كشفت شخصية سورية توسطت بين حزب الله في لبنان والزعيم الليبي السابق معمر القذافي، عن صفقة أراد التنظيم اللبناني بموجبها الحصول على 200 مليون دولار وأسلحة واعتذار، مقابل طي ملف موسى الصدر.
وقالت الشخصية السورية لصحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، إنها التقت القذافي عام 2004، وخلال اللقاء طلب القذافي منها التوسط لدى "حزب الله" لحل قضية الصدر، موضحة أن هواجس القذافي كانت مرتبطة بأمن عائلته، ورغبتهم في السفر إلى لبنان لقضاء بعض الإجازات فيه.
ونقلت الشخصية السورية الاقتراح الليبي بالتسوية، إلى حزب الله بحكم علاقات متينة تربطها بالأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والحاج حسين خليل أقرب مساعديه".
200 مليون دولار
وأضافت الشخصية السورية أن حزب الله حدد 3 مطالب هي "تسوية مالية بقيمة 200 مليون دولار لإنشاء مشاريع تنموية ورعاية اجتماعية باسم موسى الصدر يديرها الحزب مباشرة، وتزويد حزب الله بأسلحة، واعتذار عام من القيادة الليبية عن اختفاء السيد موسى الصدر".
وتقول الشخصية السورية إن الأموال لم تكن عائقًا، لكن كانت الخشية في البندين المتبقيين، فمسألة تزويد حزب الله بالسلاح لم تكن بالسهولة التي كانت عليها في أعوام سابقة، وأكدت أن ليبيا ما كان ممكنًا لها القبول باعتذار سيُعامل بوصفه اعترافًا ليبيًا بالمسؤولية عن مصير موسى الصدر، وهو ما حدا بها لرفض هذا البند من دون الرجوع إلى القذافي، حينها اقترح حسين خليل، أن تعتذر ليبيا عن "اختفاء الصدر على أراضيها".
وفي الليلة نفسها للاجتماع مع نصر الله ومعاونه غادرت الشخصية السورية إلى ليبيا على متن طائرة خاصة، كان وضعها القذافي بتصرفها طوال فترة التفاوض مع حزب الله.
وفي ليبيا، لم يتوقف القذافي عند شرطي المال والسلاح، لكنه رفض الاعتذار عن اختفاء الصدر على الأراضي الليبية بحسب اقتراح حسين خليل، فليبيا تتمسك بالوقائع التي تفيد أن الصدر غادر ليبيا على متن الخطوط الجوية الإيطالية قبل اختفائه، وأنه وصل إلى إيطاليا ودخل الفندق برفقة مساعديه.
وتنقل الشخصية السورية الرفيعة عن القذافي قوله إنه كان واثقًا أن التسوية ستخلق اشتباكًا شيعيًا شيعيًا، ما يعني أن عائلة الصدر قد تستغل أي صيغة اعتذار لتكوين ملف قضائي ضد القذافي، وهو ما سيجعل التسوية بلا مضمون، فتوقفت محاولة التسوية عند هذا الحد، فلا القذافي نجح في تجاوز عقدة الاعتذار ولو بأخف صيغه، ولا حزب الله كان مستعدًا لتجاوز ورقة الاعتذار لأنها تغطي تصفيته لواحدة من أهم القضايا الحساسة في المجتمع الشيعي.
محاولات إيرانية
وقالت مصادر لبنانية مطلعة على الملف إن الجانب الإيراني كان متحمسًا لحل هذه الأزمة، وقام بعدة محاولات في هذا المجال، لكنها اصطدمت بواقع رفض حركة أمل ورئيسها، أي نقاش في هذا الملف لحساسيته المفرطة، خصوصًا أن الصدر يعد من الشخصيات اللبنانية الشيعية الأرفع، وغيابه فتح المجال أمام الخميني للتمدد إلى لبنان بسهولة أكبر من غيابه.
وتحدث المصدر عن "تلاقي مصالح بين إيران والنظام السوري" في إخفاء الصدر، وبالتالي اختفائه في بلد يعد حليفًا وثيقًا للطرفين، ولم يكن معروفًا عنه العداء مع الصدر وفريقه.
في بيروت، يخضع نجل الزعيم الليبي المخلوع هنيبعل القذافي، لاستجواب أمام القضاء اللبناني بجرم التورط اللاحق في استمرار خطف الإمام موسى الصدر.
وقال مصدر قضائي لبناني متابع لسير التحقيقات إن القضاء اللبناني "يعتبر أن هنيبعل لا يزال يكتم معلومات مهمة من شأنها أن تقدم أدلة للتحقيق للكشف عن مصير الصدر"، مشيرًا إلى أن القذافي الابن "تحدث في إحدى جلسات الاستجواب عن أنه سمع أن الأمام الصدر ورفيقيه كانا في أحد المعتقلات السياسية في ضاحية من ضواحي طرابلس، واعترف بأن عددًا من أركان الحكم المقربين من والده، كانوا مسؤولين عن عملية اختطاف الصدر".