جاءت كلمات طارق عامر محافظ البنك المركزي خلال الاجتماعات السنوية البنك الإفريقى للتنمية، لتؤكد أمام الدول الإفريقية على نجاح إجراءات الحكومة في برنامج الإصلاح الاقتصادي، عن طريق اتخاذ خطوات جادة من أجل تضافر جهود المؤسسات التمويلية والسلطات الرقابية، لتحقيق التقدم، كما أكد مصر لنقل وتصدير خبرتها في برنامج الإصلاح لإفريقيا.
ولكن تلك الكلمات الرنانة التي اعتادنا كل صباح على تداولها في وسائل الإعلام المختلفة، فماذا عن نحاج مصر في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وهل نحجت الحكومة في تنيفيذه؟ ، ما يجعلها تملك القدرة على نقله لتلك الدول.
جاء تحقيق برنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر وسط حالة من الضبابية الكبيرة للاقتصاد المصر، من تراجع معدلات الصادرات وتراجع الإحتياطي الأجنبي، كما ارتفعت معدلات التضخم، وكذلك مختلف المؤشرات الاقتصادية لمصر، وهو الأمر الذي جعل من الاقتصاد على حافة الهاوية، وكان لابد من الاتجاه نحو الاقتراض من الخارج، وهو ما قامت الحكومة بتنفيذه من خلال التوجة نحو صندوق النقد الدولى، عن طريق اقتراض نحو 12 مليار دولار، ما استلزم فرض العديد من الإجراءات الاقتصادية والمعيشية الصارمة، من أجل محاربة عواقب تلك الإجراءات، وتبع ذلك ارتفاع العديد من المؤشرات السلبية، بالرغم من وجود بعض الإيجابات، إلا أن ذلك يهدد القدرة المالية لدي مصر خلال المرحلة المقبلة، وهو ما نستعرضه خلال التقرير التالي:
مصلحة الضرائب: نعمل على وضع آلية مناسبة للتعامل مع إعلانات جوجل وفيس بوك
ارتفاع الديون الخارجية :
وكشف البنك المركزي المصري، عن ارتفاع ديون مصر الخارجية لـ 9. 82 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2017، نظرا لزيادة كل من صافي المستخدم من القروض والتسهيلات بنحو 9. 2 مليار دولار، وأسعار صرف معظم العملات المقترض بها أمام الدولار الأمريكي بنحو مليار دولار.
وتوسعت مصر من الإقتراض الخارجي خلال العام الماضي، بصورة كبيرة، حيث حصلت على الديد من القروض الخارجية، من بينها قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 6 مليار دولار على 3 شرائح، وتسعي حاليا للحصول على الشريحة الرابعة، حيث زارت بعثو النقد الدولى مصر في الفترة من 2 إلي 17 مايو للمراجعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، كما حصلت على قرض بنحو 1.5 مليار دولار من البنك الإفريقي، كما حصلت مصر على القرض الأخير من البنك الدولي 1.25 مليار دولار من إجمالي القرض الذي وافق عليه البنك الدولي بقيمة 3.15 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات، حيث سددت العام الماضي نحو 30 مليار دولار التزمات مالية، ما يضع الاقتصاد المصري في بوتقة الخطر، وحذرت تقرير مؤسسة موديز للتصنيف الإئتماني من وجود مصر بين 7 دول مهددة بخطر الديون.
طارق عامر: الاحتياطي النقدي الأجنبي يغطى 9 أشهر من الواردات
فوائد الديون
حيث أعلنت وزارة المالية عن ارتفاع أعباء خدمة الدين العام الحكومي لـ 315.8 مليار جنيه للفوائد، و270 مليار جنيه لسداد الأقساط، وتمثل هذه النسبة 44.5% من جملة مصروفات الموازنة العامة للدول، فيما أشار البنك المركزي المصري، على أن إجمالي خدمة الدين الخارجي، بلغ 6. 8 مليار دولار خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2017 (الأقساط المسددة نحو 5. 7 مليار دولار، والفوائد المدفوعة نحو 1.1 مليار دولار)، مضيفا أن نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت 1. 36.
وسجلت فوائد الديون المقررة علي مصر، ارتفاعا تاريخيا لأول مرة بنحو 42.1% بالموازنة الجديدة، حيث وصلت إلى نحو 541.3 مليار جنيه خلال العام المالي المقبل، مقارنة بنحو 381 مليار جنيه بموازنة العام المالي الجاري، وهو ما يعبر عما جلبته مصر من تنفيذها لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
معدلات البطالة وهم:
وأعلنت وزارة التخطيط عن انخفاض معدل البطالة لأقل مستوياته منذ أربع سنوات ليصل إلى 10.6٪ خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي 2017/2018، حيث من المتوقع أن يستمر الانخفاض التدريجي ليصل إلى 10.4% خلال العام ذاته ليستمر في الانخفاض إلي حوالي 8.5٪ بحلول عام 2021/2022.
وهو ما نفاه الخبير الاقتصادي شريف الدمرادش، قائلا" أرقام الحكومة بخصوص البطالة وهم كبيرة، فمازلت هناك الكثير من العاطلين، ومازل هناك معاناة كبيرة للمواطنين من جراء برنامج الإصلاح الاقتصادي، فالمواصلات في ارتفاع مستمر، والأسعار نار، ولكن الأجور لا أحد يسمع لها صوت، ساكنه لا تتحرك، ما جعل العديد من المواطنين يتركون أعمالهم، لعدم استطاعتهم على تحمل نفقة أسرهم، واتجهوا نحو التجارة في الممنوع، من أجل القدرة على مواصلة التعامل مع المعاناة المستمرة.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلي أن كذلك هناك كثيرا من المواطنون يعملون بأكثر من عمل لكي يتغلبوا على ارتفاع الأسعار، فمعدلات البطالة، مازالت مرتفعة، قد تصل لنحو 28%، موضحا أن ذلك نتيجة لقرارات الإصلاح الاقتصادي التى تنفذها الحكومة، ما تسبب في ارتفاع معدلات البطالة؛ نظرا لخروج عدد من المصانع العاملة داخل مصر، وتدني مستوى الأجور.
وأوضح الدمردادش، أن الحكومة قامت بتحديد العديد من الإختبارات لدي العاملين بالجهاز الإداري للدولة، من أجل الإطاحة ببعضهم، وذلك لتنفيذ جزءا من تعليمات برنامج الإصلاح الاقتصادي، فمازلت الإجراءات تسير بطريقة غير سليمة، ما جعل المواطنين يشعرون بالضيق من تلك السياسات، التي تعتمد على الجباية، من فرض ضرائب علي المصانع وعلى المباني السكنية، وارتفاع لأسعار الخدمات، وفرض رسوم إضافية، وبالرغم من كل تلك الإجراءات الصعبة، إلا أن الوضع مازل سيئا للغاية.
هل تدفع تعديلات عوائد شهادات الإستثمار في البنك الأهلى لمزيد العملاء؟
القدرة التصنيعة والتصديرية:
واجهت مصر العديد من التحديات خلال المرحلة الماضية، من بينها حظر العديد من المنتجات الزرعية المصرية، بسبب ضعف الأداء الرقابي على الصادرات، واستغلال المصدرين لتلك الثغرة، واختراقها، ما كلف مصر خسائر تقدر بالملايين، ليس ذلك فحسب، فالمصانع المغلقة، تمثل أزمة كبيرة أمام الاقتصاد المصري، وقوة خارقة وتحديا كبير أمام برنامج الإصلاح الاقتصادي، فبالرغم من ارتفاع القروض الكبيرة التي تعتمد عليها مصر، إلا أن المصانع المغلقة مازلت أزمة وقوة خانقة للاقتصاد المصري، لم تتخذ الحكومة إلا عدد من المحاولات الضعيفة، التي لا ترتقي لمستوي تلك الطاقة الهائلة، التي إذا ما تم إستغلالها بشكل سليم، حققت لمصر طفرة كبيرة في الاقتصادي، وكذلك القدرة التصدرية، فهما مرتبطين ببعضهم البعض.
من جانبه قالت مصادر بصندوق دعم الصادرات، أن الصادرات المصرية تراجعت خلال العام الماضي، على عكس تصريحات وزارة التجارة والصناعة، حيث تراجعت الكمية المصدرة من السلع والمنتجات بنحو 15%، نظرا لارتفاع الأسعار العالمية للمنتجات، وحركة الإصلاح الاقتصادي، وتحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار.
وأضافت مصادر في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن التحدي الأكبر الذي يواجه الصادرات المصرية هو حصول قلة من كبار رجال التصدير واستحواذهم علي دعم الصندوق خلال الفترة الماضية، ويصل عددهم نحو 15 محتكرا، من أصل أكثر من نحو 1900 شركة أخري، مشيرا إلى ضرورة ضبط العملية التصديرية، وتوزيع الدعم المقدم بعدالة التوزيع، من خلال دعم صغار المصدرين، أكثر من كبارهم، كما أن الوضع داخل صندوق دعم، يسير بحالة من الضبابية، والعشوائية، الأمر الذي قد يعطي آثارا عكسية على حركة الصادرات المصرية، ولا يحقق الخطط المستهدفة من زيادة الصادرات.