حين يواجه الأشخاص أي مشكلة في حياتهم وتكون الأسباب لهذه المشكلة غير واضحة أو مبررة فإن ذلك من شأنه أن يثير حالة من الإحباط في كثير من الأحيان. وغالبا لا يقتصر الأمر على الشعور بالإحباط فحسب، بل تتولد مشاعر من الاكتئاب والقلق والشعور بالعجز أيضا. وتعد ظاهرة العقم غير المبرر أحد تلك المشكلات، التي تؤدي لظهور تلك المشاعر.
ووفقا للبروفيسور الدكتور هومان فاطمي، المدير الطبي لعيادات آي في آي ميدل إيست الإمارات العربية المتحدة، فإن حوالي 30% من الأزواج في جميع أنحاء العالم، الذين يعانون من العقم، يتم تشخيصهم ضمن حالات العقم غير المبرر؛ حيث لا يمكن اكتشاف السبب الجذري بسهولة باستخدام الطرق الحالية المعتادة.
وقال الدكتور فاطمي: "نحن نقوم بعدة فحوصات طبية لتحديد العوامل، التي قد تسبب مشكلة العقم لدى كلا الزوجين. وغالبا ما يؤدي تشخيص العقم غير المبرر إلى إثارة حالة من عدم رضا لدى الأزواج؛ حيث تظهر نتائج الاختبارات الأولية عدم وجود أية أسباب مانعة وأن كل شيء يبدو طبيعيا، وبالرغم من ذلك لا يحدث الحمل حتى بعد سنوات من المحاولة. لهذا كان البحث في معرفة الأسباب الرئيسية للعقم أفضل طريق للحصول على علاج أكثر فعالية".
وأضاف فاطمي: "نتفهم جيدا حالة الإحباط، التي يصاب بها الزوجان بعد إبلاغهم بعدم وضوح أسباب للعقم خاصة مع رغبة الأزواج ولهفتهم لتحقيق حلمهم في إنجاب طفل، ولكننا في الوقت ذاته نطلب منهم إجراء مجموعة من الاختبارات للتوصل وتحديد العوامل، التي تسببت في صعوبة إتمام الحمل بالنسبة لهم، وهذا يتطلب منهم إجراء فحوصات واختبارات تشخيصية مفصلة لتحديد السبب بدقة وتقرير خطة العلاج المناسبة".
جودة البويضات والحيوانات المنوية
وتتمثل أبرز الأسباب، التي تؤدي للعقم غير المبرر، في سوء نوعية البويضات وقلة جودتها، وسوء نوعية الحيوانات المنوية، وفشل الإخصاب؛ حيث تعد تلك الأمور بعض أهم العقبات غير الواضحة، التي تحول دون حدوث الحمل الطبيعي ولا يمكن رصدها في البداية.
وقد تظهر أيضا مجموعة من المشكلات الطبية الأخرى لحدوث العقم غير المبرر مثل: بطانة الرحم المهاجرة، والعديد من أمراض المناعة الذاتية، ومرض السكري، واضطرابات الغدة الدرقية، وغيرها من العوامل الأخرى.
علاجات الخصوبة
وبعد الوصول للتشخيص الصحيح، يقرر الأزواج المضي قدما في العلاج المحدد؛ حيث يمتلكون رؤية أكثر وضوحا لاتخاذ قرارات مستنيرة. وبالرغم من أهمية تطبيق نمط الحياة الصحية والتغييرات الغذائية اللازمة لزيادة فرصهم في حدوث الحمل، تساعد علاجات الخصوبة المتقدمة العديد منهم على الوصول إلى حلم الأبوة والأمومة بشكل أسرع.
فكثير من الأزواج غالبا ما يخلطون بين التلقيح داخل الرحم (IUI) مع تقنية الإخصاب خارج الجسم؛ فطريقة التلقيح داخل الرحم (IUI) هي علاج يتلخص في وضع الحيوانات المنوية للزوج داخل رحم الزوجة لتسهيل الإخصاب؛ حيث يهدف هذا الإجراء إلى زيادة عدد الحيوانات المنوية، التي تصل إلى قناتي فالوب وبالتالي زيادة فرصة الإخصاب للوصول للحمل.
على عكس عملية IUI التي يتم فيها وضع الحيوانات المنوية في الرحم ويحدث الإخصاب داخل رحم الزوجة، يتضمن الإخصاب خارج الجسم الجمع بين البويضات والحيوانات المنوية في المختبر. وبمجرد أن يتشكل الجنين أو الأجنة ويتم إجراء الاختبارات الجينية للتأكد من صحة الجنين، يتم زرع أصح هذه الأجنة في الرحم لاستكمال الحمل.
وينصح الأطباء بأخذ "كلوميد" بالتزامن مع إجراء التلقيح داخل الرحم (IUI) وفي بعض الحالات ساعد العديد من الأزواج على الحمل بالفعل. أما في حال تكررت المحاولات ولم يحدث الحمل ينصح خبراء الخصوبة بالتحرك للخطوة التالية والخوض في مزيد من علاجات الخصوبة الأكثر تقدما.
ويشير خبراء الخصوبة إلى أنهم في كثير من الحالات يكتشفون خلال عملية الإخصاب خارج الجسم ضعف نوعية البويضات، وضعف الإخصاب، وقضايا فشل الأجنة والزرع فقط أثناء استمرار عملية الإخصاب خارج الجسم، وهي تفاصيل لم تكن لتكتشف إلا من خلال تقنية الإخصاب خارج الجسم في المختبر، وبهذه الطريقة تعمل عملية الإخصاب خارج الجسم كأداة تشخيصية.
واختتم الدكتور فاطمي قائلا: "من خلال اكتشاف عوامل العقم لدى الزوجين من خلال الإخصاب خارج الجسم يصبح لدينا القدرة على زيادة تحسين استراتيجية العلاج لدينا. وهذا بدوره يؤدي إلى فرص أفضل للحمل الناجح والولادة الحية الصحية مستقبلا. لهذا تظل تقنية الإخصاب خارج الجسم خطوة هامة في صميم العلاج، وهي طريقة تؤدي في كثير من الأحيان إلى معدلات حمل أفضل بالمقارنة مع غيرها من العلاجات الإنجابية المساعدة البسيطة".