تصاعدت أزمة الأدوية خلال الآونة الأخيرة، مما دفع وزارة الصحة للجوء إلى رفع أسعارها، إرضاءً لضغوط شركات الأدوية، في الوقت الذي رفضت فيه نقابة الصيادلة زيادة أسعار الأدوية، مؤكدة أن أسعار الأدوية الحالية مناسبة.
فلماذا اتخذت وزارة الصحة قرار رفع أسعار الأدوية رغم تبعاته الخطيرة من أعباء إضافية على كاهل المواطن البسيط؟، وما الذي سيعود على الوزارة من تلك الزيادات؟
قال الدكتور هاني سامح، الخبير الدوائي ومنسق حركة تمرد الصيادلة، إن وزارة الصحة لن تحصل على مكاسب مادية من زيادة أسعار الدواء، سوى رضا أباطرة ومافيا الدواء الأجنبية والمحلية عنها، وتراجع جماعات الضغط الأجنبية عن تهديداتها بالإساءة لسمعة الاقتصاد المصري.
وأضاف "سامح" أن أزمة نقص الدواء لم تكن إلا تمثيلية لابتزاز الدولة والضغط عليها لتمرير زيادة الدواء، وما ينتج عنها من أرباح فاحشة لمافيا الدواء، ويمكن العودة لبيانات نقابة الصيادلة وتصريحات وزير الصحة الفاضحة لأرباح تلك المافيا، على حد قوله.
وأوضح أنه بالنسبة لمكاسب وزارة الصحة من رسوم تسعير وتسجيل الدواء فهي لا تتجاوز 20 الف جنيه عن المستحضر الواحد متنوعة بين رسوم استعلام وتسجيل وتسعير، وحدد قرار وزير الصحة سابقا ألف جنيه فقط لإعادة التسعير بالزيادة، ولكن يتم الإجراء مجانا عند خفض التكلفة، مشيرا إلى أنه في حالة زيادة نسبة الـ١٥٪ على الأدوية المنتجة والمستوردة من خلال الشركات، فإن هناك ما يقرب من 3 آلاف صنف دوائي سوف ترتفع أسعارهم في أول فبراير المقبل، بتكلفة مصروفات إدارية ورسوم 3 ملايين جنيه تدفعها الشركات.
في حين يرى الدكتور محمود قصد، أمين عام مساعد نقابة صيادلة المنوفية، أن وزارة الصحة ستحقق دخلا جراء تعديل أسعار الأصناف يتراوح بين 5 و12 مليون جنيه، مشيرا إلى أنه سيتم دفع رسم طلب تعديل السعر وقيمته 1000 جنيه لكل مستحضر.
وقال "قصد" إنه في رحلة تسجيل الأدوية تحصل الوزارة طبقا للقرار الوزاري 425 لسنة 2015 على ما يتراوح بين 30 و50 ألف جنيه لكل مستحضر، مشيرا إلى أن عدد النواقص المرصودة حاليا بالصيدليات يقترب من 1500 صنف دوائي حيوي، وهي الأكثر في تداولها أمثال أدوية الكحة والبرد والمحاليل والألبان المدعومة والعديد من القطرات الحيوية.
من جانبه أكد الدكتور أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الدواء، أن أزمة الدواء الحالية هي أزمة حقيقية تواجه كافة الشركات المصنعة، خاصة في ظل استيراد 95% من مكونات عبوة الدواء من المواد الخام، أغلبها من الهند والصين،مشيرا إلى أن ارتفاع سعر الدولار أدى إلى ارتفاع التكلفة بنسبة 100% على الشركات، ويتضح ذلك أكثر على الدواء المستورد والذي يعتمد بالأساس على العملة الصعبة بالأساس.
ورفض "رستم" إطلاق مصطلحات مافيا الأدوية أو محتكري الدواء على شركات الأدوية، موضحا أن كل دواء موجود له 11 مثيلا في وزارة الصحة، ولكن الاحتكار يتم من خلال شركات دولية لها حق الملكية الفكرية وتسجيل وتسويق الدواء الخاص بها.
وأشار إلى أن توقف بعض الشركات عن الإنتاج لا يعود إلى احتكار الدواء، ولكن ذلك بسبب ارتفاع أسعار الخامات، ولذلك فإن الحكومة تقف الآن في موقف صعب، وطرحت الشركات على الحكومة توفير الدولار بـ 8.88 قرشا، ولكن الحكومة أكدت صعوبة ذلك لظروف اقتصادية، ولم يتم الموافقة على هذا الاقتراح، ولذلك فإن المواطن هو من يتحمل التكلفة وزيادة السعر.