وقف الزوج ينتظر دوره في الرول، شارد الذهن كأنه يفكر في شئ ما، فجأة يقطع صمته حاجب المحكمة وهو ينادى على اسمه ورقم قضيته، قبل أن تبدأ الجلسة طلب الزوج أن تكون الجلسة سرية، مؤكدًا أن ما سينطق به لسانه يعجز أن يتلفظ به أمام نفسه فكيف سيتكلم أمام هذا الجمع الغفير.
كان حلمه أن يؤسس أسرة وكيان، حبه الكبير للأطفال دفعه للتعجيل بأمر الزواج رغبة في أن يرى فلذة كبده يكبر بين ذراعية، انتهى من تعليمه والتحق بالعمل ف إحدى دول الخليج، ثلاث سنوات كاملة قضاها في الغربة، وخلال هذه السنوات نجح في شراء شقة الزوجية ووفى أول أجازة عائدًا لمصر كانت رغبته ملحة في الزواج، كانت سعادته لا توصف عندما علم أن بنت الجيران لم تتزوج بعد على الفور فاتح أسرته في أمر الارتباط بها، بعدما سيطرت على مشاعره جميعا، ستة أشهر هي عمر فترة الخطوبة بعدها تم الزفاف في حفل جميل ضم الأهل والأصدقاء والأقارب، كان اليوم من أجمل ليالي العمر بالنسبة له، ولكن الدقائق التي تلت الزفاف كانت ملتهبة جدًا، لم يتوقعها أكثر المتشائمين، لم يتخيل العريس الشاب أن أجمل يوم في حياته سيتحول إلى ذكرى مؤلمة يعلن فيها أمام الجميع أن زوجته خائنة قبل أن تبدأ حياتها الجديدة.
المفاجآت توالت على رأس العريس الشاب الواحدة تلو الأخرى وكأنه في مشهد من فيلم سينمائي شديد الحبكة الدرامية، عندما اختلى بعروسته لاحظ عليها الارتباك الشديد في هذه الليلة بشكل غير طبيعي ومبالغ فيه اعتقد أن المسألة طبيعية وسرعان ما يزول هذا الخوف، لكن اضطرابها ازداد أكثر وفجأة تساقطت دموعها على وجنتيها كالأنهار، حاول تهدئتها، ولكنها طلبت منه أن يتسع صدره لسماعها، جلس وأنصت وليته ما فعل فالصاعقة التي هبطت على أذنيه كانت اكبر من يتحملها قلب بشر، العروس المصونة اعترفت له بأنها تعرضت لحادث اغتصاب ومنذ سنوات وليست بكرًا كما يظن، دارت الدنيا بالعريس الشاب كتم الأمر في صدره، شعر وكأنما تلقى طعنه غادره من حيث لا يدرى، وخشي من البوح بهذا السر لأحد خوفًا من الفضيحة وبعد اكتشاف الخيانة قرر أن يكتب سطور النهاية سريعًا.
وأمام المحكمة انهمرت دموع الزوج على وجنتيه، ارتسمت ملامح الخيبة على قسمات وجهه، التفت يمينا ويسارَا وكأنما يخفي وجهه من فضيحة ليس له ذنب فيها، بعدما أضطر لإقامة دعوى قضائية ضد زوجته يطالب فيها بتوقيع الكشف الطبي على الزوجة الخائنة، وبيان إن كان هناك سابقة حمل أو إجهاض من عدمه، كما طالب ببطلان عقد الزواج لأنه بني على باطل بعدما ظن أن زوجته الجميلة بكرًا، كما طالب بإسقاط جميع الحقوق الشرعية المترتبة على عقد الزواج الباطل.