دورهم واجب مثل جندي الحرب، مهمتهم الوحيدة هي اتمام مهام عملهم في شتى المجالات على أرض محافظة شمال سيناء، إلا أن العناصر الإرهابية لا تفرق بين جندي وموظف في إحدى المصالح الحكومية كلهم سواء، معتقداتهم أن كل ما يقدم يد المعونة للأجهزة الأمنية في محاربتها للإرهاب فهو يستحق القتل والحرق والتشريد.
وتعددت أساليب عناصر "بيت المقدس" الإرهابية في استهدافهم للقوات أثناء تواجدهم داخل محافظة شمال سيناء، ما بين زرع العبوات الناسفة على طول الطرق الدولية وما بين قتل وقنص، وعمليات إرهابية تستخدم السيارات الحكومية التي يتم سرقتها.
رجال إسعاف شمال سيناء وسياراتهم دائما على خط النار يعملون على مدى 24 ساعة، ويعرضون حياتهم للخطر لنقل المصابين إلى المستشفيات المختلفة دون أي اعتبار أو تدخل في معرفة هوية الشخص، إلا أن العناصر الإرهابية لا تفرق بين مجند وأي جهة تساعد الأجهزة الأمنية.هاني محمد، أحد المسعفين داخل مرفق إسعاف العريش يؤكد أن رجال الإسعاف يحملون أرواحهم على أكفهم، ومعرضون للموت في كل لحظة، سواء كانت بعبوة ناسفة تم تفجيرها في سيارات الإسعاف أثناء نقل المصابين جراء العمليات الإرهابية، أو عبر استهداف سيارة الإسعاف بإطلاق النار عليها، فضلا عن احتمال تعرضهم للخطف، أو الضرب بالأسلحة الثقيلة، من قِبَل العناصر الإرهابية.
البداية كانت عندما تم توزيع منشور من قبل عناصر مسلحة تابعة لما يسمى "ولاية سيناء" حيث تم اقتحام الوحدة الصحية التابعة لمنطقة السمران بشمال سيناء، وتم توزيع منشور يهدد رجال الإسعاف بعدم نقل أي من مصابى الجيش والشرطة، الأمر الذي أثار حالة من الخوف الشديد بين السائقين والمسعفين خوفا على حياتهم.وبعد أيام قليلة، جاء تنفيذ التهديد على أيدىي عناصر مسلحة بإطلاق النار على إحدى السيارات الإسعاف أثناء نقلها أحد المصابين من قوات الأمن، إثر عملية إرهابية أثناء سيرها على الطريق الدولي بمدينة العريش.
ويضيف محمد الزناتي أحد المسعفين، إننا نواجه الموت يوميا، وبالفعل استشهد مسعف وسائق فضلا عن إصابة العديد من رجال الإسعاف من عاهات مستديمة جراء الانفجارات، لافتا إلى أن هناك سيارات احرقت بالكامل، وسيارات تم استهدافها بمقذوفات "آر بى جى" وسيارات انفجرت بها ألغام أرضية، وسيارات أصيبت بطلقات رصاص كثيفة.الأمر لا يختلف كثيرًا عن العاملين بشركة الكهرباء، حيث أنهم يتعرضون للموت فى كل لحظة، خاصة أولئك الذين يعملون فى أماكن الاشتباكات، لتصليح أسلاك الكهرباء التى تتعطل بسبب الرصاص والقذائف، وسقوط الدانات والرصاص على الخط المغذى لمدينة الشيخ زويد، أثناء الاشتباكات التى تقع بين رجال الأمن والإرهابيين، ما يسفر عن إصابة العمال والفنين ما بين طلقات نارية وشظايا متفرقة بالجسد نتيجة انفجار لغم أرضي أثناء عملهم.
محمد سليمان، أحد الفنين العاملين بشركة الكهرباء يقول: "إننا تم تهديدنا لأكثر من مرة بعدم إصلاح الأعطال بالتحديد بمناطق جنوب العريش والأماكن القريبة من الارتكازات الأمنية والمعسكرات التابعة للجيش، مشيرًا إلى أنهم يتعرضون للموت في كل لحظة".ويضيف سليمان: "العمليات الإرهابية طالت فنين الشركة حتى استشهد 5 من العاملين بشركة كهرباء الشيخ زويد، وإصابة 10 آخرين، في حوادث متفرقة، بسبب الاشتباكات الدائرة بمنطقتي الشيخ زويد ورفح، علاوة على سرقة السيارات الخاصة بالشركة واستخدامها في تفخيخها وتنفيذ عمليات إرهابية بالكمائن الأمنية المنتشرة بالمحافظة".
شركة "كير سيرفس" للنظافة كان لها النصيب الأكبر من العمليات الإرهابية، بسبب حرق جميع المعدات والسيارات الخاصة للشركة للمرة الثانية على عناصر مسلحة داخل مدينة العريش.وفي العاشر من يناير من العام الماضي، كانت البداية عندما قام 15 مسلحًا باقتحام الجراج الخاص بشركة "كير سيرفس" للنظافة بمنطقة حي الزهور، والذي كان يضم مبنى سكني للعمال وورشة ميكانيكية ومخزن للأدوات ومهمات النظافة، حتى قاموا بإحراق جميع المعدات والسيارات الخاصة بالشركة.
المصادر الأمنية رجحت أن السبب الحقيقي لحادث إشعال النيران بمقر الشركة بالعريش بسبب قيام العمال والمشرفين بإبلاغ قوات الشرطة عن العبوات الناسفة والأجسام الغريبة، التي تقوم عناصر تنظيم بيت المقدس الإرهابي بزرعها بالشوارع الرئيسية والميادين العامة بالعريش.وقدرت الخسائر الأولية بنحو 22 مليون جنيه نتيجة احتراق 26 سيارة خاصة بجمع القمامة، و4 سيارات مكبس "مكنسة" لنظافة الشوارع من بينها سيارتين مملوكتين للشركة وسيارتين مؤجرتين من إحدى الجمعيات الأهلية بالعريش، وسيارتين لوري كبيرة لجمع الحجارة الصغيرة من الشوارع، وسيارتين "دوبل كابينه"، و3 لوادر كبيرة، جرار زرعي، 5 دراجات نارية بصندوق للتدخل السريع فور ورود شكاوي للشركة، بجانب تدمير الورشة الميكانيكية الخاصة باصلاح السيارات، ومخزن المهمات والأدوات الخاصة بالنظافة.وبنفس الأسلوب والتكتيك وفي نفس التاريخ، ولكن من العام الحالي، نفذ مجموعة مسلحة لا تقل عن 20 مسلحًا، هجومًا مسلحًا على الجراج الخاص بشركة النظافة بوسط مدينة العريش، وقاموا بحرق جميع معدات الشركة وسياراتها وتشريد ما لايقل عن 150 عامل، حتى اضطرت الشركة لتصفية أعمالها وسحب معداتها خارج المحافظة.
شركة مياه الشرب والصرف الصحي بشمال سيناء، تعتبر أيضًا ضمن المصالح الحكومية المستهدفة من قبل العناصر المسلحة، ويتعرضون للتهديد والقتل والضرب من قبل تلك العناصر لكونهم يقدمون المياه إلى الكمائن والارتكازات الأمنية المنتشرة بالمحافظة.المهندس ياسر العماري، مدير عام المتابعة بالشركة، أكد أن العاملين بالشركة يعانون من المخاطر ويواجهون كل التحديات في عملهم حتى راح من بينهم 4 عاملين، علاوة على سرقة وحرق 10 فناطيس مياه، و10 سيارات متنوعة المهام، وحرق حفار فى مدينة رفح، وذلك لاستخدامها فى العمليات الارهابية وسهولة وضع المتفجرات داخل الفناطيس.