اعلان

قرية بـ"خريج جامعة" واحد.. 150 ألف يعيشون فى "العصر الحجري" ببني سويف.. يحتضنون الجبال وتحميهم الكلاب.. ويكرهون تعليم البنات

معانأة يومية منذ قديم الأزل يعيشها أكثر من 150 ألف نسمة، هم سكان الجانب الشرقي من نهر النيل بمحافظة بني سويف، تلك المحافظة التي يمتد الشريط السكاني على الجانب الشرقي منها على مسافة تخطت ال 80 كيلو مترا، منها قرى تحتضن الجبل، منها قري"الفقيرة وبني عقبة ودير الحديد"، التى يحاصرها الفقر والجهل والتسرب من التعليم وزواج القاصرات وتلوث المياه وانعدام الخدمات الصحية.انتقلت"أهل مصر"، لعدد من هذه القرى لرصد معاناتهم على الطبيعة، بدأنا رحلتنا بقرية "الفقيرة" التابعة لمركز ببا، جنوب شرق بني سويف، والتى أصبح اسمها وصفًا لما تحمله أحرف كلماتها من معاناة وتجاهل من مسؤوليها وهي إحدي القري التابعة لقرية بني عقبة الأم أو كما تسمي قرية المضل الأثرية.ومنذ أن وطأت أقدامنا القرية، وجدنا الأطفال يلعبون بالرمال والأحجار ولا يوجد مكان للعب أو التسلية في القرية سوي أمام المنازل بالشوارع الجبلية الواسعة، تجد كل الأطفال حفاة، وبالطبع يتم التعرف على الزائر الغريب بسهولة إما من نباح الكلاب أو من بكاء الأطفال الصغار الذين يعتقدون أنه طبيب زائر، ويعتبر الضريح الوحيد الموجود بالقرية المتنفس الوحيد للأهالي ليشاهدوا رواد الضريح كما لو كانوا من كوكب آخر ويأتون في شهر يوليو من كل عام وهو ضريح الشيخ محمد الزاوي وتفتقر القرية إلي العديد من الخدمات المهمة والرئيسية.فى البداية، استعنا بأحد أهالى القرية، للتجول معنا بدروبها ومدقاتها، فقال اسمي "محمد متولي" ومشكلتى فى الانتقال للبر الغربي، فوسيلة المواصلات الوحيدة لهذه القرية هي المعدية أو المراكب الشرعية الصغيرة، والتي كثيرًا ما نتعرض بسببها لكوارث وغرق الأهالي لعدم وجود الأمن والأمان لتلك المعديات، وتجاهل المسؤولين لنا وتركونا نعيش في العصر الحجري.ويضيف خلف محمد: إن القرية لا يوجد بها خدمات وأن المدرسة الابتدائية هي المرفق الحكومي الوحيد بالقرية، فلا توجد مدرسة إعدادية أو خلافه وإن أقرب مدرسة إعدادية من القرية في قرية المضل علي بعد3 كيلومترات من قريتنا، لافتًا إلى أن القرية بأكملها لا يوجد بها سوي خريج جامعة واحد فقط، وهو حاصل علي بكالوريوس هندسة منذ عامين وعدد الحاصلين علي المؤهلات المتوسطة بالقرية يتراوح مابين15 إلي20 خريجًا وجميعهم من الذكور لأنه ما زال في معتقداتهم أن البنات من العيب أن تخرج وتتعلم في وجود القنوات المفتوحة والدش أو ما يطلقون عليه قلة الأدب.وقال على محروس، عامل: إن القرية لا يوجد بها وحدة صحية على الرغم من تعرض الكثير من أبناء القرية إلي لدغ العقارب والثعابين وعض الكلاب.ومن قرية الفقيرة، إلى قرية بنى عقبة تقع الوحدة الصحية بقرية بني عقبة التابعة لمركز ببا أيضًا، حيث التقينا أحمد عادل محمود، مدرس، من أهالى القرية، فقال: الوحدة الصحية كانت تعمل عقب إنشائها في عام 2007 إلًا أنها عقب عامين تغيب الأطباء وأغلقت منذ عشر سنوات، وكانت تفتح فقط أيام جولات وزيارات المحافظين فقط.وأضاف "أحمد": خاطبنا كل المسئولين لإعادة افتتاح الوحدة الصحية إلًا أن أحدا لم يستجيب، مشيرًا إلى أن سيدات القرية يعانين أشد المعاناة من السير على الأقدام لأكثر من 5 كيلو مترات من أجل الحصول على خدمات تنظيم الأسرة وتطعيم الأطفال في أقرب وحدة صحية.وانتقلنا لقرية "دير الحديد"، التابعة لمركز الفشن جنوب المحافظة، والتقينا نادية عبدالسلام، ربة منزل، فقالت: "المشكلة الكبيرة عندنا هى الفقر، القرية لا يوجد بها سوى ناس قليلة تعمل في الحكومة والباقي عمال باليومية، وهذا ساعد على انتشار الفقر وتسرب التلاميذ من المدارس، لمساعدة أسرهم في العمل لتوفير الاحتياجات الأساسية".وأضافت: "احنا هنا أوقات بناكل طقة واحدة بس في اليوم، مفيش شغل ولا في أى دخل، البيوت هنا مبنية من الطوب اللبن، والناس تركت القرية وطلعت الجبل، كل أسرة تقيم في غرفة من غير حمام أو مطبخ "مشيرة إلى أن المنازل الموجودة على قمة الجبل تنعدم لوجود خدمات الكهرباء والمياه، مؤكدة أن الأهالي قاموا بعمل خطوط كهرباء موجودة في الأرض وتهدد حياة الأطفال.وتابعت: رغم هروب الأهالى للبناء أعلى الجبل من خلال تبرعات أهل الخير والجمعيات الأهلية، ومؤسسات المجتمع المدني إلًا أننا فوجئنا، بقيام الدولة بمطالبة الأهالي بمبالغ باهظة بحجة أن المنازل مبنية على أراضى أملاك الدولة، الأمر الذى يهددنا بالسجن أو الطرد من تلك المنازل.ومن "دير الحديد"، إلى قرية "خورشيد" بمركز إهناسيا، حيث تعاني القرية من ارتفاع معدلات التلوث البيئي الناتجة عن عوادم الحرق بمصانع الطوب الأحمر المنتشرة بكثافة في المنطقة، والتي لا تتوقف مداخنها عن قذف مئات الأطنان من الأدخنة وعوادم الحرق في سماء المنطقة على مدار الساعة.يقول أيمن عوض محروس، أحد شباب القرية: يوجد حوالي 6 مصانع طوب متجاورة ومتراصة في شريط ضيق لا يزيد عن كيلو متر ولا يفصلها عن القرية سوى أمتار، وجميعها لا تتوقف عن العمل، ومن ثم لا تتوقف مداخنها عن بث الأدخنة والغبار في الهواء دون مراعاة للأضرار البيئية والصحية الخطيرة الناتجة عن الحريق والمسببة للكثير من الأمراض، لافتًا إلى انعدام أي رقابة بيئية تتابع هذه المخالفات الظاهرة للعيان، ومشيرًا إلى مخاطبتهم للجهات المعنية دون مجيب.وأضاف: إنه فضلًا عن صدمة الأهالي من قرارات الإزالة الجائرة المهددين بها من قبل هيئة المجتعات العمرانية وجهاز مدينة الفيوم الجديدة، والتي تشمل إزالة مئات الأفدنة المزروعة ومئات المنازل المأهولة بمئات الآسر المقننة أوضاعهم بحكم دخول جميع المرافق إلى القرية وقيام الجهات المعنية بتحصيل مقابل هذه الخدمات بقسائم رسمية تثبت أوضاعهم، إلًا أن ما أثار استغراب ودهشة الأهالى هو استثناء مصانع الطوب من قرارات الإزالة على الرغم من أضرارها البيئية ووقوعها ضمن الحيز العمراني للقرية، وهو ما يعزز كون هذه القرارات جائرة وتخضع لهوى مصدرها، وأن هناك من يعبث بمصائر الناس لمصالح وأطماع شخصية في الخفاء - على حد قوله.عرضنا مشاكل القرى الأربع، على المهندس شريف حبيب، محافظ بني سويف، الذى أكد أن الدولة وضعت الصعيد فى خطتها التنموية، والخطة تستهدف القري الأكثر فقرًا والأشد احتياجًا للخدمات والمشروعات التنموية، وشكلنا لجانًا لتقييم تلك القري، وجاءت قري "حضن الجبل" فى مقدمة القري المناطق التى تستهدفها الخطة التنموية للدول ومؤسسات المجتمع المدني.وأضاف محافظ بني سويف: إن مؤسسات المجتمع المدني تقوم بدورها حاليًا فى المشاركة المجتمعية مع الدولة، مشيرًا إلى أنه يجرى حاليا إعادة إعمار بعض المنازل بالتعاون مع بعض الجمعيات الأهلية، لافتًا إلى أن المحافظة تولى اهتمامًا كبيرًا بملف المعديات النيلية كونها الوسيلة الوحيدة لنقل قاطنى تلك القري من الشرق للغرب والعكس، حيث تقوم حملات من الوحدة المحلية على المعديات النيلية لمراجعة طرق السلامة والأمان بها، وضبط تعريفة الركوب، كحل مؤقت لحين وضع مشروع كوبري الفشن وببا، ضمن خطة الحكومة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً