره بالتكاليف؛ وهو ما يثبت أن الزواج لا يلزم بالنذر سواء نذره في امرأة بعينها أو غير معينة. كما ذهب جمهور العلماء إلى أن النذر لا يلزم المنذر شيئاً لم يقدره الله له، وذلك مصداقا لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئاً لم يكن الله قدره له، ولكن النذر يوافق القدر فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج.