أكد
الكاتب الأمريكي المعروف "توماس فريدمان" أن أهم عملية إصلاح اليوم هي في
السعودية وأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يقود التغيير من أعلى إلى
أسفل، وهو لن يغير الشخصية السعودية بل كذلك سيعيد النموذج الإسلامي المعتدل.
وقال
فريدمان "لم يخطر في مخيلتي قط أنني سأعيش بما فيه الكفاية لأشهد اليوم الذي
اكتب فيه الجملة التالية: تشهد السعودية اليوم عملية الإصلاح الأكثر أهمية مقارنة بأي
مكان في الشرق الأوسط، نعم، وبالرغم من أني جئت للسعودية أثناء بداية فصل الشتاء
فيها، إلا أني قد وجدت البلاد تمُر بربيعها العربي، على النمط السعودي.
ولكي
أتمكن من فهم المسألة بشكلٍ أفضل، توجهت مسافرًا إلى الرياض لمُقابلة ولي العهد،
الذي يعرف عادة بـــ" إم بي إس " والذي لم يتطرق أبدًا للأحداث
الاستثنائية التي حدثت في مطلع شهر نوفمبر، حينما قامت حكومته بإلقاء القبض على
عشرات الأمراء ورجال الاعمال السعوديين بتهمٍ تتعلق بالفساد، ومن ثم وضعهم في سجنٍ
فاخرٍ مؤقت إلى حين أن يوافقوا على تسليم
مكاسبهم غير المشروعة.
وقال
"فرديمان" واصفاً القصر الذي قابل فيه "بن سلمان" لقد التقيته
في قصر عائلته ذو جدران الطوب في حي العوجا شمال الرياض.
وقد كان"إم بي إس" يتحدث باللغة
الإنجليزية، في حين تشارك أخاه الأمير خالد سفير السعودية الجديد لدى الولايات
المتحدة ، وعددًا من كبار الوزراء أطباقًا مُختلفة من لحم الضأن وأضافوا للحديث طابعاً
خاصاً.
قال الكاتب الشهير، إن محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد السعودي لديه خطط كبرى لإعادة التسامح إلى المجتمع السعودي.
وأوضح فريدمان، أن هناك عملية اصلاح مهمة تجرى في الشرق الأوسط حاليا وتشهدها السعودية، فأن بن سلمان – 32 عاما - يقود التغيير من أعلى إلى أسفل، وأنه لو نجح في مسعاه فانه لن يغيير شخصية السعودية فقط بل محتوى وشكل الإسلام في العالم.
وتابع "فريدمان"، سافرت إلى الرياض، وأجريت مقابلة مع ولي العهد السعودي استمرت حوالي 4 ساعات، أكد بن سلمان أنه من المضحك وصف الحملة ضد الفساد بأنها محاولة للإمساك بالسلطة، مشيرا إلى أن العديد من الأمراء الموقوفين أبدوا دعمهم له ولإصلاحاته، وأن أغلب العائلة تقف إلى جواره.
- فساد منذ الثمانينيات
وتابع بن سلمان: "أن ما يحدث أن المملكة تعاني كثيرا من الفساد منذ الثمانينيات حتى الآن، وأن تقديرات الخبراء تشير إلى أن حوالي 10% من الإنفاق الحكومي يتم إهدارها بسبب الفساد، وأنه على مدار سنوات أطلقت الحكومة أكثر من حرب ضد الفساد إلا أنها فشلت جميعا لأنها كانت تبدأ من أسفل".
وقال إن الملك سلمان، الذي لم تلاحقه اتهامات بالفساد خلال 5 عقود من توليه إمارة الرياض، صعد إلى العرش في 2015 مع انخفاض أسعار البترول، تعهد بوقف كل هذا، وأشار إلى أن العاهل السعودية رأى أنه من المستحيل البقاء في مجموعة العشرين الصناعية الكبرى والنمو مع استمرار الفساد.
- حملة لكشف الفساد منذ عامين
وخلال المقابلة مع الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان، أكد بن سلمان أنهم استمروا لمدة عامين فى جمع المعلومات عن الفساد في القمة عن طريق فريق مكون، وأن هذا الفريق تمكن من جمع معلومات دقيقة عن حوالي 200 شخص"، لعى إثرها اتخذ سعود المعجب المدعي العام السعودي كل الإجراءات اللازمة، حيث وضع أمام كل ملياردير وأمير خيارين بعد أن قرأوا الملفات التي نملكها، ووافق 95% منهم على التسوية، والتنازل على مملتكاتهم وحصصهم إلى خزانة السعودية".
وأضاف أن 1% من الأمراء كانوا قادرين على إثبات أنهم شرفاء وتم إسقاط القضايا ضدهم على الفور، بينما أشار 4% إلى أنهم غير فاسدين ويطالبون بالذهاب إلى المحكمة، وأنه وفقا للقانون السعودي، فأن المدعى العام مستقل، ولا يمكن التدخل في عمله.
- دعم شعبي
وأوضح الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان، أنه تحدث مع مواطنين سعوديين لأكثر من 3 أيام، ,ان أغلبيتهم أعربوا عن دعمهم للحملة ضد الفساد حيث أن الأغلبية الصامتة كانت تشعر بالظلم، مشيراً إلى إن حملة مكافحة الفاسد كانت المبادرة الثانية الاستثنائية والمهمة بعد المبادرة الأولى التي أطلقها بن سلمان من أجل عودة الإسلام إلى الانفتاح.
وإلي نص الحوار..
**ما
الذي يحدثُ في فندق الريتز؟ وهل كانت هذه هي لعبة السُلطة الخاصة به والتي يهدف من
خلالها إلى إزالة مُنافسيه من أعضاء عائلته ومن القطاعات الخاصة قبل أن يُمركز
والده الملك سلمان، مقاليد السُلطة في المملكة بين يدي الأمير محمد؟
-إنهُ
لأمر مُضحك"، أن تقول بأن حملة مكافحة الفساد هذه كانت وسيلةً لانتزاع السلطة،
وبعض الأعضاء البارزين من الأشخاص المُحتجزين في الريتز قد أعلنوا مُسبقًا بيعتهم
له ودعمهم لإصلاحاته.
وأن "الغالبية العُظمى من أفراد العائلة
الحاكمة" تقفُ في صفه،هذا ما حدث، فلطالما عانت دولتنا من الفساد منذ
الثمانينات حتى يومنا هذا.
وتقول
تقديرات خُبرائنا بأن ما يُقارب 10% من الإنفاق الحكومي كان قد تعرض للاختلاس أو
الهدر منذ بداية الثمانينات بواسطة الفساد، من قبل كلتا الطبقتين: العُليا
والكادحة،وعلى مر السنين، كانت الحكومة قد شنت أكثر من "حرب على الفساد"
ولكنها فشلت جميعًا، لماذا؟ لأن جميع تلك الحملات بدأت عند الطبقة الكادحة صعودًا
إلى غيرها من الطبقات المرموقة.
ورأى
والدي أنهُ ليس من المُمكن أن نبقى ضمن "مجموعة العشرين" في حين تنموُ
بلادنا بهذا المُستوى من الفساد.
ففي وقتٍ
سابق من العام 2015م كانت أول الأوامر التي أعطاها والدي لفريقه هي جمع كل
البيانات المُتعلقة بالفساد لدى عند الطبقة العُليا، ولقد ظل الفريق يعمل لمدة
عامين كاملين حتى توصلوا لجمع هذه المعلومات الأكثر دقةً، ومن ثم جاءوا بحوالي 200
اسم".
وعندما
كانت جميع البيانات جاهزة، اتخذ النائب العام، سعود المعجب، الإجراءات الازمة،
وقال محمد بن سلمان، موضحًا أن كل من اُشتبه به سواءً كان من أصحاب المليارات أو
أميرًا فقد تم القبض عليه ووضعه أمام خيارين: "لقد أريناهم جميع الملفات التي
بحوزتنا وبمُجرد أن أطلعوا عليها، وافق ما نسبته 95% منهم على التسويات"،
الأمر الذي يعني أن عليهم دفع مبالغ مادية أو وضع أسهم من شركاتهم في وزارة
المالية السعودية.
وأضاف
"استطاع ما نسبته 1% من المُشتبه بهم إثبات براءتهم وقد تم إسقاط التهم
الموجهة لهم في حينها. وقرابة 4% قالوا بأنهم لم يشاركوا في أعمال فساد ويُطالب
مُحاميهم باللجوء إلى المحكمة. ويُعتبر النائب العام، بموجب القانون السعودي،
مُستقلًا.
فلا يمكننا
التدخل في عمله ولا أحد سوى الملك يستطيع إقصاءه، ولكنه هو من يقود العملية الآن،
ولدينا خُبراء من شأنهم ضمان عدم إفلاس أي شركة من جراء هذه العملية" .
**كم من
المال سيُعيدون إليكم؟
قال
الأمير محمد بن سلمان إن النائب العام يقول بأنهُ من الممكن في نهاية المطاف
"أن يكون المبلغ حوالي 100 مليار دولار أمريكي من مردود التسويات".
وأضاف،
ليس هنالك من طريقةٍ يمكن من خلالها القضاء على الفساد في جميع الطبقات،
"لذلك فإنهُ عليك أن تُرسل إشارة، والإشارةُ التي سيأخذها الجميع بجدية هي"
أنك لن تنجوا بفعلتكط.
ولقد
شهدنا تأثيرها بالفعل وما زلنا نشهده"، وضرب بمثالًا ما قاله أحدهم في مواقع
التواصل الاجتماعي "أتصلتُ بوسيطي لإنهاء معاملاتي المعلقة بالحكومة ولكنه لا
يجيب على اتصالاتي".
ولم تتم
مُقاضاة رجال الأعمال السعوديين الذين يدفعون الرشاوي لإنجاز مصالحهم الشرعية من
قبل البيروقراطيين الذين قاموا بابتزازهم.
أولئك
هم من اجتثوا أموال الحكومة من خلال رفعهم للأسعار وحصولهم على الرشاوي.
ونحن
لانقولأننا نعمل على "إعادة تفسير" الإسلام بل نحن نعمل على "إعادة" الإسلام
لأصوله، وأن سنة النبي هي أهم أدواتنا، بالإضافة
أن تلك كانت الحياة اليومية في
السعودية قبل عام 1979م.
وذكر الأمير بن سلمان أنه في زمن النبي محمد،
كان هناك الرجال والنساء يتواجدون سويًا وكان هناك احترام للمسيحيين واليهود في
الجزيرة العربية، كما أوضح قائلاً: "لقد كان قاضي التجارة في سوق المدينة
المنورة امرأة،
وتساءل
الأمير قائلًا: إذا كان خليفة النبي "عمر" قد رحب بكل ذلك، "فهل
يقصدون أنه لم يكن مسلمًا.
وبعد
ذلك، قام أحد وزرائه بإخراج هاتفه النقال، فأطلعني على صورٍ ومشاهد فيديو للسعودية
في الخمسينيات الميلادية من موقع يوتيوب،فيها صور لنساء أجانب بلباسهن المعتاد
ويرتدين الفساتين الضافية ويمشين مع الرجال في الأماكن العامة، بالإضافة عن
الحفلات الغنائية ودور السينما. لقد كانت مكانًا تقليديًا ومعتدلًا، و لم تكن
مكانًا يُمنع فيه الترفيه؛ غير أن هذا تغير بعد عام 1979م.
وإذا ما
تمكنت السعودية من معالجة فيروس التطرف الإسلامي الذي يُعادي تعدد الآراء ويكن
الكره للنساء ، والذي تفشى بعد عام 1979م ، فإنها ستتمكن من نشر الاعتدال في جميع
أنحاء العالم الإسلامي، ومن المؤكد أن ذلك سيكون موضع ترحيب في السعودية والتي
يُشكل الشباب فيها تحت سن 30 عامًا ما نسبته 65% من السكان.
**هل
ستكون السعودية بالمعايير الغربية؟
-السعودية
لن تكون لها معايير تُشبه المعايير الغربية لحرية التعبير وحقوق المرأة. ولكن
بصفتي رجلا يزور السعودية بشكل متكرر لأكثر من 30 عامًا، فإنني دُهِشتُ عندما سمعت
بأنه يُمكن للمرء الآن حضور حفلات موسيقية غربية كلاسيكية هنا في الرياض، وأن
المغني الشعبي توبي كيث قد أحيا حفلًا هنا للرجال فقط في شهر سبتمبر الماضي، حيث
شهد هذا الحفل تعاونه مع فنان سعودي.
