تعلقت عيني به وهو يغادر أخر بوابة للخروج من المطار، لعله يشعر بما يموج فى صدري من لوعة اتعبت قلبي .
تمنيت لوأصرخ حينها وأخرج ما بداخلي من وجع وحسرة وتفكير، فى كل أنواع المخاطر، التي يمكن أن يتعرض لها وحيدي وهو لأول مرة يغيب عني منذ ولادته.
هل سأراه مرة أخرى؟.. هل سينسانى؟....هل استطيع الحياة بدونه؟. اسئل نهشت عقلي وشلت تفكيري.
سريعا مرت أمام عيني، عشرون عاما انقطعت فيها عن الحياة لأجل ابني، بعد أن هجرني زوجي وترك طفلي ذو أعوام خمس.
لم أعلم وقتها لماذا تركني الزوج والسند؟.. حتى إنني لم أعرف أين ذهب فقد انقطعت أخباره، حتى عن أسرته، بعدما سافر إلى إحد الدول الأوروبية.
لم اصدم كثيرا وقتها فقد كان غريب الأطوار منذ أن تزوجته ولكنني كنت وقتها صغيرة، لا أستطيع أن تأخذ قرارا، ولم يوافقني أبوايا على فكرة الانفصال.
أرجعتني الذكريات كيف أنني أكملت تعليمي وشجعني والدي على إكمال دراساتي العليا، حتى حصولي على ماجستير إدارة أعمال، وكيف ساعدني عمل أبي بأحد البنوك العريقة في إيجاد فرصة عمل جيدة.
لم أتخيل كيف مرت الأيام والسنون وأنا وحدي وطفلي في رعاية ابي واخي الوحيد، الذى لم يقصر يوما ناحيتي وابني، الذى عاش حياة أقل ما يقال عنها أنها حياة راقية يغمره فيها الحب والاهتمام من كل من حولها.
حاولت أسرتى كثيرا أن تثنينى عن رغبتى في اكمال حياتى وحدي وحاولوا اقناعى انتى مازلت صغيرة وجميلة وأن العمر أمامى طويل ولكن كانت نظره واحده من عين ابنى تجعلنى اتشبث بقرارى وأكون فقط لابنى وحده.
تخرج ابني من كلية الهندسة وطيلة فترة دراسته، لا يفكر سوى فى السفر إلى إحدى الدول الأوروبية، وعبثا كانت محاولاتى أنا وأسرتى في إثنائه عن تلك الفكرة، التى كانت لى بمثابة الموت البطئ، كلما افكر فيه، وها هو يسافر ولم تعنى له توسلاتى شيئا,
من اين أتى بهذه القسوة؟ وكيف هانت عليه أيامى وعمرى معه؟ وماذا كان ينقصه وقد وفرت له كل شئ حتى فرصة جيدة للعمل بعد التخرج؟.
.هل يكون الولد مثل ابيه ؟؟؟؟هل يورث الجفاء وهل تورث القسوة؟؟؟
لم يقصر معى فى الرسائل والمكالمات التى تطمئننى على حاله ولكننى أشعر أنه يبعد أكثر وأكثر على درب ابيه ويستقر فى الخارج وتبتعد عنه فكرة الرجوع لمصر نهائيا.
الآن هل آن الأوان أن أفكر فى نفسي أم سيأتي اليوم الذى يقول فيه ابنى اننى تركته؟.
وهل تأخرت فى هذا القرار أم أن الوقت مازال أمامى؟
الرد
لقد سافر ابنك وأصبح ما يربطك به مجرد رسائل واتصالات، لم يعبء بتوسلاتك ولم يرحم دموعك وقد كان لزاما عليه أن يدرك انك افنيت عمرك من أجله، فعلى الأقل كان يجب عليه أن يحرص على رضاك فلك كل الحق عليه وانت التى لم تقصرى معه.
آن الآوان أن تنظرى لنفسك وترعين حالك واختيار رفيقا يحنو عليك ويعوضك عما فات من عمرك.
أما ابنك فإن عاد فأهلا وسهلا به، سيجد زواجك وارتباطك أمرا واقعا.. هونى على نفسك فأنت لم تقصرى تجاه أحد سوى نفسك.