اعلان

مصائب قوم عند قوم فوائد.. تعرف على النخب الاقتصادية الجديدة في سوريا.. هؤلاء "أغنياء الحرب"

أغنياء الحرب

هناك العديد من الوجوه والنسخ "لسوريا"، على سبيل المثال، في الصيف الماضي، وخلال هجوم بشار الأسد المدعوم جوّاً بالطيران الروسي، من أجل استعادة حلب، نشر النظام مقاطع فيديو تجسد واقع موازيا في البلاد. وقد كانت هذه اللقطات لشباب سوريين يرقصون في الملاهي الليلية، وأخرى لمناظر خلابة لطرطوس والسواحل السورية.

حتى في أصعب الفترات فوضوية وخرابا، لابد من وجود قوي اقتصادية تجني ارباحاً، فمع الحرب الدائرة في سوريا منذ خمس سنوات نشأت مجموعة من القوي الاقتصادية الجديدة التي تزامن صعودها مع حالة الفراغ في صفوف طبقة رجال الأعمال الذين غادروا البلاد خلال السنوات الأخيرة. وفي جبهة نظام بشار الأسد، يمكن الحديث عن ابن عم بشار الأسد، رامي مخلوف، الذي أصبح أحد أغنى الرجال في سوريا.

وفي هذا الصدد، قال الخبير في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، براح ميكائيل، لصحيفة "أ بي ثي" الإسبانية إنه يرى هذا الأمر "مخزياً للغاية وفظيعاً، لأن المشاهد التي تظهرها مقاطع الفيديو لا تمثل البلاد اليوم. فهي فقط جزء من دعاية النظام السوري، الذي يصر على أنه على الرغم من الحرب، يمكن العيش في المناطق التي يحكمها الأسد".

من جانب آخر، فإن التناقض في المشهد العام لمدينة طرطوس الساحلية التي تقع تحت قبضة النظام، من جهة، ولمدينة حمص، التي تحولت إلى أنقاض، من جهة أخرى؛ هو صورة مصغرة للقدرات العسكرية للأطراف المشاركة في الحرب على مدار ست سنوات من الصراع.

حياة مختلفة

وفي هذا السياق، قال "ميكائيل" في تصريحات نقلتها "هافنجتون بوست"، عن الصحيفة الإسبانية، إنه "منذ بداية الحرب، كانت المناطق الخاضعة لسيطرة الأسد تعمل بشكل أفضل من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وعلى الرغم من نقص الدواء وعناصر الطاقم الطبي في المستشفيات، إلا أن نسق الحياة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام ظل يسير بشكل أفضل. في المقابل، تعرضت مناطق المعارضة إلى ضغوط كثيرة وظروف قاسية. بالإضافة إلى ذلك، حاول الجيش السوري الحر عدة مرات إتلاف نظم الخدمات الأساسية".

وقد كان لصحيفة "أ بي ثي" لقاء مع أب لبنتين وأستاذ الرياضيات سابقاً، أحمد يوسف، الذي يعمل الآن في صفوف أصحاب "الخوذ البيضاء" للدفاع المدني السوري التي تعمل على إنقاذ ضحايا الغارات الجوية التي تشنها قوات النظام والقوات المتحالفة معها، من تحت الأنقاض. وصرح أحمد أن "أصحاب الخوذ البيضاء أنقذوا أيضاً جنود النظام، وأعضاء من المليشيات الموالية له".

وتابع أحمد قائلاً: "لكن في الواقع، نحن نعمل بشكل أساسي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، نظراً لأن هذه هي المناطق التي تواجه القصف ويضطر سكانها للنزوح القسري. أما في المناطق الأخرى، فإن الحياة مستمرة بنسق عادي".

وكغيره من زملائه، يقول يوسف إنه محايد في عمله، إلا أنه لا يمكنه إنكار الجرائم التي يقوم بها الأسد، خاصة بعد أن شهد بنفسه مجزرة الأسلحة الكيميائية في الغوطة بتاريخ 21 أغسطس سنة 2013. وقد كانت حصيلة أعنف هجوم كيماوي منذ 25 سنة، حوالي 1400 قتيل و3000 جريح.

كما كشف أحمد أن أكثر ما أثر فيه هو مشاهد الرضع الذين يبدون وكأنهم ما زالوا على قيد الحياة ويغطون في نوم في سلام بين الحطام. وبالنسبة له، فإن نظام الأسد يحاول صناعة هندسة ديمغرافية جديدة للشعب السوري بعد كل هجوم يشنه.

