تصر إيران على اتباع سياسة مغايرة ومعادية للدول العربية المعتدلة، لا سيما المملكة العربية السعودية، وتغير سياستها دائما بما يعكر الصفو العربي ويزيد من اشتعال الأزمات، ولا تترد في دعم بعض الدول المارقة التي تعمل على شق الصف العربي ودعم خلايا الإرهاب في المنطقة وعلى رأسها قطر.
لإيران تاريخ طويل من العداء الغير مبرر واستباحة كل التقاليد والمحرمات والمقدسات لإشعال نار الفتنة في المنطقة العربية، فمؤخرًا دعا المرشد الأعلى فى إيران علنا حجاج بلاده إلى تسييس هذه الشعيرة، واستغلال موسم الحج هذا العام لإبداء المواقف السياسية فى المنطقة تجاه القضية الفلسطين، وقال خامنئى خلال استقبال المسئولين بشئون الحج، أمس الأحد، "فى الظرف الراهن قضية المسجد الأقصى هى القضية الأهم للمسلمين، فإسرائيل تفرض القيود على أصحاب الأرض فى القدس باتوا أكثر جرأة ووقاحة.
وزعم المرشد الإيرانى، أن فريضة الحج هى المناسبة الأفضل لإظهار مواقف الأمة الإسلامية المتعلقة بالمسجد الأقصى والوجود الأمريكى الشرير فى المنطقة، قائلا: "الحج هو فرصة تعلن من خلاله الأمة الإسلامیة عن مواقفها".وقال إن مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخمينى، كان يرفض الحج دون مراسم ما أسماه بـ"إعلان البراءة من المشركين".
تزامنت تصريحات خامنئى مع وصول أول قافلة للحجاج الإيرانيين إلى الأراضى السعودية، بعد أزمة دبلوماسية بين البلدين، على خلفية اقتحام مبنى السفارة السعودية فى طهران العام الماضى، وأدى تعنتها وإصرارها على إدخال ما يسمى بمراسم "إعلان البراءة من المشركين" ابتدعها الخمينى مؤسس الجمهورية، لإثارة الشغب والفوضى والاضطرابات والفتن ومحاولة إحداث الصراعات الطائفية ورفع الشعارات السياسية، خلال مفاوضات أجرتها البعثة الإيرانية للحج مع السلطات السعودية العام الماضى، أدت إلى أن حرمان الشعب الإيرانى من ممارسة هذه الشعيرة المقدسة لمدة عام.
وتهدف الدعوات الإيرانية لإقامة تلك مراسم البراءة من المشركين، إلى استغلال تواجد ملايين الحجاج الوافدين من مختلف البلدان الإسلامية، عبر توظيف البعد الدينى من أجل الترويج للسياسة الإيرانية، عبر مزاعم دفع الشرك والطغيان والظلم، وتحريض جموع الحجاج للصورة تحت راية الثورة الخمينية، وتحقيق غرضه فى هيمنة شعارات الثورة الخمينية وولاية الفقيه على الشارع الإسلامى.
ولإيران سجل حافل فى استغلال موسم الحج لإثارة الشغب والفوضى والاضطرابات والفتن ومحاولة إحداث الصراعات الطائفية بدءا من أحداث شغب مكة عام 1987، والتى كانت أبرزها وأكثرها خطورة، وحتى حادثة تدافع منى العام الماضى، وبحسب تقارير خليجية تورط بها دبلوماسيون وضباط باستخبارات الحرس الثورى الإيرانى اندسوا بين الحجاج الإيرانيين بجوازات سفر عادية.
قامت إيران بتحريض حجاجها للقيام بأعمال شغب في موسم الحج عام 1986
ومن أبرز جرائم إيران خلال السنوات السابقة :
1- عام 1986 أحبطت السلطات السعودية فى موسم الحج عام 1986 مخططا إجراميا إيرانيا عندما كشف موظفو الأمن والجمارك السعوديون 51 كيلوغراما من مادة C4 شديدة الانفجار دستها المخابرات الإيرانية فى حقائب الحجاج الإيرانيين لاستخدامها فى تفجير فى الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، كما أُثير فى وقتها وأثبتته التحقيقات.
