"وشك كله بوق" شكلت تلك الكلمات القليلة حياة النجم الراحل إسماعيل ياسين الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، لتعلن بذلك السنوات مرور القطار على الراحل الضاحك الباكي الذي استطاع أن يحفر اسمه بحروف من نور في تاريخ السينما وعلي الرغم من ذلك لم يتمكن من أن يجد لنفسه مدفنا.
ظهرت أزمة وفاته الحقيقية في اليوم التالي، وهي مكان الدفن، حيث أن «إسماعيل» ليس لديه مدافن في القاهرة، وحتى مدافن أسرته في السويس تمت إزالتها عند توسعة الميدان الذي أنشئ حديثا.
رحل "سمعه" عن عالم الأحياء تاركا خلفه تراث من الأفلام يقدر بـ500 فيلم بين دور تاني وبطولة، وأفلام باسمه، لتشاهدها أجيال مختلفة، بنفس السعادة، والفرحة والضحكة.
في بداية مشواره الفني تعرض للسخرية كثيرا بسبب فمه حيث قال له المخرج توجو مزراحي أنت ما تنفعشي في السينما.. علشان وشك كله بق بينما مازحته كوكب الشرق قائلة وزنك كام فأجاب: «زي الفل 78 كيلو فقط لا غير»، وهنا اندهشت كوكب الشرق وقالت: «مش معقول.. لازم اتوزنت من غير بقك» فضحك الجميع بقوة، وهنا أصر إسماعيل على أن تزن نفسها هي الأخرى.ورفضت أم كلثوم بعد تحذيرات رامي لها بأنه يتميز بسرعة البديهة وخفة الدم، وما من شك أنه يريد الانتقام منها في نفس اللحظة، وبعدما لاحظ نجم الكوميديا ترددها ثم رفضها، أجاب سريعًا: «أكيد سيبتي صوتك في مصر وخايفة توزني نفسك من غيره»، فلم يتمالك الجميع أنفسهم من الضحك وكانت هي أولهم.
وخلال المرحلة الابتدائية من حياته اضطر ياسين أن يترك الدراسة الابتدائية، وعمل في بعض المهن الصغيرة، لكي ينفق على نفسه، فعمل مناديا للسيارات، صبي في ورشة.
فعشق أغاني الفنان محمد عبد الوهاب من القهاوي ثم قلد الأغاني وبعد فترة أصحبت فكرة الغناء مسيطرة عليه، فقرر أن يذهب للقاهرة، لكي ينافس عبد الوهاب، ولكنه فشل في الغناء والاكثر من ذلك تعرضه للضرب بأحد الأفراح بعد أن غنى أغنية (أيها الراكضون تحت التراب)، إلا أن زجال يدعى أبو بثينة تعرف عليه، وكتب له أول مونولوج، ليبدأ إسماعيل ياسين رحلته الفنية بغناء المونولوج.ومن هنا انطلق نجاحه من مكان لآخر ومن فرقة لأخرى حيث عمل في فرق حورية محمد ويوسف عز الدين وفتحية محمود، ثم التحق بفرقة أمين عطا الله المسرحية، وسافر مع الفرقة لسوريا ولبنان، وقدم مونولوجاته التي حققت نجاحا كبيرا، وبعد عودته لمصر، دعته بديعة مصابني لأن يعمل لديها بمرتب 6 جنيهات في الشهر، فوافق على الفور، وبدأ يعرف طريق الشهرة من خلال عمله في الفرقة.
أما عن لقائه بنجيب الريحاني فكانت فرصة كبيرة من نوع خاص قدم من خلاله مسرحيته (حكم قراقوش)، وحدث أن مرض الفنان سيد سليمان الذي كان يقدم مونولوجاته بين الفصول، فطلب الريحاني من بديعة أن ترسل له مونولوجستا، فأرسلت له إسماعيل يس، وعقب انتهاء العرض، ذهب له الريحاني وقال له (أنت كويس أوي أوي، وحتبقى ممثل كوميدي في يوم من الأيام).وخلال رحلة حياته الفنية أصبح أهم مونولوجيست في مصر حيث استطاع أن يقدم 16 فيلما سنويا إلا ان أداءه تراجع بدون سبب في فترة الستينيات حتي انه قدم فيلما واحدا في عام 1963.
استطاع "يس" ان يصبح ثاني ممثل في تاريخ السينما المصرية انتجت له أفلام باسمه بعد ليلى مراد، ومنها (إسماعيل يس في متحف الشمع)، (إسماعيل يس في الطيران)، (إسماعيل يس يقابل ريا وسكينة)، و(إسماعيل يس في الجيش).
وفي عام 1966 تراكمت عليه الديون كثيرا فاضطر إلى حل فرقته المسرحية ثم سافر إلى لبنان وشارك هناك في بعض الأفلام القصيرة.
ولكنه عاد إلى مصر بعدما أنهكه مرض القلب محطما يبحث عن الأدوار الصغيرة التي لا تناسب تاريخه الحافل الي ان رحل عام 1972.