يقول المولى سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 25] كيف رغب المولى سبحانه وتعالي المؤمنين في الطاعات من خلال هذه الأية ؟ وهل يكون الترغيب أقوى أثرا من الترهيب ؟ حول هذه الأسئلة ذهب جمهور من مفسري القرآن الكريم إلى أن مقام الترغيب إذا هو الوسيلة التي استخدمها الشارع الحكيم قصد جلب المخاطبين واستجابتهم لدعوته تعالي وقبول الحق الذي أمر به، فالترغيب هو خير وسيلة للتمسك بالعبادات واجتناب المعاصي وهي ما أعده الله للطائعين فيزدادون طاعة وتقوي ويورث الصبر على المكاره في الدنيا، رجاء أن يعوض عنه بالنعيم في الآخرة، ويولد الأمل ويبعث عن النشاط والعمل للآخرة.
كما ذهب جمهور من المفسرين إلى ان الترغيب يحبب إلى المسلم الطاعات ويبعده عن المعاصي ويدفع به إلى مقاومة الشيطان، وقد يعد الترغيب تعزيزاً وتشويقاً وتحبيباً بغية الإثارة وبعث الأمل في نفس الملتقي وهو وعد ويرافقه تحبيب واغراء أو تشويق، والمعزز مؤكد فلا يتردد الفرد في تحققه، وهو جزاء على عمل صالح أو امتناع عما هو سيئ أو ضار بمحض الحرية والاختيار، فهو يمثل شرطاً للأجر والثواب وهذا يعني الإثابة والثواب والمكافأة نتيجة قيام الفرد بأعمال جيدة بعد القيام بها، وهو يعد الدافع الإيجابي الذي يحصل عليه الفرد في حالة الاستجابة التي يتوقف عليها هذا الثواب، حيث تعد الرغبة خير وسيلة لتحقيق الغايات لما لهذا الهدف يسعي في إرضاء حاجة لديه، ويعد هذا الأسلوب نافع مع أكثر الناس الذين لا يأتون إلى الحق إلا بترغيب بنتائج إيمانهم أو تخويفهم عواقب كفرهم ، كقوله تعالى:﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور:55]، وقوله تعالى: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ [الجن:16]، وقوله تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾[نوح:10-12].