2- فى موسم الحج عام 1987 قامت مجموعة من الحجاج الإيرانيين، وبتحريض من سلطات بلادهم، بتنظيم مظاهرة غير مرخصة، مما أدى إلى حدوث اشتباكات عنيفة بينهم وبين قوات الأمن السعودية. وقد أتى ذلك نتيجة ممارسة الحجاج الإيرانيين مراسم البراءة، ورفع شعارات سياسية معادية لأمريكا وإسرائيل، وقامت قوات الشرطة والحرس الوطنى بتطويق جزء من المسار المخطط للمسيرة ومنع المتظاهرين من العبور، مما أدى إلى تشابك الحجاج المتظاهرين مع قوات الأمن. وقد اشتدت حدة الاشتباك التى وصلت إلى مرحلة العنف بعد تدافع الحجاج بقوة، مما نتج عنه مقتل 402 شخص، منهم 275 حاجاً إيرانياً، و42 حاجاً من جنسيات أخرى، و85 رجلا أمن سعودى، فضلا عن إصابة 649 شخصا (303 من الإيرانيين و145 من السعوديين و201 حاج من بلدان أخرى).
ونتيجة لتلك الأحداث الدامية، قطعت الرياض علاقتها الدبلوماسية مع إيران، وتم تقليل العدد المسموح به من الحجاج الإيرانيين (من 150 ألف حاج إلى 45 ألفا). أما طهران فقامت بمقاطعة الحج فى المواسم الثلاثة التالية، إلى أن تجددت العلاقات بين الطرفين فى عام 1991 بعد اتفاق يسمح للإيرانيين بممارسة فريضة الحج مرة أخرى، ووضع حدٍّ أقصى للحجاج الإيرانيين يبلغ 115 ألف حاج، مع السماح لهم بالتظاهر، لكن فى مكان واحد تُخصصه لهم السلطات السعودية. وبرغم التزام الطرفين بهذا الاتفاق على مدار العقدين التاليين، فقد وقعت بعض الأحداث اللاحقة التى عكَّرت صفو ذلك الاتفاق.
3- فى موسم حج عام 1989 وقع انفجاران بجوار الحرم المكى نتج عنه وفاة شخص وإصابة 16 آخرين، وألقت السلطات الأمنية القبض على 20 حاجا كويتيا اتضح خلال سير التحقيقات معهم تلقيهم تعليمات من محمد باقر المهرى (عالم دين ووكيل المرجعيات الشيعية فى دولة الكويت)، وتسلمهم المواد المتفجرة عن طريق دبلوماسيين إيرانيين فى سفارة طهران فى الكويت، وتمت محاكمتهم والقصاص منهم.
4- فى موسم حج عام 1990 وقعت حادثة نفق معيصم الشهيرة فى يوم عيد الأضحى، نتيجة تدافع الحجاج والزحام بينهم. وبرغم اتهام بعض الأطراف الإيرانيين بإطلاق غازات سامة أدت إلى وفاة 1426 حاجاً من مختلف الجنسيات، فإن السلطات السعودية حينها لم تتهم أحداً، وقالت إنه مجرد "حادث عرضى".
5- فى العام 2003 تورط النظام الإيرانى فى تفجيرات الرياض بأوامر من أحد زعامات القاعدة فى إيران، وما نجم عنه من مقتل العديد من المواطنين السعوديين، والمقيمين الأجانب ومن بينهم أمريكيون.
5- موسم حج 2015 حدث تدافع منى فى موسم حج العام الماضى، والتى نتج عنها مقتل نحو 2300 حاج أجنبى، من بينهم 464 إيرانياً، وهى أسوأ أزمة وقعت فى مواسم الحج بعد أحداث 1987.
ومن جانبها تتميز تصريحات المملكة العربية السعودية بالهدوء والقوة في ذات الوقت وتتمسك بالأعراف الدينية والأسس الدبلوماسية، ولم تمنع الحجاج الإيرانيين في ممارسة حقهم في أداء الشعائر الدينية للحج على أرض المملكة.