وقد دهشت
أيضا عندما سمعت بأن مغنية السوبرانو، اللبنانية هبة طوخي، ستكون من بين أولى
المغنيات لإحياء حفلٍ هنا للنساء فقط في السادس من شهر ديسمبر القادم.
وقال محمد
بن سلمان أنه تقُرِر مؤخرًا السماح للنساء بدخول الملاعب الرياضية وحضور مباريات
كرة القدم، واستسلم المتطرفين السعوديين تمامًا لذلك.
**ماذا
عن سعد الحريري؟
-أما ما
يخص جانب السياسة الخارجية، ففضل محمد بن سلمان عدم مناقشة الغرائب الحاصلة مع
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري؛ بمجيئه إلى السعودية وإعلانه عن استقالته وعودته
الآن إلى بيروت وتراجعه عن استقالته.
إذ أصر
ببساطة على أن خلاصة القضية تتمحور حول أن الحريري، وهو مسلم سني، لن يستمر في
توفير غطاء سياسي للحكومة اللبنانية التي تخضع بشكل رئيس لسيطرة مليشيا حزب الله
الشيعية اللبنانية، والتي بدورها تخضع بشكل رئيس لسيطرة طهران.
أن
الحرب المدعومة سعوديًا في اليمن، والتي تُعد كابوسًا إنسانيًا، تميل كفتها لصالح
الحكومة الشرعية الموالية للسعودية هناك، والتي قال إنها تُسيطر الآن على 85% من
البلاد، إلا أن قيام المتمردين الحوثيين الموالين لإيران بإطلاق صاروخًا على مطار
الرياض يعني أنه إذ لم يتم السيطرة على كامل البلاد، فإن ذلك سيُمثل مشكلةً.
بدا لي
أن وجهة نظره العامة تنص على أنه بدعم من إدارة ترامب لقد أشاد بالرئيس ترامب، إذ
وصفه بــ"الرجل المناسب في الوقت المناسب"، فإن السعوديين وحلفائهم
العرب يعملون ببطء على بناء تحالفٍ للتصدي لإيران.
إلا
أنني لدي شكوكي، إذ أن حالتي الاضطراب والتنافس الواقعتين في العالم العربي السني
قد حالتا دون تشكيل جبهة موحدة حتى الآن، ولهذا السبب تسيطر إيران اليوم بشكل غير
مباشر على أربع عواصم عربية، وهي دمشق وصنعاء وبغداد وبيروت.
**ولكن
هل يتمكن محمد بن سلمان وفريقه من استكمال ذلك؟
-أكرر مرة
أخرى، أنا لا أقوم بأي تنبؤات إذ أخبرتني المصادر المطلعة أن الأمير لديه عيوبه،
والتي يجب عليه أن يضبطها. ومن ذلك مايقال ان مستشارينه لا يتحدونه دائما بما فيه
الكفاية، فضلا عن سيره في أمور كثيرة لم يتم انهاءها، وهناك قائمة من عيوب الأمير
المتداولة، ولكن أتعلمون؟ أن الكمال ليس خيارا مطروحا هنا، فالأمر يتحتم أن يقوم
شخص ما بتنفيذ هذه المهمة فتقدم الأمير محمد وأخذ على عاتقه هذه المهمة،وعن نفسي،
فإنني أشجعه بقوة لكي ينجح في جهوده الإصلاحية.
كما
يُشجعه أيضا الكثير من الشباب السعودي، لقد علق في ذهني ما قلته رائدة الأعمال
الاجتماعية السعودية البالغة من العمر 30 عامًا؛ "إننا محظوظون بأن نكون
الجيل الذي شهد المرحلة السابقة والقادمة".
**لماذا
تعمل دومًا كأنك تداهم الوقت؟
لأنني
أخشى أنه في يوم وفاتي، سأموت دون أن أحقق ما يدور في ذهني. إن الحياة قصيرة جدًا،
وقد تحدث الكثير من الأمور، كما أنني حريص جدًا على مشاهدته بأم عيني، ولهذا السبب
أنا في عجلة من أمري.