ads

"زي النهاردة".. عرض "أولاد الذوات" أول فيلم ناطق في السينما العربية

يصادف اليوم ذكري أول فيلم عربي ناطق في تاريخ السينما المصرية، وهو فيلم "أولاد الذوات" بطولة يوسف وهبى ودولت أبيض وسراج منير وأمينة رزق وإخراج محمد كريم، كان هذا أول فيلم عربى ناطق، وأُنتج عام ١٩٣٢وكان قد عرض لأول مرة فى١٤ مارس ١٩٣٢.

والفيلم يحكى قصة المصرى "يوسف وهبي" الذى تزوج فرنسية خانته، فقال لها فى الفيلم "يا امرأة الكل.. يا مزبلة التاريخ".

في عام 1929 حدث أكبر انقلاب في تاريخ صناعة السينما في العالم، فقد ظهرت الأفلام الناطقة، وتوارى الفيلم الصامت.. ولم يعد له مكان في صناعة السينما، إذ أصبح قزما ضئيلا إزاء الفيلم الناطق.

وكان لهذا الانقلاب أثره العميق في صناعة السينما المصرية، واتجهت انظار اصحاب رؤوس الأموال إلى استغلال هذا الانقلاب فنيا، وتجاريا، إذ رأوا أنهم أمام صناعة مضمونة الرواج، فالفيلم الناطق يجمع بين السينما والمسرح، واسعار الدخول الى السينما اقل بكثير من أسعار الدخول إلى المسرح، ونزوله إلى السوق يجذب الجمهور.

لكن هذه الآراء ظلت مجرد آمال تطوف في أذهان أصحاب رؤوس الأموال زهاء عام كامل، وكأن كلا منهم كان يترقب من الآخر، أن يبدأ لكي يتبعــه الآخرون.

وفجأة تقدم شخص واحد كل هذه الصفوف هو يوسف وهبي الذي كان يومئذ أشهر فنان في مصر، فقد بادر إلى العمل، واجتمع بزميله ورفيق دربه المخرج محمد كريم الذي سبق أن اخرج له إنتاجه الأول "زينب" عام 1930، في عهد الفيلم الصامت، واخذا يتبادلان الرأي في انتاج فيلم ناطق، يقوم فيه يوسف وهبي بالدور الأول للمرة الأولى على الشاشة.

ووقع الاختيار على مسرحية "أولاد الذوات"، نظرا لما لقيت من نجاح على خشبة المسرح.

ولما انتهى السيناريو، قام محمد كريم بتصميم الديكورات بنفسه لتأثره بالذوق الفرنسي، واستقر رأيهما- يوسف وهبي ومحمد كريم- على تصوير المشاهد الناطقة في أحد استديوهات برلين، حيث أن معدات تسجيل الصوت لم تكن معروفة في مصر، وسافر محمد كريم، وزوجته الألمانية إلى برلين، للاتفاق مع أحد استديوهاتها، وبينما كان محمد كريم مشغولا بهذه المهمة تلقى رسالة من يوسف وهبي يبلغه فيها أنه عدل عن تصوير الفيلم في برلين وقرر أن يصوره في استديوهات "بيسون" في باريس لرخص أسعارها.

وسافر محمد كريم من برلين إلى باريس لملاقاه يوسف وهبي هناك، وبعد يومين وصل الممثلون والممثلات الذين سيعملون في الفيلم، وبدأ محمد كريم يستعد للتصوير.

وكان محمد كريم في البداية قد رشح عزيزة أمير للقيام بدور البطولة أمام يوسف وهبي في فيلم "اولاد الذوات" ولكن هذا الترشيح أثار ازمة عائلية كادت تؤدي إلى انفصال يوسف وهبي عن زوجته الثانية، عائشة فهمي، إحدى عشر سيدات من أغنى أغنياء مصر وقتئذ.

فقد كانت تغار عليه غيرة عمياء، وكانت تعتقد أن هناك علاقة غرامية بينه وبين عزيزة أمير التي كانت يومئذ تتمتع بجمال صارخ، ولها عشاق ومعجبون من مختلف الطبقات، ورشحت الممثلة بهيجة حافظ باعتبارها من طبقة أولاد الذوات الاغنياء التي تنتمي اليها عائشة فهمي.

