عمر لطفي مؤسس الأهلي.. أصوله مغربية وحارب الاحتلال وتعلم على يد النديم وسعد زغلول

عمر لطفي
عمر لطفي

الذكريات والأمجاد يسطرها التاريخ ولا ينشئها إلا العظماء ويحفرون أسمائهم بحروف من ذهب في سجلات التاريخ من خلال أعمال جليلة نحتفل اليوم بمرور 114 سنة على تأسيس النادي الأهلي في يوم 24 أبريل 1907، والذي تعتبره الجماهير أكبر الأندية في الوطن العربي والقارة الأفريقية كلها.

دائما ما يؤكد الأهلاوية أن ناديهم مصدر للسعادة، بسبب الصعود باستمرار لمنصات التتويج لحصد البطولات، كما أن القلعة الحمراء لاتتوقف عن مولد النجوم والأساطير.

المؤسس عمر بك لطفي

ولا يمكن أن يمر علينا ذكرى تأسيس نادي القرن، إلا وأن نتذكر عمر بك لطفي صاحب فكرة التأسيس، ورفيقه في الفكرة الزعيم الوطني مصطفي كامل.

الفكرة بين لطفي ومصطفى كامل

جاءت فكرة تأسيس النادى الأهلى بعدما طرحها عمر بك لطفي على صديقه مصطفى كامل، حيث اجتمع لطفي برجال وَطنيين وعرض عليهم فكرة تأسيس النادي الأهلي ومنهم صديق عمره مصطفي كامل وعميد كلية دار العلوم، ومجموعة من وزراء مصر، ومحافظيها ومديري أقاليمها من الشمال للجنوب، ومنهم من أسس لاقتصاد مصر وتمصيره، ومنهم من أسس لحركة التعاونيات في مصر، وعدد من شيوخ الأزهر وأخذ برأيهم في إنشاء النادي الأهلي وأجمع هؤلاء علي إنشاء القلعة الحمراء، وبالفعل أنشأ النادي الأهلي، ليتحول نادي طلبة المدارس العليا الذى أنشئ عام 1905 والذي كان يرأسه 'لطفي' إلى النادي الأهلي في عام 1907، خاصة أن نادي الطلبة كان سياسيًا بالدرجة الأولى، ليكون النادي الأهلي أول ناد للمصريين في مصر حيث كانت المحروسة تحت وطأة الاحتلال البريطاني، ويصبح الأهلي النادي الرياضى الذي يجمع الطلبة لتمضية وقت الفراغ وممارسة الرياضة.

وأعطي عمر لطفي بك المثال الأول في النادي الأهلي لإنكار الذات عندما اختار الإنجليزي ميتشل أنس لرئاسة النادي على الرغم من أنه صاحب فكرة التأسيس وذلك تفضيلا لمصلحة النادي حتى لا يتصدى الإنجليز للفكرة.

مؤسس الأهلي أصوله مغربية

الذي لا يعرفه الكثيرون أن المحامي عمر لطفي ابن الإسكندرية، مؤسس النادي الأهلي الذى يحمل 'جينات' الوطنية منذ مولده في 1867، تعود جذوره إلى المملكة المغربية، حيث جاءت أسرته إلى مصر في عهد محمد علي باشا،وكانت عائلة عمر لطفي ذو شأن كبير في المغرب

من تلاميذ عبد الله النديم إلى مدرسة 'الفرير'

أستطاع عمر لطفي أن يصنع لنفسه اسم بين الكبار منذ البداية بعد أن تعلم في مدرسة الجمعية الخيرية والتي أسسها الشيخ عبد الله النديم، وحفظ بها القرآن الكريم، ثم انتقل إلى القاهرة وعاش في بولاق وأتم دروسه بمدرسة 'الفرير' ثم التحق بمدرسة الحقوق و تخرج منها سنة 1886.

بداية المجد من مكتب سعد زغلول

بدأ عمر لطفي في قلم قلم قضايا الحكومة وتدرج في المناصب ونبغ واشتهر في فترة قصيرة، حتى جاء الموعد مع التعلم مرة أخرى على يد الزعيم سعد زغلول عندما عمل في مكتبه ثم قاضيًا بمحكمة قنا، إلا أنه فضل الاستمرار في مجال التعليم وبعد فترة أصبح وكيلا لمدرسة الحقوق وعمره 38 عامًا، ثم بعد ذلك ترك مدرسة الحقوق وعاد للعمل في مجال القضاء وافتتح مكتبًا للمحاماة وظل يعمل محاميًا إلى أن رحل إلى جوار ربه في 14 نوفمبر 1911 عن عمر ناهز 44 عاما، وهو العام الذى تأسس فيه نادى الزمالك.

أحد رواد الحركة التعاونية في العالم

عرف ببساطته و الفلاحين ومن يطلق عليهم ' الغلابة' حيث كان دائما مهموم بحال هولاء البسطاء ويحاول التصدى للظلم الذى يقع عليهم، فعندما رأي عمربك لطفي اشتداد الأزمة المالية سنة 1907 وما كان يتكبده الفلاح من ظلم المرابين والمضاربين أخذ يبحث عن طوق نجاة الشعب المصري من هذه الأزمات في مستبقلا، فبعد دراسته في إيطاليا سنة 1908 عن التعاون الزراعي رأي أن تقتدي الحكومة المصرية بما فعلته ألمانيا وإيطاليا بإنشاء نقابات زراعية في كل بلدة تساعد الفلاحين بدلا من المرابين والمضاربين فلم توافق الحكومة علي اقتراحه، فلجأ بعدها إلـي إنشاء النقابات الزراعية والتي كان عملها هو الإقراض والتسويق التعاوني للحاصلات المصرية حتي جاء بعد ذلك بنشر الدعوة لإنشاء الجمعيات التعاونية وأطلق عليها شركة التعاون المنزلي وأنشأت بالفعل هذه الجمعيات بالقاهرة ثم باقي المدن الكبري في مصر مثل الإسكندرية والمنصورة والمنيا والمنوفية وحلوان، وكان يطوف بجميع أنحاء مصر لينشر دعوته بتأسيس النقابات والتعاونيات.

