قال الدكتور عبدالرحيم ريحان، خبير الآثار، بسيناء ووجه بحرى إن المسلمين هم أول من قاموا بتجديد الكنائس على نفقتهم الخاصة لنؤكد للجميع أن المصريين يدا واحدة مهما فعل الإرهابيون ومهما دمروا الكنائس فلن يفرقونا وسيظل الهلال يعانق الصليب من أيام الحملة الفرنسية إلى قيام الساعة.
وأكد لبوابة "أهل مصر" ريحان أن هناك دراسة أثرية لعالمة الآثار سلفانا جورج عطاالله باحثة دكتوراه فى الآثار القبطية والأثرية بمنطقة آثار غرب الدلتا بوزارة الآثار، تؤكد أن الكنيسة المرقصية بالإسكندرية التى شهدت الحادث الإرهابى الغاشم هى أول كنيسة أنشئت بقارة أفريقيا ورصدت الدراسة المعالم المعمارية والحضارية للكنيسة.
وأشارت الدراسة إلى أن الكنيسة تعد ضمن الكنائس الرسولية الخمس فى العالم المسيحى وهى كنائس روما والإسكندرية والقسطنطينية وإنطاكيا وأورشليم فضلَا عن أنها مركز الثقافة اليونانية فى العالم أجمع واحتلت منذ العصور الميلادية الأولى مكانة عالمية لا يشبهها فيها إلا كنيسة روما.
وقال ريحان إن كنيسة الإسكندرية عرفت بالكنيسة الأرثوذكسية القبطية وتميزت بعمارة وفن مميز يعرف بالفن القبطى وهو مصطلح يطلق على الفن الذى ابتكره المسيحيون فى وادى النيل منذ عام 313م وحتى الفتح الإسلامى لمصر 641م وقد شكّل العصر الفاطمى عصرًا ذهبيًا للأقباط وعاشوا مظاهر الترف وتمتعوا بالتسامح الدينى الكامل وحقوق مواطنة كاملة وازدهرت فى العصر الإسلامى الفنون والعمارة الكنسية.
وأشار ريحان إلى أن سلفانا جورج عطاالله تؤكد أن مكان الكنيسة المرقصية الحالية كان بيت الأسقف أنيانوس أول أسقف رسمه القديس مرقص وبعد استشهاد القديس مرقص الرسول أخذ المؤمنون جسده إلى مكان يدعى بوكاليا وتعنى مرعى البقر بقرية راقودة بالإسكندرية ودفنوه هناك حيث بنيت الكنيسة المرقصية وظلت قائمة حتى القرن الرابع الميلادى وقد هدمت الحملة الفرنسية منارتين بالكنيسة عام 1798 خشية استخدامهما عسكريًا بواسطة الإنجليز مما أدى لنقل المقتنيات لكنيسة مارمرقص برشيد وفى عصر محمد على أصدر فرمانًا عام 1818 بجمع الأموال لبناء الكنيسة المرقصية وتم بناؤها فى خلال عام فى أبهى صورة مما ينم عن سماحة المسلمين واحترامهم للمقدسات.
وتشير الباحثة الأثرية سلفانا جورج إلى المعالم المعمارية للكنيسة فى ذلك الوقت التى أقيمت على نظام الأقبية المحمولة على ستة أعمدة رخامية كانت أهدتهم الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين للكنيسة وظلت كذلك حتى جددها البابا ديمتريوس الثانى عام 1870م وأضاف لها حامل أيقونات من الرخام على الطراز اليونانى وفى عام 1950 قام البابا يوساب الثانى بهدم الكنيسة وإعادة بناؤها بعد تعرض أقبيتها للسقوط وزاد من مساحتها واستغنى عن الأقبية المحمولة على الأعمدة واستخدم الخرسانة المسلحة ودعّم منارتى الكنيسة وجلب أجراس لها من إيطاليا ووضع الستة أعمدة الرئيسية الأثرية بواجهة الكنيسة الغربية الرئيسية كناحية جمالية وتم توسيع حامل الأيقونات وافتتحت الكنيسة عام 1952.
وفى عهد البابا شنودة الثالث ما بين عامى 1985- 1990 تم توسيع الكنيسة من الناحية الغربية مع الاحتفاظ بالتخطيط البازيليكى ونقلت الأعمدة الأثرية لواجهة الكنيسة الجديدة وتخطيط الكنيسة على الطراز البازيليكى على شكل سفينة نوح ولها ثلاث واجهات وهى الواجهة الغربية الرئيسية ذات طابع كلاسيكى وبها أبواب الكنيسة الثلاث.
وتصف سلفانا جورج الكنيسة موضحة أن الجزء القديم من الكنيسة يتكون من من صالة مقسمة إلى صحن وجناحان جانبيان بواسطة صفيم من الأعمدة، بكل صف ثمانية أعمدة لهم قاعدة ناقوسية وتاج ناقوسى مزخرف بزخارف نباتية من سعف النخيل المضفور وتستند على الأعمدة بكل صف أربعة عقود نصف دائرية وتضم الكنيسة قاعة علوية هى مذبح القديس مينا والأنبا أنطونيوس ويفصل الجزء القديم عن الحديث الذى أضيف فى عهد البابا شنودة كتف بارز يشغله حنية نصف دائرية معقودة بعقد نصف دائرى حوله إفريز مزخرف بزخارف نباتية.
أما الجزء الحديث عبارة عن صالة وسطى مستطيلة يشغل جدرانها على الجانبين الشرقى والغربى ثلاث دخلات وتضم الكنيسة " الإنبل " الخشبى الذى يؤدى إليه درج حلزونى بدنه دائرى مقسم لأربعة أقسام تضم أيقونات كاتبى الأربع بشائر الإنجيلية.
وحجاب الهيكل على الطراز اليونانى أنشئ عام 1870 وجدد عام 1952 وبه ثلاثة أبواب يعلو كل باب عقد مفصص يستند على عمودين والباب الأوسط يؤدى إلى المذبح الرئيسى للقديس مارمرقص والأيمن للملاك ميخائيل والأيسر للقديس مارجرجس ويحمل الحجاب 30 أيقونة، وتضم الكنيسة لوحة الأباء البطاركة من الرخام نقش عليها أسماء البطاركة حتى منتصف القرن الحادى عشر الميلادى مكتوبة بثلاثة لغات القبطية والعربية والإنجليزية وضعت عند مدخل القبو الذى يرجح وجود رأس القديس مرقص به بجوار رفات الآباء البطاركة.