وسافرت بهيجة حافظ الى باريس، ولما بدأ تصوير الفيلم، كان واضحا ان مواهب بهيجة حافظ في التمثيل الناطق لا تساعدها على القيام بدور البطولة في فيلم "اولاد الذوات"، لأنه دور يحتاج من الناحية التمثيلية الى ممثلة قديرة، فضلا عن ان امكانات صوت بهيجة حافظ لا تصلح لفيلم ناطق.

ولم يحتمل محمد كريم السكوت، وبالذات عندما أعيدت إحدى اللقطات، نحو عشرين مرة بسبب خطأ بهيجة حافظ، فبدلا من أن تقول "ستاتنا ما يتجوزوش راجلين" قالت "رجالتنا ميتجوزوش ستتين".. ومن هنا كانت تنشب دائما بعض الخلافات بينها وبين المخرج محمد كريم الذى سبق أن عملت معه في فيلم "زينب" الصامت عام 1930، في أول إنتاج ليوسف وهبي، واستمر هذا الخلاف يوما بعد يوم، فغضبت بهيجة حافظ من ملاحظات محمد كريم المستمرة، وسافرت فجأة إلى القاهرة دون سابق إنذار.

وتوقف التصوير، وعاد محمد كريم ليرشح عزيزة أمير لإنقاذ الموقف، لكن زوجة يوسف وهبي ثارت وغضبت، وهددت بالعودة إلى القاهرة، فكان أن ارسل يوسف وهبي إلى شقيقه اسماعيل وهبي المحامي لكي يرسل أمينة رزق إلى باريس فورا، لتمثيل الدور نفسه.

وجاءت أمينة رزق إلى باريس، وكانت هذه هي المرة الثانية التي تمثل فيها في السينما، بعد فيلم "سعاد الغجرية" عام 1928، إخــراج جاك شوتز.

وانتهى تصوير المناظر الناطقة في الفيلم باستديو "بيسون" فـــي باريس، وعادوا إلى القاهرة ليبدأ العمل في تصوير المشاهد الصامتة في الجزء الصامت من الفيلم، ولما انتهى تصويره، عرض أصحاب سينما رويال التي كانت أكبر دار عرض في مصر في ذلك الوقت، أن يتعاقدوا على عرض الفيلم، ولما انتهى إعداد الفيلم للعرض، أعلنت سينما رويال عن موعد عرضه في الرابع عشر من شهر مارس 1932، وكان عرضه حدثا ضخما باعتباره أول فيلم مصري ناطق %50.

وصادف نجاحا كبيرا مما أثار غضب وكلاء الأفلام الاجنبية، فأوعزوا إلى بعض الصحف الاجنبية، أن تهاجم الفيلم، وتتهم مؤلفه ومخرجه بأنهما يروجان للمبادئ الهدامة ويحرضان المصريين ضد المرأة الاجنبية، فضلا عن تحقيرها.

واشتدت حملة الصحف الأجنبية على الفيلم، مما اضطر وزارة الداخلية، أن تكون لجنة برئاسة أحد الانكليز الموظفين في الوزارة وقتئذ لمشاهدة الفيلم، وأوضحت اللجنة ان الفيلم ليس فيه ما يستوجب الاعتراض عليه.

وعرض الفيلم بعد ذلك في البلاد العربية، فصادف نجاحا كبيرا، وقد حدث اثناء عرضه في بغداد، أن ثار نقاش بين بعض الشباب العراقيين، ادى الى ان اطلق أحدهم الرصاص على معارضه وهو يقول له "خذ هذه الرصاصة نيابة عن يوسف وهبي، وخذ الثانية نيابة عن أمينة رزق".

وظل هذا الفيلم يعرض ويحقق ايرادات ضخمة كلما عرض في مصر، أو في أي بلد عربي، على اعتبار أنه أول فيلم مصري ناطق %50.

فيلم "أولاد الذوات" فى نفس العام، وكان هذا هو العرض الثانى لأنشودة الفؤاد بعد ٧٠ عاما من عرضه الأول، وطوال هذه العقود اعتبر من الأفلام المفقودة.

وتم العثور عليه فى السينماتيك الفرنسى فى باريس، وقام ورثة شركة بهنا فيلم بتقديم العرض وكل ما نشر عنه طوال ٧٠ سنة كان ترديدا لمعلومات وآراء نشرت هنا وهناك عن العرض الأول، وأضاف إليها من أضاف وحذف منها من حذف، مثل الحكايات الفولكلورية، كما تردد أن أغانى الفيلم من تأليف خليل مطران وعباس العقاد، بينما تذكر عناوين الفيلم أنها من تأليف خليل مطران وحده

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً