لم تكتفي قطر بتمويل الإرهاب في الدول العربية فقط بل طال إرهابها الدول الأوروبية أيضاً وعلي رأسها الولايات المتحدة، حيث وصفها الرئيس الأسبق للجنة مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة ريتشارد كلارك بـ"أخطر إرهابي على وجه الأرض".
وكشف كلارك في مقال بصحيفة "نيويورك ديلي نيوز" عن دور التمويل القطري في أحداث 11 سبتمبر حيث وفرت ملاذا لقادة وجماعات إرهابية خلال الـ 20 عامًا الماضية.
ومن ذلك أن قطر عطلت عملية القبض على خالد شيخ أحمد، من أبرز المتهمين بأحداث 11 سبتمبر التي ضربت الولايات المتحدة 2011 وبعمليات إرهابية أخرى، وفق كلارك.
واللافت أن هذه المدة هي التي واكبت ظهور وانتشار فضائية الجزيرة الراعية الإعلامية للإرهاب، وكان هذا الانتشار تحت سمع وبصر الولايات المتحدة دون محاولة لردعه لعدة سنوات.
وتابع قائلاً"أدركت الأجهزة الأمنية خطوة خالد شيخ محمد عام 1993 بعد ارتباط اسمه بعملية تفجير شاحنة بالقرب من مركز التجارة العالمي، وعرفنا أنه فعليا لديه قدرات واسعة على ترتيب عمليات إرهابية كبيرة، وله قدرات أقوى بكثير من أسامة بن لادن".
ووفقاً لكلارك فإن المطاردة الأمريكية لخالد شيخ محمد بدأت عام 1996 بسبب عمليتين إرهابيتين "واعتبرناه أخطر إرهابي طليق على وجه الأرض".
وقال إن الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" وضعت هدف القبض عليه كأولوية قصوى تتقدم في أهميتها على القبض على أسامة بن لادن.
وعن دور قطر في إفشال هذه الجهود وفقاً لكلارك، فإنه بعد أن اكتشفت الاستخبارات الأمريكية وجوده في قطر وحصوله منها على وظيفة صورية في هيئة المياه تواصل كلارك مع الدوحة لتسليمه ولكنها راوغت.
"كنا على قناعة بأنه لا يمكن أن نثق بقطر في مسألة القبض على خالد شيخ محمد"؛ لأن "لدى القطريين تعاطفا تاريخيا مع الإرهابيين وصلات بتنظيم القاعدة".
وفي محاولة أمريكية للتغلب على هذا الأمر قال كلارك إن لجنته سعت لاختطاف خالد شيخ محمد عبر عملية إنزال تشبه إنزال الحلفاء في نورماندي، ولكنها تراجعت؛ خشية أن يبدو وكأن العملية "غزو" لقطر، خاصة وأنه حينها لم يكن هناك تواجد استخباراتي وعسكري قوي للولايات المتحدة في الدوحة.
غير أنه كان هناك سبب آخر وهو عدم رغبة القيادة العسكرية في التورط في مشاكل سياسية على غرار مع حصل بعد اختطاف الولايات المتحدة للإرهابي كارلوس في السودان.
وفي ذلك قال إن البنتاجون لم يتشجع لهذا الأمر، لأنه كان يمكن الاستعانة بفريق القوات الخاصة "دلتا فورس" المنشئ خصيصا لعمليات الاختطاف، ولكن لم يتم الاستعانة به.
وسعت واشنطن في عهد كلينتون إلى أسلوب آخر وهو التفاهم مع الدوحة حتى لا يهرب خالد شيخ محمد من البلاد.
وتم هذا التفاهم بمطالبة السفير الأمريكي أن يتحدث إلى أمير قطر فقط، وأن يطلب من الأمير أن يكلم فقط رئيس جهاز الأمن للقبض على خالد شيخ محمد لبضع ساعات حتى يصل فريق أمني أمريكي ينقله إلى الولايات المتحدة.
ولكن كلارك لم يوضح المقابل الذي تم عرضه من واشنطن للدوحة مقابل موافقتها على هذا الأمر.
وفي كل حال فإن الأمر لم يصل لغايته؛ حيث قال إنه "بعد لقاء السفير مع أمير قطر اختفى خالد شيخ محمد، ولم يعثر عليه أحد في الدوحة الصغيرة (...) وقال لنا القطريون إنهم يعتقدون أنه غادر البلاد، لكنهم لم يقولوا كيف غادرها!".
وبعد ذلك بفترة قصيرة وقعت هجمات 11 سبتمبر المتهم فيها خالد شيخ محمد وهجوم بالي في إندونيسيا وهجمات أخرى حتى القبض عليه عام 2003، بواسطة فريق أمني أمريكي باكستاني مشترك، وهو مودع الآن في جوانتانامو.
وبحسب كلارك في ختام شهادته على تلك الفترة فإنه "لو كان القطريون سلموا خالد شيخ محمد لنا 1996 فأعتقد أن العالم كان سيكون مختلفا جدا عما هو عليه الآن".
وانتهى مقال كلارك دون أن يوضح سبب صمته على هذه الجرائم القطرية طول السنوات الماضية، أو صمت واشنطن على قناة الجزيرة وسمومها الإرهابية التي بختها في عروق العالم طوال 20 عاما.
فإن كان كلارك يتعلل بأن ما أعجز واشنطن عن اختطاف خالد شيخ محمد وإجبار قطر على وقف دعم الإرهاب عام 1996 هو عدم وجود استخباراتي وعسكري قوي بالدوحة حينها، فإنه ومنذ 2000 أصبح للولايات المتحدة وجود عسكري واستخباراتي قوي في الدوحة عبر قاعدة العديد العسكرية.
كما لم تحرك الولايات المتحدة ساكنا أمام قناة الجزيرة وهي تذيع لسنوات طويلة الرسائل الإرهابية التحريضية لكل من أسامة بن لادن وأيمن الظواهري بشرائط فيديو تتسلمها هي حصريا، دون أن تكشف عن كيف وصلت إليها، وذلك في الوقت الذي كانت تقول واشنطن إنها تجهل مكان اختباء الاثنين.
واستمر هذا الصمت الأمريكي أمام الأنشطة القطرية وتمويلها للإرهاب في العالم حتى جاءت إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب الذي اتهم مرارا إدارة سلفه باراك أوباما بدعم الإرهاب.