انتهجت ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية زرع حقول الألغام في المدن والمحافظات التي ينسحبون منها تحت وقع ضربات القوات الحكومية والتحالف العربي لدعم الشرعية بهدف إلحاق الأذى بأكبر عدد من المواطنين اليمنيين العزل.
تعد الألغام التي زرعها الحوثيون وقوات صالح بكثافة وعشوائية في القرى السكنية والمناطق الزراعية بريف تعز، من أبرز الانتهاكات التي تطال المدنيين بشكل مباشر، وتتصدر النساء والأطفال قائمة ضحايا هذه الألغام.
وكشف التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، أن النساء والأطفال هم أكثر ضحايا الألغام، مشيرًا إلى أن 924 شخصًا أصيبوا بجروح، وأن 572 شخصًا آخرين أصيبوا بعاهات دائمة بسبب انفجار الألغام التي زرعتها الميليشيات.
وهذه جريمة من الجرائم ضد الإنسانية طويلة الأمد وتلحق بالأشخاص عاهات مستديمة حيث تقوم الميلشيا الحوثية بزراعة الألغام بطريقة عشوائية وغير منظمة أو موثقة بخرائط، مما يشكل صعوبة بالغة في التخلص منها سريعًا وكشفها بسهولة، وتشير إحصائيات محلية إلى سقوط مئات الضحايا من المدنيين بين قتل وبتر أطراف، ولا يزال الرقم في تصاعد، وفقًا لتقرير نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس).
وكانت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان قد كشفت في تقرير حديث لها أن الحوثيين في اليمن قاموا بزرع أكثر من نصف مليون لغم مضاد للأفراد في أنحاء متفرقة من اليمن مما أدى لمقتل أكثر من 700 شخص، بينما نجح مهندسون تم تدريبهم على يد التحالف العربي في نزع وتفكيك 40 ألف لغم.
ووجهت الحكومة اليمنية نداءً عاجلًا إلى المجتمع الدولي لمساعدتها في نزع الألغام، التي زرعتها ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية بكثافة وبطريقة عشوائية في المناطق التي كانت تحت سيطرتها متسببة بحصد أرواح مئات الضحايا من المدنيين الأبرياء، وأضرار بشرية ومادية جسيمة، موضحة أن الشعب اليمني يعاني من آثار الألغام والعبوات الناسفة التي تخلفها الميليشيا الانقلابية في المناطق التي يحررها الجيش الوطني.
وأوضحت أن هذه الألغام المحرمة دوليًا أصبحت تهدد كل منابع الحياة، وبات وجودها حاصدًا لأرواح المدنيين خاصة الأطفال والنساء، مبينةً أن زراعتها تمت بطرق عشوائية وغير منظمة أو موثقة بخرائط ما يشكل صعوبة بالغة في كشفها والتخلص منها وأن كثافتها تستدعي من المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بإزالة الألغام تقديم المساعدة الفنية والتكنولوجية والمادية، لمنع سقوط المزيد من الضحايا والجرحى بسببها.
وذكرت المصادر أن المخلوع صالح سلم ميليشيا الحوثي مخازن ومستودعات الحرس الجمهوري من الألغام ضد الأفراد ونقلها إلى كل المحافظات التي سيطروا عليها بداية الانقلاب لينشروا من خلالها الموت والدمار.
ورغم الجهود التي يبذلها خبراء نزع الألغام في الجيش اليمني الوطني، فإن هذه الجهود ليست كافية ولا تجنب المدنيين خطر الألغام بالإضافة إلى أن عملية زراعة الألغام نشطة جدًا حيث يتم زراعة عشرات الألغام بشكل يومي في مناطق جديدة.
وفي أحدث جرائم الحوثي وصالح ذكر موقع 26 سبتمبر، التابع للجيش نقلًا عن مصدر عسكري بالمنطقة العسكرية الخامسة أنه تمكن من نزع 1500 لغم أرضي زرعتها ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح في جبهة ميدي.
وقال إن «الفرق الهندسية لنزع الألغام تعمل بشكل متواصل في الكشف عن الألغام التي زرعتها الميليشيا في المزارع والطرقات وفي أوساط القرى والمحلات التجارية»، لافتًا الانتباه إلى أنها تعد تهديدًا لأمن وسلامة المواطنين، موضحًا أن جريمة زراعة الألغام ارتبطت في اليمن بميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية التي نشرت عشرات الآلاف منها.
من جهته، بين عضو التحالف رئيس المكتب التنفيذي لمؤسسة (صح) لحقوق الإنسان عصام الشاعري أن ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية تستخدم الألغام الأرضية كواحدة من بين الأسلحة التي تلحق الأذى بالسكان المدنيين الأبرياء واستمرار القتل وتسبب في المزيد من الضحايا حتى بعد انتهاء العمليات العسكرية، وكثيرًا ما يقع الأطفال والنساء ضحايا لتلك الألغام فتتركهم قتلى أو جرحى أو مشوهين الأجساد أو معاقين.
