أردوغان: يفشل في حل أزمات بلاده الاقتصادية

أردوغان
أردوغان
كتب : وكالات

يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى التغطية على فشله في حل أزمات بلاده الاقتصادية المتصاعدة بإثارة مشكلات إقليمية بمنطقة شرق البحر المتوسط.

وبعد أن بدأ الرئيس التركي ابتزاز المجتمع الدولي من باب التنقيب عن الغاز الطبيعي قبالة سواحل قبرص، يواصل بلطجته من خلال ملف الغاز في ليبيا وأيضا عبر غاز البحر المتوسط، وهو ما أثار غضبا دوليا تجاه الحماقات التركية.

ومطلع شهر مايو 2019، أعلنت السلطات البحرية التركية نيتها إجراء عمليات تنقيب عن الغاز في منطقة من البحر المتوسط تقول السلطات القبرصية إنها تندرج ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للجزيرة.

ومنتصف شهر مايو الجاري، تقدمت شركة النفط التركية بطلبات للحصول على تصريح استكشاف في شرق البحر المتوسط في ليبيا، بناء على اتفاقية موقعة في 27 نوفمبر 2019، مع حكومة السراج.

وعارضت اليونان وقبرص ودول أخرى الاتفاق ووصفته بأنه غير قانوني، كما عارض الاتحاد الأوروبي الصفقة البحرية.

ويمكن لهذه الخطوة أن تزيد من حدة التوترات في المنطقة، حيث كانت تركيا على خلاف لسنوات مع اليونان وقبرص، وكذلك مع القوى الإقليمية الأخرى بشأن ملكية الموارد الطبيعية.

فقر تركيا

وبحسب تقارير نشرتها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، وتقديرات شركات التنقيب فإن حوض شرق المتوسط يعد من أهم أحواض الغاز في العالم، حيث يضم نحو 346 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، ونحو 3.4مليار برميل احتياطي من النفط.

بلطجة تركيا وطمع رئيسها رجب طيب أردوغان في الحصول على أي مكتسبات من كعكة غاز البحر المتوسط جاءت بعد تحقيق اكتشافات غازية ضخمة أعلنتها دول بمنطقة شرق البحر المتوسط، على رأسها مصر وقبرص، وفقا لما يقوله نائب رئيس هيئة البترول المصرية الأسبق المهندس مدحت يوسف.

ويشير يوسف إلى أن تركيا دولة فقيرة في إنتاج النفط والغاز حيث تستورد أكثر من 90% من احتياجها النفطي من الخارج، مما يضعها على رأس قائمة البلدان التي تستهلك أغلى أنواع الوقود على مستوى العالم، إذ يصل سعر لتر البنزين فيها لأكثر من 2.5 دولار.

وبحسب بيانات هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية (EMRA)، فإن تركيا تستورد نحو 3 ملايين طن من النفط الخام شهريا، بالإضافة واردتها من الغاز المسال التي تستخوذ روسيا فيها على 60% من واردات أنقرة من الغاز بنحو 15 مليار متر مكعب من الغاز سنويا.

وتبلغ فاتورة استيراد الطاقة في تركيا نحو 3.85 مليار دولار شهريا، ما يعنى تجاوزها 45 مليار دولار سنويا، بحسب بيانات هيئة الإحصاء التركية ووزارة التجارة.

ويوضح يوسف أن هذه العوامل دفعت الأتراك لخرق القوانين الدولية، كما تجعل أردوغان أيضا أكثر تلهفاً للتنقيب عن الغاز في شرق المتوسط.

أطماع أردوغان

وأعلنت مصر في 2015 اكتشاف حقل ظهر لإنتاج الغاز الطبيعي باحتياطيات تقدر بـ30 تريليون قدم مكعب، قبل أن تبدأ الإنتاج الفعلي منه في ديسمبر 2017، ويعد حقل ظهر أضخم حقل لإنتاج الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط.

فيما أعلنت قبرص اكتشافها حقل أفروديت في ديسمبر 2011، باحتياطيات تقدر بنحو 4.5 تريليون قدم مكعب، قبل أن تعلن شركة إيني الإيطالية في 8 فبراير 2018 عن اكتشاف حقل كاليبسو 1، شمال الحدود البحرية بين مصر وقبرص، ووفقا لبعض التقديرات قد يصل احتياطي الحقل إلى 5.6 تريليون قدم مكعب.

وأشار يوسف إلى أن أردوغان كشف عن هدفه الحقيقي من التواجد بالأراضي الليبية للحصول على أى من المكتسبات المحققة في غاز منطقة شرق البحر المتوسط.