وفي مقابلة مع "يورونيوز"، صرحت إحدى السوريات التي تعيش في مناطق خاضعة لسيطرة الأسد، أنه "لا يمكن للبعض أن يتوقف عن العيش لأن مناطق أخرى تعيش حالة حرب".

وخلال شهر سبتمبر الماضي، عندما كانت قوات الأسد تقود هجوماً كاملاً لعزل منطقة حلب الشرقية، حاور العديد من الصحفيين بعض رجال الأعمال الذين "يتمتعون بأشعة الشمس والسباحة في أجواء يسودها السلام"، في الجانب الغربي للمدينة.

وبحسب دراسة أجراها "معهد كارنجي"، فإن التواجد المكثف لعدد المدنيين هو في حقيقة الأمر في صالح الأسد. كما أنه يمكن أن يساهم في تقليص احتمال مهاجمة المعارضة لمناطق الأسد في هذه الحالة. ووفقاً لتقرير للمعهد، فإنه خلال هجوم المعارضة على منطقة المحطة في درعا خلال سنة 2014، كان هناك ضحايا من بين العائلات التي ساندت المعارضة.

وتعليقاً على هذه الحادثة، كتب المعهد في تقريره أن "هذا العدد من الموتى زاد من دعم بعض المعارضين للنظام السوري". وبحسب ميكائيل، فإنه يمكن الانتقال من جبهة إلى أخرى في سوريا. لكن من الصعب أن يمر السوريون من تأييد النظام إلى تأييد المعارضة، نظراً لأنهم لا يرغبون في الظهور "ضعفاء".

تضييق أمني

من وجهة نظر الصحفيّة السورية، يارا بدر، التي قبعت في سجون الأسد لعدة أيام، فإن "هناك نوعين من الحقائق في سوريا". وفي هذا الصدد، أشارت الصحفيّة إلى أن "ممارسة عمل الصحافة بتصريح من النظام السوري، تعدّ أكثر قانونية وأمناً، نظراً لأن الصحفي لن يتعرض إلى القصف الجوي ولن يعاني المجاعة. وعندما كانت بدر في زيارة للاذقية في نوفمبر الماضي، لم يحصل لها أي مكروه تقريباً".

أما زوجها، مازن درويش، وهو أيضاً صحفي، فقد طالب يوم الثلاثاء الماضي في مقر الأمم المتحدة في جنيف بمساءلة بشار الأسد بسبب الانتهاكات التي يقوم بها في حق الشعب السوري. وقد جاءت هذه الإدانة بعد أن سُجن درويش وهو أيضاً مؤسس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بسبب نقله لحقائق الحرب خلال ثلاث سنوات الماضية.

وتعليقاً على الوضع في سوريا، صرحت ليلى نشواتي، مؤلفة رواية" عندما تنتهي الثورة"، أنه "في بداية الأمر، كان في إسبانيا نوع من التعاطف تجاه المظاهرات التي تدعو إلى إسقاط الحكومة القمعية، ولكن عندما أصبح الوضع أكثر تعقيداً بدأت التحاليل السهلة تهيمن على الساحة. وتشير هذه التحاليل إلى أن أسباب الصراع السوري طائفية بالأساس، بدلاً من تسليط الضوء على الأسباب الاجتماعية والسياسية والمتمثّلة أساساً في غياب العدالة الاجتماعية واحتكار آل الأسد للموارد الطبيعية في البلاد".

"أغنياء الحرب"

من جهة أخرى، عمد النظام السوري إلى نقل مؤسساته من المدن إلى الأحياء التي يسيطر عليها. وفي إطار سياساته الاقتصادية، قلّص النظام السوري من الميزانية العامة، الأمر الذي أدى إلى تخفيض مفاجئ وبشكل حاد في الدعم على المواد الأساسية على غرار الخبز والبنزين.

وعموماً، قامت الحرب السورية بإعادة ترتيب العلاقات الاقتصادية، كما أنها ركزت على أسس التحولات العميقة على مستوى الهيكل الاجتماعي والاقتصادي للبلاد. ووفق تقرير لمشروع إعلامي مستقل حول سوريا، فإن "الحرب تحولت إلى مؤسسة اقتصادية تموّلها مصادر داخلية وأخرى خارجية".

وفي الإجمال، يمكن الإقرار بأن الحرب السورية خلقت مجموعة من النخب الاقتصادية الجديدة التي تزامن صعودها مع حالة الفراغ في صفوف طبقة رجال الأعمال الذين غادروا البلاد في السنوات الأخيرة. وعموماً، أصبح هؤلاء "المستفيدون من الحرب" أو "أغنياء الحرب" عنصراً أساسياً في سير الحياة في سوريا. ووفقاً لمقال نشر في بوابة معلومات الكاثوليكية "لا كروا الدولية"، فإن هذه المجموعة أصبحت تنافس حلفاء سابقين لعائلة الأسد.

وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد السوري الجديد الذي يعتمد أساساً على الواردات من السلع الزراعية والنفط، جعل "رجال الأعمال" يتحدّون الحظر والعقوبات الدولية في الاقتصاد. ويتلخص هذا التحدي بالأساس في الاعتماد أساسا على الصادرات المتأتية من حلفاء للنظام، على رأسهم إيران وروسيا.

وفي هذا السياق، يؤكد ميكائيل أن "الناس يعيشون حياة عادية داخل حدود النظام السوري". وعلى الرغم من أن هناك حظراً على الاستيراد في سوريا، إلا أن الأوروبيين والأميركيين لا يمكنهم معارضة عمليات استيراد المواد الأساسية". كما أضاف ميكائيل قائلاً: "لقد خلقت الحرب اقتصاداً موازياً في سوريا؛ ففي بداية الحرب، كانت روسيا تقوم بطباعة العملة السورية، أما إيران فقد تحولت إلى إحدى الموردين الأساسيين للسلاح في البلاد".

وفي جبهة نظام بشار الأسد، فإن من بين الحالات الأكثر شهرة، ابن خال بشار الأسد، رامي مخلوف، أحد أغنى الرجال في البلاد بفضل موروث عائلته في مجال الاتصالات، والبنوك والنفط.

من ناحية أخرى، أصبحت مدن على غرار حمص وحلب خالية من السكان بنسبة 80 بالمائة. وقد أشار ميكائيل إلى أنه "من الصعب أن يعود أشخاص دمرت منازلهم بالكامل، بسهولة إلى وطنهم. وعموماً، إذا كسب الأسد فإن عملية إعادة بناء البلاد عن طريق المساعدة الإيرانية والروسية، ستكون في صالح دعاية النظام".

وفي الختام، يذكر أنه لعدة قرون مضت، حافظت سوريا على عدة مناطق مدمرة، يزورها السياح ليكتشفوا ما اقترفت إسرائيل من جرائم خلال حرب الأيام الستة. أما الآن، بعد مرور ست سنوات من الحرب الشرسة، فسيحافظ الأسد على بعض الخراب الذي شوه سوريا، ويلقي باللوم على أحد أعدائه ويحملهم مسؤولية ذلك.هناك العديد من الوجوه والنسخ "لسوريا"، على سبيل المثال، في الصيف الماضي، وخلال هجوم بشار الأسد المدعوم جوّاً بالطيران الروسي، من أجل استعادة حلب، نشر النظام مقاطع فيديو تجسد واقع موازيا في البلاد. وقد كانت هذه اللقطات لشباب سوريين يرقصون في الملاهي الليلية، وأخرى لمناظر خلابة لطرطوس والسواحل السورية.

حتى في أصعب الفترات فوضوية وخرابا، لابد من وجود قوي اقتصادية تجني ارباحاً، فمع الحرب الدائرة في سوريا منذ خمس سنوات نشأت مجموعة من القوي الاقتصادية الجديدة التي تزامن صعودها مع حالة الفراغ في صفوف طبقة رجال الأعمال الذين غادروا البلاد خلال السنوات الأخيرة. وفي جبهة نظام بشار الأسد، يمكن الحديث عن ابن عم بشار الأسد، رامي مخلوف، الذي أصبح أحد أغنى الرجال في سوريا.

وفي هذا الصدد، قال الخبير في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، براح ميكائيل، لصحيفة "أ بي ثي" الإسبانية إنه يرى هذا الأمر "مخزياً للغاية وفظيعاً، لأن المشاهد التي تظهرها مقاطع الفيديو لا تمثل البلاد اليوم. فهي فقط جزء من دعاية النظام السوري، الذي يصر على أنه على الرغم من الحرب، يمكن العيش في المناطق التي تقع تحت سيطرة "بشار الأسد".

من جانب آخر، فإن التناقض في المشهد العام لمدينة طرطوس الساحلية التي تقع تحت قبضة النظام، من جهة، ولمدينة حمص، التي تحولت إلى أنقاض، من جهة أخرى؛ هو صورة مصغرة للقدرات العسكرية للأطراف المشاركة في الحرب على مدار ست سنوات من الصراع.

حياة مختلفة

وفي هذا السياق، قال "ميكائيل" في تصريحات نقلتها "هافنجتون بوست"، عن الصحيفة الإسبانية، إنه "منذ بداية الحرب، كانت المناطق الخاضعة لسيطرة الأسد تعمل بشكل أفضل من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وعلى الرغم من نقص الدواء وعناصر الطاقم الطبي في المستشفيات، إلا أن نسق الحياة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام ظل يسير بشكل أفضل. في المقابل، تعرضت مناطق المعارضة إلى ضغوط كثيرة وظروف قاسية. بالإضافة إلى ذلك، حاول الجيش السوري الحر عدة مرات إتلاف نظم الخدمات الأساسية".

وقد كان لصحيفة "أ بي ثي" لقاء مع أب لبنتين وأستاذ الرياضيات سابقاً، أحمد يوسف، الذي يعمل الآن في صفوف أصحاب "الخوذ البيضاء" للدفاع المدني السوري التي تعمل على إنقاذ ضحايا الغارات الجوية التي تشنها قوات النظام والقوات المتحالفة معها، من تحت الأنقاض. وصرح أحمد أن "أصحاب الخوذ البيضاء أنقذوا أيضاً جنود النظام، وأعضاء من المليشيات الموالية له".

وتابع أحمد قائلاً: "لكن في الواقع، نحن نعمل بشكل أساسي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، نظراً لأن هذه هي المناطق التي تواجه القصف ويضطر سكانها للنزوح القسري. أما في المناطق الأخرى، فإن الحياة مستمرة بنسق عادي".

وكغيره من زملائه، يقول يوسف إنه محايد في عمله، إلا أنه لا يمكنه إنكار الجرائم التي يقوم بها الأسد، خاصة بعد أن شهد بنفسه مجزرة الأسلحة الكيميائية في الغوطة بتاريخ 21 أغسطس سنة 2013. وقد كانت حصيلة أعنف هجوم كيماوي منذ 25 سنة، حوالي 1400 قتيل و3000 جريح.

كما كشف أحمد أن أكثر ما أثر فيه هو مشاهد الرضع الذين يبدون وكأنهم ما زالوا على قيد الحياة ويغطون في نوم في سلام بين الحطام. وبالنسبة له، فإن نظام الأسد يحاول صناعة هندسة ديمغرافية جديدة للشعب السوري بعد كل هجوم يشنه.

وفي مقابلة مع "يورونيوز"، صرحت إحدى السوريات التي تعيش في مناطق خاضعة لسيطرة الأسد، أنه "لا يمكن للبعض أن يتوقف عن العيش لأن مناطق أخرى تعيش حالة حرب".

وخلال شهر سبتمبر الماضي، عندما كانت قوات الأسد تقود هجوماً كاملاً لعزل منطقة حلب الشرقية، حاور العديد من الصحفيين بعض رجال الأعمال الذين "يتمتعون بأشعة الشمس والسباحة في أجواء يسودها السلام"، في الجانب الغربي للمدينة.

وبحسب دراسة أجراها "معهد كارينجي"، فإن التواجد المكثف لعدد المدنيين هو في حقيقة الأمر في صالح الأسد. كما أنه يمكن أن يساهم في تقليص احتمال مهاجمة المعارضة لمناطق الأسد في هذه الحالة. ووفقاً لتقرير للمعهد، فإنه خلال هجوم المعارضة على منطقة المحطة في درعا خلال سنة 2014، كان هناك ضحايا من بين العائلات التي ساندت المعارضة.

وتعليقاً على هذه الحادثة، كتب المعهد في تقريره أن "هذا العدد من الموتى زاد من دعم بعض المعارضين للنظام السوري". وبحسب ميكائيل، فإنه يمكن الانتقال من جبهة إلى أخرى في سوريا. لكن من الصعب أن يمر السوريون من تأييد النظام إلى تأييد المعارضة، نظراً لأنهم لا يرغبون في الظهور "ضعفاء".

تضييق أمني

من وجهة نظر الصحفيّة السورية، يارا بدر، التي قبعت في سجون الأسد لعدة أيام، فإن "هناك نوعين من الحقائق في سوريا". وفي هذا الصدد، أشارت الصحفيّة إلى أن "ممارسة عمل الصحافة بتصريح من النظام السوري، تعدّ أكثر قانونية وأمناً، نظراً لأن الصحفي لن يتعرض إلى القصف الجوي ولن يعاني المجاعة. وعندما كانت بدر في زيارة للاذقية في نوفمبر الماضي، لم يحصل لها أي مكروه تقريباً".

أما زوجها، مازن درويش، وهو أيضاً صحفي، فقد طالب يوم الثلاثاء الماضي في مقر الأمم المتحدة في جنيف بمساءلة بشار الأسد بسبب الانتهاكات التي يقوم بها في حق الشعب السوري. وقد جاءت هذه الإدانة بعد أن سُجن درويش وهو أيضاً مؤسس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بسبب نقله لحقائق الحرب خلال ثلاث سنوات الماضية.

وتعليقاً على الوضع في سوريا، صرحت ليلى نشواتي، مؤلفة رواية" عندما تنتهي الثورة"، أنه "في بداية الأمر، كان في إسبانيا نوع من التعاطف تجاه المظاهرات التي تدعو إلى إسقاط الحكومة القمعية، ولكن عندما أصبح الوضع أكثر تعقيداً بدأت التحاليل السهلة تهيمن على الساحة. وتشير هذه التحاليل إلى أن أسباب الصراع السوري طائفية بالأساس، بدلاً من تسليط الضوء على الأسباب الاجتماعية والسياسية والمتمثّلة أساساً في غياب العدالة الاجتماعية واحتكار آل الأسد للموارد الطبيعية في البلاد".

"أغنياء الحرب"

من جهة أخرى، عمد النظام السوري إلى نقل مؤسساته من المدن إلى الأحياء التي يسيطر عليها. وفي إطار سياساته الاقتصادية، قلّص النظام السوري من الميزانية العامة، الأمر الذي أدى إلى تخفيض مفاجئ وبشكل حاد في الدعم على المواد الأساسية على غرار الخبز والبنزين.

وعموماً، قامت الحرب السورية بإعادة ترتيب العلاقات الاقتصادية، كما أنها ركزت على أسس التحولات العميقة على مستوى الهيكل الاجتماعي والاقتصادي للبلاد. ووفق تقرير لمشروع إعلامي مستقل حول سوريا، فإن "الحرب تحولت إلى مؤسسة اقتصادية تموّلها مصادر داخلية وأخرى خارجية".

وفي الإجمال، يمكن الإقرار بأن الحرب السورية خلقت مجموعة من النخب الاقتصادية الجديدة التي تزامن صعودها مع حالة الفراغ في صفوف طبقة رجال الأعمال الذين غادروا البلاد في السنوات الأخيرة. وعموماً، أصبح هؤلاء "المستفيدون من الحرب" أو "أغنياء الحرب" عنصراً أساسياً في سير الحياة في سوريا. ووفقاً لمقال نشر في بوابة معلومات الكاثوليكية "لا كروا الدولية"، فإن هذه المجموعة أصبحت تنافس حلفاء سابقين لعائلة الأسد.

وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد السوري الجديد الذي يعتمد أساساً على الواردات من السلع الزراعية والنفط، جعل "رجال الأعمال" يتحدّون الحظر والعقوبات الدولية في الاقتصاد. ويتلخص هذا التحدي بالأساس في الاعتماد أساسا على الصادرات المتأتية من حلفاء للنظام، على رأسهم إيران وروسيا.

وفي هذا السياق، يؤكد ميكائيل أن "الناس يعيشون حياة عادية داخل حدود النظام السوري". وعلى الرغم من أن هناك حظراً على الاستيراد في سوريا، إلا أن الأوروبيين والأميركيين لا يمكنهم معارضة عمليات استيراد المواد الأساسية". كما أضاف ميكائيل قائلاً: "لقد خلقت الحرب اقتصاداً موازياً في سوريا؛ ففي بداية الحرب، كانت روسيا تقوم بطباعة العملة السورية، أما إيران فقد تحولت إلى إحدى الموردين الأساسيين للسلاح في البلاد".

وفي جبهة نظام بشار الأسد، فإن من بين الحالات الأكثر شهرة، ابن خال بشار الأسد، رامي مخلوف، أحد أغنى الرجال في البلاد بفضل موروث عائلته في مجال الاتصالات، والبنوك والنفط.

من ناحية أخرى، أصبحت مدن على غرار حمص وحلب خالية من السكان بنسبة 80 بالمائة. وقد أشار ميكائيل إلى أنه "من الصعب أن يعود أشخاص دمرت منازلهم بالكامل، بسهولة إلى وطنهم. وعموماً، إذا كسب الأسد فإن عملية إعادة بناء البلاد عن طريق المساعدة الإيرانية والروسية، ستكون في صالح دعاية النظام".

وفي الختام، يذكر أنه لعدة قرون مضت، حافظت سوريا على عدة مناطق مدمرة، يزورها السياح ليكتشفوا ما اقترفت إسرائيل من جرائم خلال حرب الأيام الستة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً