أكد الكاتب والباحث السياسي مراد حرفوش أن تأخر الرد الإسرائيلي على مقترح الهدنة يتعلق بمحاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "جس نبض" الشارع الإسرائيلي، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة من الداخل الإسرائيلي بسبب التصعيد العسكري المستمر في قطاع غزة.
وقال حرفوش، خلال مداخلة هاتفية لفضائية “إكسترا نيوز”: "نتنياهو يحاول استشراف رد فعل الشارع الإسرائيلي وعائلات الجنود الأسرى، وكذلك قياس حجم الضغط الشعبي على الحكومة. إذا قرر الشارع الإسرائيلي أن يضغط بشكل مكثف من خلال التظاهرات والفعاليات، قد يتغير الموقف بشكل كبير." وأضاف أن نتنياهو لا يرغب في اتخاذ قرار مفاجئ بشأن الهدنة دون أن يتأكد من الدعم الداخلي، خصوصًا من القوى اليمينية المتطرفة التي تدعمه.
وفيما يتعلق بموقف الإدارة الأمريكية، أوضح حرفوش أنه رغم أن المبعوث الأمريكي هو من طرح المقترح، إلا أنه لا توجد مؤشرات قوية على أن الولايات المتحدة ستضغط بشكل حاسم على إسرائيل لقبول الهدنة. وأشار إلى التصريحات الأخيرة من المسئولين الأمريكيين مثل ترامب، الذي لم يظهر تأييدًا كبيرًا للمقترح، بل أكد ضرورة الاستمرار في الضغط على حماس بشكل أكبر.
حرفوش أضاف: "الموقف الأمريكي، وبالذات في ظل حكم ترامب، يعكس دعمًا لإسرائيل في مسألة التصعيد العسكري. الولايات المتحدة تدفع إسرائيل لتحقيق أهدافها من خلال الضغط على حماس، وهذا يضع المزيد من العبء على الحكومة الإسرائيلية في التعامل مع المقترح."
فيما يخص الوضع الداخلي في إسرائيل، أشار حرفوش إلى أن هناك صخرًا متزايدًا، خاصة في صفوف الجنود الاحتياطيين وعائلاتهم، بسبب الحرب المستمرة. وذكر أن استطلاعات الرأي أظهرت أن غالبية الإسرائيليين يطالبون بوقف القتال والبحث عن حلول دبلوماسية، مشيرًا إلى أن الحكومة الإسرائيلية تواجه رفضًا واسعًا للعمليات العسكرية من قطاعات مختلفة في المجتمع الإسرائيلي.
وأضاف: "المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تدرك تمامًا أن الحرب الحالية لا تحقق الأهداف التي كانت مرجوة، ويعترف بعض المسئولين أن العملية العسكرية لم تنجح في تحقيق تقدم ملموس." وأوضح أن الانقسامات الداخلية تشمل انتقادات واسعة من قبل الجنود الاحتياطيين الذين يرفضون الاستمرار في القتال دون نتائج واضحة.
وفيما يتعلق بالهدف السياسي الذي يسعى نتنياهو لتحقيقه من خلال هذه الحرب، ذكر حرفوش أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول الاستفادة من الأزمة السياسية الداخلية عبر التصعيد العسكري لتحقيق مكاسب شخصية وحزبية. وأوضح أن نتنياهو يسعى لتحسين وضعه السياسي داخليًا، خصوصًا في ظل القضايا القانونية التي يواجهها مثل الاتهامات بالفساد، مما قد يدفعه للمناورة في الساحة الدولية.
وقال: "نتنياهو يحاول استغلال الوضع العسكري لتحقيق مكاسب سياسية، مثل الحفاظ على دعمه من اليمين المتطرف واستغلال الصراع لتحسين صورته داخليًا. حتى لو كانت العملية العسكرية فاشلة، إلا أنه يراها وسيلة لحشد الدعم."
حرفوش أضاف أن استمرار العمليات العسكرية في غزة يضع إسرائيل في مأزق داخلي، خصوصًا مع تدمير أجزاء كبيرة من قطاع غزة واستمرار المقاومة الفلسطينية في مناطق مثل خان يونس ورفح. وأشار إلى أن هذا التدمير المتواصل يعزز من مقاومة الفلسطينيين، ما يعقّد الحسابات العسكرية الإسرائيلية.
في ختام حديثه، لفت مراد حرفوش إلى أن الوضع في إسرائيل يشهد حالة من "المناورة السياسية"، حيث يحاول نتنياهو كسب الوقت وتحقيق أهداف سياسية، بينما تظل الكرة في ملعب المجتمع الدولي والمواقف الأمريكية. وقال: "إذا استمرت الحكومة الإسرائيلية في الرفض، قد تجد نفسها أمام ضغط متزايد، داخليًا ودوليًا."