استعرض الدكتور أحمد المنظرى المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، الوضع الوبائى لفيروس كورونا في العالم، موضحا أن هناك فئة من الناس تأثرت حياتهم تأثراً كبيرًا بفيروس كورونا المستجد، وهم العاملون بمجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية للمعركة ضد هذا المرض، حيث يشارك أغلبُ العاملين في مجال الرعاية الصحية، وعددهم 50 مليوناً تقريباً على مستوى العالم، منهم حوالي 3.5 ملايين في إقليمنا، مشاركةً مباشرةً أو غير مباشرة في الاستجابة لمرض كوفيد-19، ضمن فرق الترُّصد التي تكشف عن حالات الإصابة المحتملة، ومقدِّمي خدمات الرعاية الصحية الذين يشخصون المرضى ويعالجونهم، والعاملين في المختبرات، والعاملين في مجال صحة المجتمع، والموظفين بوزارات الصحة الوطنية.
وأضاف أن اليوم يشهد مرور 134 يوماً منذ الإبلاغ عن أول حالة إصابة بمرض كوفيد-19 في الصين، و105 أيام على الإبلاغ عن أول حالة إصابة في إقليم شرق المتوسط وخلال هذه الفترة، فيما أُصيب نحو أربعة ملايين شخص في جميع أنحاء العالم لقى حتفه منهم حوالي 300,000 شخص.
وأشار المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إلى أن يوم 8 أبريل الماضي، أُصيب أكثر من 22.000 عامل في مجال الرعاية الصحية في 52 بلداً بمرض كوفيد-19، وفق التقارير الواردة إلى المنظمة، وتتراوح نسبة العاملين الصحيين المصابين في إقليمنا من 1% إلى 20% ونظراً لعدم إبلاغ المنظمة بطريقة منهجية عن حالات العدوى بين العاملين الصحيين نعتقد أنَّ هذا العدد ربما لا يُمثِّل العدد الحقيقي لحالات الإصابة بمرض كوفيد-19 بين العاملين الصحيين.
وتابع: قد يُصاب بعضهم بالعدوى خارج المرافق الصحية، في منازلهم أو مجتمعاتهم المحلية، وتشير البيانات المحدودة المتاحة إلى أنَّ أكثر من 90% منهم يُصابون بالعدوى داخل المرافق الصحية حيث يتعرضون للفيروس الفتاك ويبلغ متوسط أعمار العاملين الصحيين المصابين في إقليمنا 35 عاماً، وترتفع نسبة الإصابة قليلاً بين الإناث عنها بين الذكور.
وأوضح المنظري أنه بشكل عام، تفيد التقارير بوقوع حالات العدوى في صفوف التمريض والأطباء أكثر من أي مهنة أخرى. ويؤثر النقص في تخصصات معينة، مثل الأطباء وطواقم التمريض في مجال الرعاية المركزة، وأخصائيي الأمراض المُعدية، وأطباء الرئة، وأخصائيي المُعَالَجَةِ التَّنَفُّسِيَّة، وأخصائيي الوقاية من العدوى ومكافحتها، وغيرهم تأثيراً سلبياً على توفير الخدمات العلاجية للمرضى الذين يعانون من أعراض وخيمة.
ولفت إلى العدد المحدود لمهنيي الصحة العامة، مثل أخصائيي الوبائيات، يؤدي إلى عدم كفاية الموظفين في فرق الاستجابة السريعة وإضافةً إلى محدودية الموارد، مثل وسائل النقل، يُشكِّل ذلك تحدياً أمام تتبع المُخالطين، ما يترتب عليه من إغفال بعضهم ومن ثم مواصلة انتقال المرض.
وأشار المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط إلى أنه لمعالجة التحديات المختلفة التي تواجه العاملين الصحيين، وضعت منظمة الصحة العالمية إرشاداتٍ إقليميةً تحدد فيها الإجراءات الاستراتيجية لراسمي السياسات والمديرين على المستويات الوطنية ودون الوطنية وعلى مستوى المرافق، ويجب التوسُّع فوراً في تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها، ليس فقط لحماية العاملين الصحيين، بل لحماية المرضى الذين يخاطر العاملون بحياتهم لإنقاذهم ولحماية أسر العاملين أيضاً.
كما لفت إلى توقف حملات شلل الأطفال مؤقتاً، وبات موظفو البرنامج يعملون على مدار الساعة من أجل استقصاء الحالات، وتتبُّع المُخالطين، والمسارعة بإرسال العينات إلى المختبرات لاختبارها، وتوعية الناس بسبل حماية أسرهم.
وأضاف: يعمل الأطباء وطواقم التمريض وعاملو المختبرات وأخصائيو التَّصْوير التَّشْخيصِيّ الطِّبِّيّ والصيادلة وغيرُهم من العاملين في المرافق الصحية والخدمات التي تسبق الوصول إلى المُسْتَشْفَى، مثل سائقي الإسعاف وعاملي النظافة والعاملين المسؤولين عن التخلُّص من النفايات الطبية، في الخطوط الأمامية للاستجابة لمرض كوفيد-19، وفي نصف بلدان الإقليم تقريباً، يعمل العديد منهم في أماكن رعاية صحية تكون فيها تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها ضعيفة. وقد يؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة من حيث تزايد انتقال المرض من المرضى إلى العاملين في مجال الرعاية الصحية، ومنهم إلى زملائهم.
وتابع: تتسبب جائحة كوفيد-19 الحالية في إثقال كاهل القوى العاملة الصحية الهشة بالفعل، وبسبب عبء العمل المتزايد، يعمل العاملون الصحيون لساعات طويلة تحت وطأة ضغط شديد، ما تسبب في إصابتهم بالضائقة النفسية والإجهاد والإنهاك المهني. وفي بعض الحالات، يتعرَّض العاملون الصحيون للوَصْم والتمييز، فيُتَّهَمون بأنهم حاملون للمرض، ويتعرَّضون للعنف البدني والنفسي، كما أنهم مُعرَّضون لخطر الإصابة بالمرض أو فقدان حياتهم، ويخشون نقل العدوى إلى أسرهم وأحبائهم. ويؤدي النقص الحالي في معدات الوقاية الشخصية إلى زيادة هذا الخطر وتابع المنظري: هذه ليست مجرد أرقام بالنسبة لنا: فقبل أسبوعين، توفي أحد أفراد برنامج استئصال شلل الأطفال في الصومال بعد إصابته بمرض كوفيد-19 كما جاءت نتيجة التحليل لزميل صومالي آخر إيجابية وفي باكستان، أثبتت الاختبارات إصابة 12 فرداً على الأقل في أسرة برنامج استئصال شلل الأطفال بمرض كوفيد-19.
وأكد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط أنه في مواجهة هذه الضغوط والتعرض لمستويات من المرض والوفاة لم يتعرض لها العديد منهم من قبل، أفادت تقارير حديثة أيضاً بمحاولات انتحار في صفوف العاملين الصحيين.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفى الذى يعقده المكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية، الآن، عن طريق الفيديو كونفرانس لعرض مستجدات وآخر تطورات جائحة فيروس كورونا (COVID-19)، واستعراض الوضع العالمي والوضع الإقليمي لجائحة كوفيد-19، بحضور الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، والدكتورة رنا الحجة، مديرة إدارة البرامج، المكتب الإقليمي لشرق المتوسط، والدكتور ريتشارد برنان، مدير الطوارئ الصحية الإقليمي.