أعادت جائحة كورونا كثير من الناس حول العالم مرة أخرى إلى مربع الإيمان بعد أن تبين لكثير من الناس أن العلم ليس وحده القادر على حماية الإنسان من الشرور التي قد لا يراها الإنسان ماثلة أمام عينيه بشكل مادي . فعلى الرغم ممن يسمون أنفسهم بالنخبة الفكرية من جيل خمسينيات القرن الماضي لا يزال متمسكا بأفكار مادية تقوم على تلفيق أفكار فلسفية تطعن بالدين مستغلا كثير من الناس بجذور الفكر الأوربي القائم بالأساس على أصول لاهوتية، ويصور بعض هؤلاء من مدعي الفكر في العالم العربي أن الفكر الغربي الحديث فكر قائم على الإلحاد وإنكار وجود الغيبيات. ومن الأفكار التي حاول كثير من مدعي الفكر العرب تلفيقها في هذا السياق فكرة تدور حول الشك الديكارتي وتنسب للفيلسوف، وعالم الرياضي والفيزيائي الفرنسي رينيه ديكارت فكرة أنه يشك في كل شئ بما فيها الله نفسه . ولكن هل يوجد فعلا ما يسمى بالشك الديكارتي ؟ وهل هذا العالم الفرنسي الكبير قدم للفكر ما يشكك به في الأديان ؟ وما هى حقيقة ذلك ؟
اللغز الذي لا يزال مستعصيا على الحل هو السبب الذي من أجله أسقط الفلاسفة العرب، وبعضهم يحسب في بدايته على الأزهر الشريف مثل طه حسين ومصطفى عبد الرازق الفكرة الرئيسية التي يدور حولها الشك الديكارتي، ولا يفهم حتى الان لماذا أسقط المفكرون العرب فكرة الشك الديكارتي على الدين والغيبيات بينما كانت الفكرة الرئيسية التي وظف ديكارت الشك من أجلها هي البحث العلمي في حقل الرياضيات والفلسفة، بينما ظل ديكارت طوال الوقت مؤمنا بالأديان وبوجود الله وبأن هناك غيبيات لا يمكن تجاهلها، وهو ما أكد عليه ديكارت في كتابه الذي يعتبره الملحدون العرب إنجيلهم الجديد ولكن مع ذلك اسقطوا ما جاء فيه من تسليم ديكارت بحقيقة الدين معتبرا أن الدين هو بمثابة تكريم من الله للإنسان، بل أن ديكارت أهدي هذا الكتاب بداية من غلافه في النسخة الفرنسية لرجال اللاهوت وأساتذته، وهم رجال الكنيسة، بينما حذفت الترجمات العربية هذه المقدمة اللافتة والدالة كما حذفت تسليم ديكارت بوجود الله وحقيقة الأديان .