ويعد عمر لطفي بك أحد رواد الحركة التعاونية علي المستوي العالمي، وأطلق عليه الفلاحين والمصريين أجمع بأبو التعاون في مصر، وكانت المشكلة الزراعية من أصعب مشاكل مصر الاقتصادية لذلك بدأ عمر لطفي بك يدعو للاستقلال الاقتصادي، وكان من أخلص أصدقائه مصطفى كامل باشا، وساعده مصطفى كامل باشا في كشف فوائد التعاونيات للشعب وهو ما يتعارض مع أطماع الاحتلال، كما يعد عمر لطفي بك المؤسس لأول نقابة عمالية في مصر وهي نقابة عمال الصنائع اليدوية.

أول اجتماع لمجلس إدارة النادي الأهلي

عُقد أول اجتماع رسمى لمجلس إدارة النادى فى 24 أبريل 1907، واجتمعت اللجنة بمنزل الإنجليزي ميشيل إنس بالجيزة برئاسته وعضوية كلٍّ من إدريس راغب بك وإسماعيل سري باشا وأمين سامي باشا وعمر لطفي بك ومحمد أفندي شريف سكرتيرًا، وتمت الموافقة على تأسيس النادي، وطرح إسماعيل سري باشا خلال اجتماع الرسم الذي صممه للمبنى الرئيسي للنادي باعتباره مهندسًا معماريًّا.

طلعت حرب يشارك في تأسيس الأهلي بـ100 جنيه .. وأمين سامي باشا يقترح اسم النادي

وفى أول جلسة لاجتماع مجلس إدارة الأهلي،عرض عمر لطفي بك عقد الشركة، ووافق المجتمعون من المؤسسين على إنشاء الشركة، وهي شركة مدنية باسم النادي الأهلي للألعاب الرياضية، وطُرحت أسهم الشركة بقيمة 5 جنيهات للسهم، وقد كان هدف شركة النادي الأهلي عند تأسيسها جمع مبلغ 5000 جنيه، إلا أنه تم جمع 3165 جنيه على مدى عام، ولم يكن ذلك المبلغ كافيًا، مما دفع النادي إلى اقتراض 1000 جنيه من البنك الأهلي المصري في مارس 1908 بضمان عمر سلطان بك وإدريس راغب وطلعت حرب الذي ساهم بمائة جنيه في إنشاء النادي، وقررت الجمعية العمومية للنادي التي كان رئيسها الأول شرفيًّا هو سعد زغلول وزير المعارف (وزير التربية والتعليم حاليًا) وقتها لأول مرة اختيار اسم (النادي الأهلي للرياضة البدنية) .

وكان أمين سامي باشا أول من اقترح هذا الاسم، وتمّت تسمية الأهلي بهذا الاسم؛ لأنه نشأ لخدمة طلبة وخريجي المدارس العليا والذين كانوا الدعامة الأساسية للثورة ضد الاحتلال الإنجليزي، ولذلك نشأ وطنيًّا مصريًّا للم شمل الشباب المصري.

اسهم الاهلي

أوسمة عمر لطفي

كما كان لطفى ' مؤسس الأهلي' واحدًا من أهم الشخصيات المؤثرة في تاريخ مصر، حيث نال عدة أوسمة ، ففي أحد أكبر المجلات في النصف الأول من القرن العشرين و هي مجلة ' الإثنين و الدنيا ' نال وسام من أعظم عشرة رجال في تاريخ مصر في خمسين سنة ، إختاره المؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعي التاسع بعد مصطفي كامل و محمد فريد و الشيخ محمد عبده و سعد زغلول و علي مبارك و الشيخ عبد الله النديم و الشاعر أحمد شوقي و الشاعر حافظ إبراهيم وقبل العاشر طلعت حرب.

علاقته بالجنس الناعم والشريعة الإسلامية

ولعله من أول الباحثين الذين تحدثوا عن ' حق المرأة ' في رسالة طبعت في القاهرة عام 1897 قبل صيحة قاسم أمين وكانت خلاصة محاضرة باللغة الفرنسية ألقاها في سبتمبر عام 1896 وأبان فيها حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية وقارن بينها وبين ما للمرأة الغربية من حقوق وكيف أن الجنس اللطيف كما كانوا يسمونه وجد من الشريعة الإسلامية حماية لم يجدها في القوانين القائمة آنذاك . وقد عني عمر لطفي بالتأليف في الشريعة الإسلامية فأصدر مؤلفه الهام ' الدعوى الجنائية في الشريعة الإسلامية ' وكتابيه : ' حرمات المناول ' و ' حق الدفاع ' وكان لهذه المؤلفات صدى بعيد في آفاق الكليات الأوروبية قبل أن يسمع بها العالم الإسلامي.

WhatsApp
Telegram
عاجل
عاجل
السيسي يوجه البنك المركزي والمنظومة المصرفية بتوفير المستلزمات الضرورية للإنتاج والصناعة