وكان التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، قد نظم في الرياض مؤخرًا ندوة بعنوان (الألغام تحصد أرواح الأبرياء في اليمن) دعا فيها المجتمع الدولي إلى تجريم ميليشيات الحوثي وأعوانها على الانتهاكات الإنسانية التي ترتكبها بحق المدنيين في اليمن، وإجبار هذه الفئة الباغية على التوقف فورًا عن استهداف المدنيين بالألغام والأسلحة.
وأوصى المشاركون في الندوة، المنظمات الإنسانية والقانونية العالمية إلى إنقاذ الشعب اليمني من المأساة الإنسانية والجرائم الوحشية التي ينفذها الحوثيون وأعوانهم بأسلوب ممنهج، ومقصود، لم يسبق للعالم التعرض لمثلها.
ويواصل مركز الملك سلمان للإغاثة ولأعمال الإنسانية تنفيذ مشاريعه لمساعدة الشعب اليمني على الخروج من هذه الأزمة، التي منها مشروع دعم مراكز تأهيل المصابين والأطراف الصناعية، الذي نفذته اللجنة الدولية للصليب الأحمر ICRC بأكثر من 10 ملايين دولار.
كما يولي مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية اهتمامًا خاصًا بضحايا الألغام من المدنيين الأبرياء، وفضلًا عن المساعدات والطبية والعلاجية، يقدم المركز مشروع دورات تثقيف حول مخاطر الألغام وخدمات الدعم النفسي للأطفال والأسر المتضررة، ويهدف إلى إنقاذ حياة اليمنيين خصوصًا الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات، من خطر مزارع الموت التي يخلفها الحوثيون وأتباع المخلوع صالح في كل مكان سيطروا عليه قبل أن يستعاد من سيطرتهم ويتم تحريره على يد قوات الجيش الوطني والمقاومة، بإسناد من قوات التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية.
من جانبها، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الخميس المتمردين الحوثيين، وحلفاءهم من أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح، باستخدام ألغاما محظورة في اليمن، ما تسبب بمقتل وتشويه مئات المدنيين وإعاقة عودة نازحين إلى منازلهم.
وجاء في تقرير المنظمة أن المتمردين والقوات الموالية لصالح استخدموا ألغاما أرضية مضادة للأفراد في ست محافظات على الأقل، منذ أن بدأ التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية عملياته في اليمن في مارس 2015.
كما أوضحت أن اليمن حظر "الألغام المضادة للأفراد منذ قرابة عقدين من الزمن"، لكن المتمردين خرقوا هذا الحظر وتسببوا "في قتل وتشويه مئات المدنيين"، وتعطيل الحياة المدنية في المناطق المتضررة، وإعاقة "العودة الآمنة" لآلاف المدنيين النازحين إلى منازلهم.
واعتبرت المنظمة، التي تتخذ من نيويورك مقرا، أن استخدام الحوثيين وقوات صالح للألغام الأرضية المضادة للأفراد "ينتهك قوانين الحرب، وأن الأفراد المتورطين يرتكبون جرائم حرب".
ودعت المنظمة المتمردين إلى اتخاذ "خطوات فورية لضمان توقف القوات التابعة لها عن استخدام الألغام المضادة للأفراد، وتدمير أي ألغام مضادة للأفراد تمتلكها، وإنزال العقاب المناسب بكل من يستخدم هذه الأسلحة العشوائية".
ويشهد اليمن منذ العام 2014 نزاعا داميا بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية، وسقطت العاصمة صنعاء في أيدي المتمردين في سبتمبر من العام نفسه.
كما شهد النزاع تصعيدا مع بدء التدخل السعودي على رأس تحالف عسكري في مارس 2015، بعدما تمكن الحوثيون من السيطرة على أجزاء كبيرة من البلد الفقير.
وقتل في اليمن أكثر من 7700 شخص غالبيتهم من المدنيين، وأصيب أكثر من 40 ألف شخص بجروح وفقا للأمم المتحدة، في معارك بين الطرفين، وعمليات قصف بحرا وبرا وجوا منذ بدء الحملة السعودية.
وفي ظل افتقار اليمن إلى موظفين مجهزين ومدربين للقيام بمسح منهجي لإزالة الألغام والمتفجرات التي خلفتها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، رغم دعم التحالف المتمثل في توفير عدد من كاسحات الألغام، تبدو القضية واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه اليمن حكومةً وشعبًا.