وقال يوسف إن ما بني على باطل فهو باطل، موضحا أن الطلب التركي يستند على اتفاق موقع بين أنقرة وحكومة السراج في نوفمبر 2019، وهي الاتفاقية التى يشوبها العوار وتكشف عن استراتيجية تركيا لانتهاك القوانين الدولية.

وكان كوستيس هاتزيداكيس، وزير الطاقة والبيئة اليوناني وصف، خلال الاجتماع الوزاري الثالث لمنتدى غاز شرق المتوسط بالقاهرة مطلع العام الجاري، الاتفاق الذي تم توقيعه بين ليبيا وتركيا باتفاق بين دولتين لا تربطهما حدود مشتركة وترغبان في رسم الحدود في غياب الأطراف الأخرى.

فيما قال يورجوس لاكوتريبس، وزير الطاقة القبرصي، إن توقيع مذكرة التفاهم بين تركيا وليبيا يعد دليلاً على استراتيجية تركيا لانتهاك القوانين الدولية

إدانة أوروبية

وفي الوقت الذي تقوم فيه السفينة التركية "يافوز" بالحفر قبالة سواحل قبرص منذ نهاية أبريل/نيسان الماضي، وتأكيدات وزير الطاقة التركي فاتح دونماز، أن أعمال الحفر لن تتوقف، فإن الاتحاد الأوروبي أدان ، أمس الجمعة، تحركات تركيا قبالة سواحل قبرص في إطار نزاع مرتبط بالتنقيب عن حقول الغاز، متهما أنقرة بـ"مفاقمة" الخلافات.

وكانت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد دعت تركيا مرارا إلى وقف حفريات التنقيب عن الغاز والنفط قبالة سواحل قبرص لأنها تتداخل مع المنطقة الاقتصادية لقبرص العضو في التكتل الأوروبي.

وفي وقت سابق هذا العام، جمّد الاتحاد الأوروبي أصول مواطنين تركيين مشاركين في العمليات ومنعهما من دخول أراضيه، لكن أنقرة لم تتراجع.

وقال وزراء خارجية الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في بيان مشترك: "نأسف لأن تركيا لم تتجاوب مع النداءات العديدة للاتحاد الأوروبي لوقف مثل هذه النشاطات".

وأضاف وزراء خارجية الاتحاد في البيان: "نكرر دعوتنا إلى أن تبرهن تركيا عن ضبط النفس، وتتخلى عن هذا النوع من التحركات وتحترم سيادة قبرص وحقوقها السيادية".

رحب الوزراء بجهود قبرص من أجل التفاوض حول هذا الخلاف، مؤكدين أن "التصعيد الأخير في التحركات التركية يسير مع الأسف في الاتجاه الخاطئ".

وكان الاتحاد الأوروبي قد وجّه في يناير تحذيرا لتركيا بخصوص عمليات التنقيب التي تقوم بها، مع إعلان أنقرة وصول سفينة تنقيب تابعة لها قرب الجزيرة.

مواجهة القانون بالبلطجة

في الوقت الذي لا يستند فيه أردوغان على أي أسس قانونية لإعلان التنقيب عن الغاز والنفط بمياه البحر المتوسط،بحسب ما قاله نائب رئيس هيئة البترول المصرية الأسبق، فإن قبرص اليونانية -أو قبرص البلد العضو في الاتحاد الأوروبي- تستمد قوتها والدعم الدولي من اتفاقيات ترسيم حدود وقعتها مع كل من مصر وإسرائيل ولبنان.

وخلال السنوات الأخيرة وقعت جمهورية قبرص، البلد العضو في الاتحاد الأوروبي، عقودا للتنقيب عن الغاز مع شركات عملاقة مثل إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية وإكسون موبيل الأمريكية.

وإلى جانب ذلك وقعت حكومتا مصر وقبرص اتفاقا لإنشاء خط أنابيب بحري لنقل الغاز الطبيعي من حقل أفروديت لمحطات الإسالة على ساحل البحر المتوسط بمصر، ومن ثم إعادة تصديره.

الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، قال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام مصرية، إن أي محاولات تركية للتنقيب في شرق المتوسط يخالف كل القواعد والأعراف والقوانين، وزعمها امتلاك حقوق في منطقة الجرف القاري يمكن إثباته بالقانون الدولي لا بالقوة، معقبا: الحقوق ترد لأصحابها بالقوانين والمفاوضات والوساطة والاحتجاج لدى المنظمات الدولية.

وأضاف" أن ما تفعله تركيا من حفر في غرب قبرص وفقا لقانون البحار الدولي يعد أعمالا عدائية، مضيفا أن هذا إجراء أرعن ويخالف كل الأعراف الدولية"

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً